ورشة في المركز الثقافي: التنوع والإبداع ضمانة للتعايش الإيجابي بين المجتمعات

مشاركون في ورشة العمل بالمركز الثقافي العربي أول من أمس-(تصوير: ساهر قدارة)
مشاركون في ورشة العمل بالمركز الثقافي العربي أول من أمس-(تصوير: ساهر قدارة)

عمان-الغد- قال رئيس المركز الثقافي العربي الروائي جمال ناجي إنّ التنوع الثقافيّ يعدّ واحداً من القضايا الثقافية المعاصرة التي تشغل المؤسسات الثقافية الوطنية والدولية بوصفه ضمانة للتلاحم الاجتماعي المرتكز على التعايش الإيجابي بين المجموعات ذات المرجعيات الثقافية المتنوعة في المجتمع الواحد. اضافة اعلان
وأضاف في كلمته الافتتاحية في مقر المركز لورشة "التنوع الثقافي والإبداع" بحضور مندوب وزير الثقافة غسان طنش يوم أمس، أن "مفهوم التنوع الثقافي يستمد أهميته من مميزات يميز الثقافة الإنسانية من اختلاف وتنوع كبيرين يظهران بجلاء في تعدد المعتقدات والعادات والتقاليد والأعراف وقواعد السلوك واللغة والدين والفنون والتقنيات والسياسات وغيرها".
وأشار الى أنه قد بدأ العمل على وضع تلك الوثيقة منذ العام 1968، بعد أن تنبهت المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) إلى خلو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من الجوانب الحقوقية والحمائية المتعلقة بالثقافة، غير أنها لم تتمكن من إصدار "مشروع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الثقافية" إلا في العام 1998. 
واعتبر أن هذا التنوع بات الآن مهددا بالاضمحلال بسبب الزحف المديني الذي يأتي على حساب التنوع في الأرياف والبادية، وبسبب الانتشار السريع لثقافة العولمة التي تشكل تحديا كبيرا لبقاء التنوع الثقافي ولتطوره، "ما يتطلب أشكالا جديدة من الحماية والتطوير، خصوصا في مجال السياسات والتشريعات المتعلقة بحرية التعبير وإسهامات التراث في التنمية وفي إثراء الهوية الثقافية الوطنية والإنسانية العامة".
بدوره قال المحامي والكاتب جمال القيسي في ورقة قانونية بحثية لافتة بعنوان "التنوع الثقافي وإعلان اليونسكو- قراءة في إعلان اليونسكو للتنوع الثقافي" إن الثقافة الوطنية لدينا هي المكتسبات الحقيقية المتجذرة في المجتمع الأردني من خلال قيمه العليا التي نشأ عليها أفراده بصورة غاية في الفرادة والتميز؛ بسبب التشكل الفسيفسائي الذي انبثقت عنه صورة المجتمع، ضامة بين جنباتها الأصول العربية كافة.
وأضاف "لأن المجتمع الأردني على درجة متميزة من الغنى في "الثقافات الشعبية" التي لا بد أنها ترفد المكنون الداخلي الثقافي لكل شعب، فإن الحفاظ على هذا التنوع يعد بمثابة ما نبتلي به من ضرورة القيام بالواجب الوطني والنفسي والاجتماعي للحفاظ عليه من أية أخطار خارجية، وفي الوقت ذاته تكريسه وتأييد حضوره الإقليمي والعالمي".
وذهب القيسي الى أن ما ينطبق على التنوع الثقافي العالمي من ضرورة الدفاع عنه، والحفاظ عليه كأساس لحفظ "النوع" والاستمرار كما التنوع في الطبيعة أو البحر "ينطبق تماما على حالة التنوع الثقافي في هويتنا الثقافية الأردنية بدون الوقوع في منزلقات الانغلاق والجمود".
وأضاف أن العولمة بمعناها السلبي المهيمن كاتجاه أول هي "إقصاء للآخر، وتذويب لموجودات هويته وصهرها في بوتقة الآخر القوي اقتصاديا والممسك بخيوط الخروج والدخول الى بوابات التقدم أو الانغلاق على الآخر دائما"، متابعا "لذا فإن الانطلاق من التأسيس الى منظومة تفاهم وطنية تشترك فيها المؤسسات الرسمية المعنية بالثقافة والهيئات الثقافية عامة هو بمثابة واجب يقع على عاتق المثقفين كافة وفئة الشباب وهو واجب أخلاقي كي لا نقول جرس إنذار" .
 وبين القيسي أن الاتجاه الثاني للعولمة هو ما عبر عنه إعلان اليونسكو للتنوع الثقافي العام 2002 والداعي الى التركيز على القواسم المشتركة بين الأمم واحترام الاختلافات، معتبرا الرهان على تعزيز التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات رهانا أساسيا لعمل اليونسكو في ميدان الثقافة".
بدوره، قال الشاعر حكمت النوايسة في ورقة بعنوان "التنوع الثقافي - المفهوم وتجلياته في البناء والهدم"، إن التنوع الثقافي يشير إلى اتسام الثقافة البشرية بسمة التنوع والاختلاف؛ "فالحضارة الإنسانية منقسمة في فعاليات متنوعة تتمثل في تعدد المعتقدات وقواعد السلوك واللغة والدين والقانون والفنون والتقنية والعادات والتقاليد والأعراف والنظم الاقتصادية والسياسية".
وأكد أن التنوع "سمة أزلية خلاقة، وهي الأساس في الوجود الإنساني، إذ إنه من الصعب تصوّر الحياة بلون واحد أو نمط واحد أو لغة واحدة أو دين واحد؛ لأن التنوع هو الذي يعطي هذا الوجود مذاقة وألوانه، والضد يظهر حسنه الضدّ، وفق قول الشاعر، ففي الوقت الذي يدفع فيه التنوع إلى التمايز، نجد أنّه يدفع إلى الانسجام؛ وذلك برسم ملامح اللوحة الكلية، التي لن تكون لوحة ما لم يزيّنها تعدد الألوان".
 فيما رأت الدكتورة لينة عوض أنه من اللحظة التي يتم فيها "تعيين الـ(نحن) مقابل الـ(هم) في أي سياق من السياقات الثقافية تتم الإحالة إلى مرجعية (محددة) جامعة عند طرف الثنائية الأول على نحو يوحي بتعيين واضح لهوية تقوم عليها فكرة تلاقي مجموعة بشرية ما تحت مظلة مشتركة من الخصائص الثقافية في مقابل عزل الآخرين وإقصائهم باعتبار أن هذه الخصائص لا تشملهم بالضرورة؛ وتتحدد بناء على ذلك بفعل الإقصاء والاختلاف.