وزارة الصحة والأطباء المقيمون والتعليم الطبي المستمر

د. أحمد العرموطي*

يلعب التعليم الطبي المستمر دوراً أساسياً برفع سوية العاملين في القطاع الطبي، بمختلف التخصصات، ما ينعكس إيجاباً على المرضى ومستوى الخدمة المقدمة لهم، فكلما تحسنت معرفة الطبيب زاد إتقانه لعمله بكلفة أقل وبزمن أقل، مما ينعكس على الاقتصاد الوطني وموازنات المستشفيات بأثر إيجابي ويعمل على توفير الأموال المطلوبة.اضافة اعلان
لذلك نجد أن الدول المتقدمة والمتطورة تعتبر التعليم الطبي المستمر موضوعاً مهماً وأساسياً ترعاه الدولة بقطاعاتها كافة، وتطلب من كل العاملين حضور عدد معين من المحاضرات العلمية والعملية والمشاركة بحضور مؤتمرات طبية متعددة سنوياً، وقد يتطلب الأمر تقديم امتحانات عامة مبسطة لتقييم المستويين العلمي والعملي للعاملين بالقطاع الطبي.
ونجد الأردن قد أخذ مكانة علمية طبية متميزة في الشرق الأوسط والوطن العربي وأصبح ملاذاً لعشرات الآلاف من المرضى العرب وغير العرب للعلاج في الأردن، ما أسهم بشكل إيجابي في الاقتصاد الوطني من خلال ما يصرفه المريض غير الأردني خلال إقامته وعلاجه في الأردن. واستطاع الأردن المحافظة على هذا المستوى المتقدم والمتطور، لكن برزت دول منافسة عدة له على مستوى الوطن العربي أو مستوى الإقليم، وتزداد هذه المنافسة حدة مع الأيام من حيث الأسعار أو الميزات التي تقدمها الدول المنافسة للأردن لاستقطاب هؤلاء المرضى.
ولما كانت وزارة الصحة هي المسؤولة عن قطاع الصحة بشكل عام سواء أكان ذلك في القطاع العام أو الخاص، لذلك تقع عليها مسؤوليات كبيرة ومتعددة بهذا المجال، وهي تتلخص في الجوانب الآتية:
أولاً: دور الرقابة والمتابعة للمستشفيات والمراكز الطبية ومدى التزامها بمعايير السلامة ومعايير تقديم الخدمة الطبية.
ثانياً: تطوير المستوى العلمي للأطباء والكوادر التمريضية والكوادر المساعدة من خلال التعليم الطبي المستمر أو من خلال إعطاء الأطباء فرصة الحصول على الإقامة في أحد التخصصات التي يرغبون بها.
ثالثاً: متابعة وتطوير التعليم الطبي المستمر من خلال المجلس الطبي الأردني ومعادلة الشهادات الطبية والصيدلانية الممنوحة للزملاء من خارج الأردن، ولما كانت وزارة الصحة هي القطاع الأوسع والأكبر في الأردن، فعليها واجب توفير فرص الحصول على الاختصاص من خلال قبول الأعداد المناسبة من الأطباء وتسيير سبل الحصول عليها لأن هذا التدريب يرفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين ويحسن مستوى مقدمي الخدمة الصحية.
رابعاً: برزت في الآونة الأخيرة مشكلة عقود الأطباء المقيمين الذين يقبلون الإقامة في مستشفيات الوزارة من حيث القيمة المرتفعة للعقود والسنوات التي سوف يقضونها في الوزارة بدل قبولهم في برنامج التدريب للاختصاص.
فإذا كانت وزارة الصحة مسؤولة عن المستويين التعليمي والعملي للأطباء والكوادر الصحية في الأردن، فلماذا لا تعطي (الفرصة) لكل طبيب أو ممرض يرغب بالاختصاص داخل الأردن بدون شروط تعجيزية لأن مصلحة البلاد تستدعي ذلك لأن:
1 - تدريب الأطباء والكوادر الصحية يرفع ويحسن من مستوى مقدمي الخدمة الطبية.
2 - ينعكس إيجاباً على المرضى وسمعة الأردن الطبية.
3 - يعطي هؤلاء الكوادر فرصة العمل خارج الأردن، مما يسهم في دعم الاقصاد الأردني.
4 - يسهم باستقطاب عشرات الآلاف من المرضى من خارج الأردن.
والطبيب، خلال فترة تدريبه، يقدم خدمات طبية ويقوم بسد فراغ بدل أطباء عامين ولا يأخذ بدل ذلك أي زيادة على راتبه.
والسؤال الذي يجب أن تسهم فيه كل القطاعات الطبية في الأردن هو لماذا لا نضع برنامجاً وطنياً على مدى 10 الى 15 سنة لتحويل كل الأطباء العامين الى اختصاصيي طب أسرة سواء أكانوا في القطاع الخاص أو القطاع العام من خلال برنامج تدريب مفتوح ومرن وبدوام محدد لا يعيق العمل في عيادة الطبيب في القطاع الخاص أو القطاع العام؟.
ولماذا لا نعطي الفرصة لكل من يرغب بالاختصاص الفرصة بدون عقبات أمامه؟

*نقيب الأطباء الأسبق