"وسط البلد": ملاذ المواطنين والسياح للتسوق في قاع المدينة

متسوقون بوسط البلد في عمان - (تصوير: محمد مغايضة)
متسوقون بوسط البلد في عمان - (تصوير: محمد مغايضة)

حلا أبوتايه

عمان- رغم كل ما اعتراها من تغييرات (إيجابية وسلبية)، ما تزال وسط البلد ملاذا لجميع شرائح المجتمع الأردني والسياح والمغتربين.اضافة اعلان
ففيها التسوق، وفيها ذاكرة المكان والزمان، وفيها يمكن كذلك التمتع والاسترخاء بما تبقى من أجواء العراقة، بعيدا عن المولات والزحام.
واعتادت أم وليد على التسوق من مكانها المفضل "وسط البلد" منذ ان كانت طالبة في المدرسة في منتصف السبعينيات.
غير أن انشغالات أم وليد حدت من تسوقها في وسط البلد، إلا ان ذلك لا يعني انها في مناسبات محددة تذهب قاصدة للتسوق منها، سيما أن العديد من أصحاب المحلات هناك يعرفونها تمام المعرفة ويقدمون لها السعر التفضيلي إلى جانب الاتصال بها في حال وجود قطع جديدة في محالهم.
وتؤكد ام وليد انها كانت تتسوق لأولادها عندما كانوا صغارا من وسط البلد، لكن ابنيها وبنتيها اليوم يفضلون التسوق في المولات أكثر.
أم عدنان كذلك تلجأ لشراء ملابسها من إحدى الأسواق القديمة، سيما أثناء المناسبات، فالقطع المعروضة هناك بحسب رأيها تتناسب مع متطلباتها وقدرتها الشرائية.
وتشير أم عدنان إلى أن ابنتها تشبهها إلى حد ما، فلا يمضي أسبوع إلا وقد ارتادت وسط البلد واشترت نواقصها من الحاجيات، فضلا عن الجلوس في المقهى المفضل لديها هناك برفقة العائلة أو الأصدقاء.
ويشكل وسط العاصمة عمان، أو ما يعرف بـ "وسط البلد" ملاذا لكافة شرائح المجتمع الأردني ووجهة سياحية لكل زائر للعاصمة.
ويعتبر وسط البلد مركز عمان الاقتصادي والتجاري منذ مطلع القرن الماضي حتى بداية الثمانينات، في ظل تنوع المحال التجارية والمطاعم والأسواق، واحدى المحطات السياحية في المملكة بوجود المدرج الروماني وغيره من المرافق السياحية.
ولم يقض انتشار المراكز التسويقية في مختلف مناطق العاصمة على وسط البلد، لكنها قلصت من زخم الحركة الشرائية والتسوّق في المكان العريق. ومنذ التسعينيات بدأت تنتشر المراكز التجارية في العاصمة في شقيها الشرقي والغربي، ثم بدأت المولات مع مطلع الألفية الثالثة، فخبا وهج وسط البلد لكنه صمد في وجه الحداثة التي ميزت باقي المراكز التجارية عنه.
وبحسب تجار وأصحاب مطاعم في وسط البلد، أكدوا وجود زبائن "أوفياء" لم يضرهم انتشار المراكز التجارية في أماكن متعددة.
ويقول صاحب مطعم في وسط البلد، محمد فراعنة، والمشهور لدى زبائنه بأبي يوسف، إن "محله لا يخلو من المرتادين والحمدلله"، معمما ذلك على بقية المطاعم والمحال في وسط البلد.
ويبرر أبو يوسف وجود زبائن "أوفياء"، على حد وصفه في وسط البلد، بأن أي مركز مدينة في الدول كافة يحظى بخصوصية وعلامة فارقة لها علاقة بالتاريخ والتراث والتي لايمكن لأي إنسان التجرد منها بل على العكس.
ويبين أبو يوسف ان مرتادي وسط البلد يتنوعون بين الفقراء والأغنياء والمثقفين والناس العاديين، لافتا إلى أن أكثر زبائن محله هم من الشخصيات المثقفة والتي ترى في وسط البلد ملاذا للخروج من الحياة الحديثة.
ويضيف أبو يوسف أن السياح كذلك يبحثون عن تراث أي بلد يزورونها، مشيرا إلى أنهم يقيمون في فنادق الخمس نجوم في العاصمة غير أنهم يسألون عن مركز قاع المدينة لدى وصولهم إلى المملكة.
ويقول صاحب محل "للجلابيات" في الصويفية، محمد غميره، أن هناك سيدات يأتين إلى المحل بدافع شراء "الجلابية" والتي باتت تشكل موضة لدى النساء صغارا كن ام كبارا غير انهن يصدمن بغلاء السعر لدينا ليتهامسن مع بعضهن "ما إلنا إلا وسط البلد".
ويتوقع غميره أن يكون الدافع الذي اتى بالسيدات على هذا المحل هو القرب وسهولة الشراء مقارنة بوسط البلد والذي تعاني فيه السيدة تحديدا من التجول والشراء.
ويقول غميره مازحا "سأقوم بوضع أسعار قطع المحل على باب المجمع حتى أوفر على السيدات عناء صعود الدرج للوصول إلى محلي"، مشيرا إلى أن أقل سعر لديه يبدأ من 200 دينار، فيما هناك "جلابيات" تباع في أسواق وسط البلد الشهيرة بـ50 دينارا أو أقل، مشيرا إلى أن نوعية وموديل القطع في محله تختلف عن ما يباع في وسط البلد.
وبقي وسط البلد مميزا في أنواع معينة من البضائع، احتضنتها اسواقها المتعددة مثل سوق البخارية وفيلادلفيا والبلابسة والبازارات والأقمشة، نتيجة انخفاض أسعارها بسبب تدني الكلف التي يتحملها اصحاب المحلات هناك، مقارنة بتجار المولات والمراكز التجارية في عمان الغربية.