ورقة سياسات: اعتماد الأردن نهج الاقتصاد الأخضر ما يزال متأخرا

دخان ملوث للبيئة ينبعث من مدخنة أحد المصانع في عمان-(أرشيفية)
دخان ملوث للبيئة ينبعث من مدخنة أحد المصانع في عمان-(أرشيفية)
فرح عطيات عمان - أظهرت ورقة سياسات متخصصة أن “اعتماد الأردن لنهج الاقتصاد الاخضر ما يزال متاخرا بسبب التحديات التي يواجهها في قضايا الإنفاذ، والتنسيق بين مختلف الهيئات الحكومية ذات الصلة، رغم إعداده للسياسات، والإستراتيجيات، والأنظمة، والقوانين الداعمة للقطاع الصناعي منخفض الكربون، ولا سيما في مجال صناعة الإنشاءات. وشددت نتائج الورقة، التي أعدها المجلس الأردني للأبنية الخضراء، وبالتعاون مع مركز المشروعات الدولية الخاصة، والصادرة مطلع الشهر الحالي، على “ضرورة تبني الحكومة لإستراتيجية خضراء في صناعة الإنشاءات لما لها من تأثيرات إيجابية تتمثل في خلق أسواق، وفرص عمل جديدة، وتعزيز الازدهار البيئي عن طريق الحد من انبعاثات غازات الدفيئة”. وتلك الخطوة، وفق ما جاء في الورقة، التي حملت عنوان “تسهيل نمو الاقتصاد الأخضر في صناعة الإنشاءات”، “ستدعم الدولة في الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، والتي تتطلب تحديثًا لأجزاء من البنية التحتية التنظيمية الحالية لمواكبة التحديات التي تتطلبها مرحلة التعافي الاقتصادي من آثار جائحةكورونا، مع تسهيل الوصول إلى التمويل لتنفيذ مشاريع الصناعة الخضراء، وبناء القدرات المطلوبة أيضًا لتسريع النمو من خلال توفير قوة عاملة ماهرة”. وفي عام 2016، بلغت مساهمة انبعاثات الغازات الدفيئة (GHG) في الأردن 24.35 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، والتي تشكل 0.07 ٪ من الانبعاثات العالمية، إذ نتج حوالي 4.77 مليون طن من القطاع الصناعي، ونحو 2.70 مليون طن نتجت عن التصنيع والبناء. وحددت الورقة جملة من التوصيات، وفي عدة محاور، من أبرزها دعوة “الحكومة لإدخال بعض التحسينات في السياسات المتبعة حالياً، والتركيز فيها على تعزيز، ودعم تنفيذ مفاهيم صناعة الإنشاءات الأخضر، وأدواتها ومحركاتها وذلك بالتعاون والشراكة مع مؤسسات القطاع العام من وزارات ومؤسسات دولية لها دور أساسي في وضع الأسس المتعلقة لدعم القطاع، وتطوير آلية للحوافز في هذا القطاع لجذب الاستثمار في إنتاج مواد بناء منخفضة الكربون”. وتشمل مثل هذه التدخلات السياسية “تفعيل المزيد من آليات للسيطرة على التلوث البيئي في نقاط التأثير المختلفة، من خلال رفع تكلفة الأنشطة كثيفة الانبعاثات، وخفض تكلفة البدائل ذات الانبعاثات المنخفضة، مع تزويد المنتجين، والمستهلكين بحافز مالي لاعتماد النهج الثاني”. وقد “تتضمن هذه الأدوات الضرائب والرسوم، والإعانات، واستخدام أنظمة التجارة لمكافحة التلوث، أو فرض ضريبة الكربون على انبعاثات غازات الدفيئة المنبثقة عن إنتاج السلع، والخدمات، والتي تهدف إلى خفض المستويات الضارة، وغير المواتية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مما يبطئ من تغير المناخ، وآثاره السلبية