وصفة للتعامل مع بكاء الرضيع

1664276300698143700
1664276300698143700
من أصعب اللحظات التي تواجهها كل أم هي إسكات طفلها عندما يبكي، والشعور بالقلق والخوف والإزعاج يكون سائدا في عقل كل أم، لماذا يبكي؟ هل هو جائع؟ مريض أم متعب أم يريد جرعة من الحنان؟ رصد الباحثون البيانات السلوكية والفسيولوجية للطفل الرضيع في أثناء النوم واليقظة والبكاء، وانتهوا إلى أن حمله والسير به 5 دقائق يساعده على التوقف عن البكاء من خلال قياس ضربات القلب، والذي أتاح للباحثين رصد تأثير كل نشاط أثناء التعامل مع الأطفال. بكاء الرضع ليس مجرد سيلانا للدموع أو أصواتا تصدر دون سبب، بل رسائل يريد الطفل الرضيع إيصالها إلى من حوله على طريقته الخاصة، ربما أراد بها التعبير عن شعوره بالجوع أو الألم، أو رغبة في “الهدهدة”، أو بحثًا عن الشعور بالحنان، وهي رسائل قد يعجز الآباء عن فك طلاسمها. المعتقدات عن بكاء الأطفال “خاطئة”.. هذه حقيقة ما يحدث من هنا تأتي أهمية الدراسة التي نشرتها دورية “كارانت بيولوجي” (Current Biology)، وأجراها فريق من الباحثين في مركز رايكن لعلوم الدماغ؛ حيث استهدف الباحثون تقديم ما اعتبروه “وصفة علمية تساعد الأطفال على التوقف عن البكاء”. توضح الدراسة بالتفصيل كيف يتأثر الأطفال عند البكاء من الناحية الفسيولوجية من خلال حركات الأبوين، مثل الإمساك بهم أو حملهم أو وضعهم في وضع الاستلقاء، وتوفر الدراسة “تقنية بسيطة ولكنها مجانية وفعالة، تزيد من احتمالات حصول طفلٍ يبكي على قدرٍ من الهدوء والنوم في سريره، وفق البيان الصحفي الذي حصلت مجلة “للعلم” على نسخة منه. تقول كومي كورودا- الباحثة في مركز رايكن لعلوم الدماغ باليابان، والباحثة الرئيسية في الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: “عندما يعاني الوالدان من صعوبات في بكاء الطفل ونومه، خاصة في منتصف الليل، فإنهما يحملان الطفل مدة 5 دقائق باعتبار ذلك وسيلة مجانية وآمنة”. في الواقع، يعبر كثير من الآباء عن شعورهم بالإحباط وعدم الراحة عند التعامل مع طفلٍ يبكي، وللتعامل مع مثل هذه المواقف، تتبع الباحثون مجموعة من الفئران الصغيرة والأطفال الرضع، وتوصلوا إلى ما وصفوه بـ”استجابة الحمل” عند البكاء؛ إذ يهدأ الصغار عندما تحملهم أمهاتهم. تضيف “كورودا”: استجابة الحمل عبارة عن سلسلة معقدة من العمليات البيولوجية المتوازية التي تؤدي إلى انخفاض حدة بكاء الطفل وانخفاض معدل ضربات القلب، مما يساعد الآباء على التعامل مع الرضع. استخدم الباحثون “مخطط كهربية القلب”، الذي يقيس النشاط الكهربائي في القلب، ويعطي معلومات حول مسارات القلب الكهربائية ومعدل سرعة القلب ونظمه، واستخدموا أيضًا كاميرات فيديو لتتبع العلاقة بين تغيرات معدل ضربات القلب وسلوك الرضع تتبعًا منهجيًّا؛ إذ مارست الأمهات أنشطةً تستخدم عادة لتهدئة الأطفال، تتضمن الحمل والدفع في عربة الأطفال والإمساك بهم في أثناء الجلوس، وتم تسجيل البيانات الخاصة