على البيئة وصحة الإنسان”. وتبعا لما ورد في الورقة، التي حصلت “الغد” على نسخة منها، فإنه “يمكن ومن الأفضل في حال تنفيذ هذه الضريبة, أن يتم العمل بها جنبًا إلى جنب مع الإعانة الخضراء المقدمة للمستهلكين الذين يرغبون في الاستثمار في تكنولوجيا، ومواد المباني الخضراء، أو الدعم المقدم للصناعة المحلية لتنفيذ تكنولوجيا احتجاز الكربون”. وفي ذات السياق دعت التوصيات لـ”اعتماد ما يسمى بـ Cap & Trade، وهو مصطلح شائع لبرنامج تنظيمي حكومي مصمم للحد من المستوى الإجمالي لانبعاثات معينة، لا سيما انبعاثات غازات الدفيئة، بسبب النشاط الصناعي”. ووفقا لهذا النهج “يقترح أن تطلق الحكومة عددًا محدودًا من التصاريح السنوية للشركات التي ستسمح لها بإصدار كمية معينة من انبعاثات غازات الدفيئة، بحيث يعتبر إجمالي هذه الكمية المسموح بها “الحد الأقصى” للانبعاثات، وفي حال تجاوزها سيتم فرض ضرائب على الشركات إذا أنتجت كميات أعلى من الانبعاثات التي تسمح بها تصاريحها”. ومع ذلك، “يمكن للشركات التي تقلل الانبعاثات أن تبيع، أو تتاجر بالتراخيص غير المستخدمة لشركات أخرى، بحيث سيؤدي هذا النهج إلى تشجيع الشركات، والصناعات من القطاع الخاص على الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة (على سبيل المثال، تكنولوجيا التقاط الكربون وتخزينه)، حيث تصبح أرخص من شراء، وحدات غازات الدفيئة”. وأكدت نتائج الورقة أن “الحكومة وضعت قواعد مكثفة تهدف إلى تعزيز النمو الأخضر في مختلف القطاعات مثل القطاع الصناعي، لكن هذه اللوائح تواجه حواجز البيروقراطية، وتوافر الموارد”. ولتحسين فعالية الأدوات المستندة إلى السوق الموصى بها، “ينبغي النظر في قائمة الجرد الوطنية لانبعاثات غازات الدفيئة للقطاع الصناعي، والصناعات الإنشائية، وإنشاء آلية لإعداد التقارير بالتعاون مع قطاع الصناعات الإنشائية في الأردن، وجميع أصحاب المصلحة المعنيين مثل نقابتي المهندسين، والمقاولين الأردنيين، ووزارة الأشغال والإسكان”. وبالإضافة إلى “التغييرات في السياسات، يجب تسهيل الوصول إلى التمويل للمباني الخضراء، سواء المتعلق بالتصميم أو البناء أو الصيانة، والذي سيؤدي ذلك إلى تعزيز، ودعم تنفيذ استراتيجيات الصناعة الخضراء في الأردن، وتشجيع التحول، وتطوير العرض، والطلب على المواد والمنتجات منخفضة الكربون”. ولتسهيل انتقال قطاع البناء إلى نموذج اقتصادي أخضر، هناك حاجة إلى دعم حكومي كافٍ، وهذا يتطلب تنسيقًا فعالًا بين جميع الوكالات الحكومية ذات الصلة وفي شكل فريق عمل حكومي للبناء الأخضر، ومكلف بخلق أوجه تآزر بين مختلف الوكالات الحكومية ذات الصلة، ووضع خطط، وأنظمة، وسياسات شاملة لتحقيق انتقال أسرع وأكثر فاعلية إلى البيئة الخضراء. يعتبر القطاع الصناعي من القطاعات الحيوية في الأردن، حيث يساهم بحوالي ربع الاقتصاد الوطني بنسبة 25 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تساهم صناعة الإنشاءات بنسبة 13.1 ٪ من إجمالي مساهمة القطاع الصناعي

إقرأ المزيد : 

اضافة اعلان