بأنشطة الأطفال الذين كانوا يبكون أو مستيقظين وهادئين أو نائمين، وفي كل نبضة قلب، تم تقييم سلوك الرضيع على أنه نائم، أو متيقظ، أو يبكي، وتم تسجيله وفقًا لذلك، وبهذه الطريقة تتبع الباحثون التغيرات التي تطرأ على سلوك الرضيع ووظائف أعضاء الجسم بدقة شديدة في زمن أقل من الثانية. تقول كورودا: “أظهرت التجارب بعض النتائج المهمة، منها أن حمل الطفل الرضيع والسير به لمدة خمس دقائق يعزز النوم عندما تنتابه حالة من البكاء، والمثير للدهشة أن هذا التأثير كان غائبًا عندما كان الأطفال هادئين بالفعل مسبقًا، ومن بين الأطفال الذين خضعوا للدراسة، توقف جميع الأطفال عن البكاء بنهاية المشي لمدة خمس دقائق وانخفض معدل ضربات القلب، ونام نصف الأطفال تقريبًا”. وتوضح الدراسة أن قياس ضربات القلب أتاح للباحثين رصد تأثير كل نشاط –حتى لو كان ضئيلًا- في أثناء التعامل مع الأطفال، وأن الأطفال كانوا شديدي الحساسية إزاء جميع الحركات التي صدرت عن أمهاتهم، فعلى سبيل المثال، ارتفعت نبضات قلب الأطفال عندما استدارت أمهاتهم في أثناء السير أو عندما توقفن عن المشي، لكن أهم حدث أزعج الرضع النائمين تمثل في تلك اللحظة التي انفصلوا فيها عن أمهاتهم”. تقول كورودا: تضع الدراسة يدها على مشكلة يعانيها كثير من الأمهات اللاتي يشعرن بخيبة أمل عند استيقاظ أطفالهن بعد محاولات مضنية لمساعدتهم على النوم، ويجب على الأمهات اتباع بعض النصائح، مثل الإمساك بجسم الطفل بإحكام، وخاصةً منطقة الرأس حتى لا تهتز، إضافةً إلى حمل الرضيع لمدة 5 دقائق مستمرة وتجنب المنعطفات الحادة أو التوقفات غير الضرورية وعدم الركض أو القفز، واستخدام الساعة لقياس الوقت، وإذا استمر الطفل في بكائه بعد انقضاء الدقائق الخمس، يمكن مواصلة التجربة لمدة خمس دقائق أخرى، ولكن بعد 10 دقائق يجب أن تتوقف الأم عن السير وأن تتحقق من صحة الطفل وملاحظة ما إذا كان يعاني من طفح جلدي، أو حمى، أو التهاب في الأذن الوسطى، أو الجوع أو غير ذلك من الأسباب، مع ملاحظة أن ما بين 20 % إلى 30 % من الأطفال يبكون على نحوٍ مفرط دون أسباب طبية، ونعمل حاليا على تطوير جهاز يمكن أن يرتديه الأطفال بحيث يتيح للوالدين تتبع الحالة الفسيولوجية لأطفالهم. وحول إمكانية تطبيق هذه النتائج على مجتمعات أخرى، تقول كورودا: “لم نختبر ذلك على وجه التحديد، لكن حوالي نصف المشاركين كانوا من القوقازيين، والبقية كانوا من الآسيويين، ولم نلاحظ فرقًا كبيرًا بينهم، ومع ذلك فإن معتقدات الوالدين والأعراف الثقافية تختلف اختلافًا كبيرًا فيما بين المجتمعات؛ ففي بعض الأماكن، يعتقد الناس أن تهدئة الطفل الباكي عن طريق الإمساك به أمر من قبيل التدليل غير المناسب، وفي أماكن أخرى، يعتقد الناس أن بكاء الرضيع يجب معالجته على الفور بحمل الرضيع أو إرضاعه رضاعةً طبيعية أو تحقيق أي شيء يريده، وقد تؤثر هذه الخلفيات على النتائج التي توصلنا إليها”. الصيدلي ابراهيم علي ابورمان/وزارة الصحةاضافة اعلان