وعد بلفور.. دعوة للوحدة فقط!

محمود خطاطبة قبل أيام، وبالتحديد في الثاني من شهر تشرين الثاني الحالي، مرت الذكرى الـ105 للوعد المشؤوم (بلفور)، والذي تم بموجبه منح أراضي فلسطين العربية إلى الحركة الصهيونية، على مرأى ومسمع دول العالم أجمع، في صورة، ما تزال حتى يومنا هذا وكأنها تُقونن وتُشرعن أقدم وآخر احتلال على وجه الكرة الأرضية. لن أخوض في هذه الكلمات بالتأشير على ما عاناه الأشقاء الفلسطينيون، الذين قُتل عشرات الآلاف منهم بدم بارد على يد آلة البطش الصهيونية، وهُجر الملايين منهم، ولا كذلك بحقهم بإقامة دولتهم المُستقلة وعاصمتها القدس.. فتلك قضايا فُندت على أيدي الكثير من الكُتاب ومراكز الدراسات والأبحاث، وكذلك بيانات وتصاريح التنديد والاستنكار، التي باتت عبارة عن موشح يومي، يسمعه المواطن العربي ويعيشه. سأتطرق إلى مقولات وتصاريح لرئيس أعظم دولة في العالم، تُنادي بحقوق الإنسان وإحقاق العدالة ونشر الديمقراطية، وأقصد هُنا الولايات المُتحدة الأميركية، ثم لرأس الهرم في منظمة الأمم المُتحدة، ورئيسة وزراء دولة بريطانيا، صاحبة ذلك «الوعد»، الذي ينم عن ظلم وقهر وعدم إنسانية، وبعيد كُل البُعد عن الأخلاق. فها هو الرئيس الأميركي، جو بايدن، وقُبيل ذكرى ذلك الوعد المشؤوم، بخمسة أيام، وخلال استقباله رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، يؤكد «لو لم تكن إسرائيل موجودة، لكان علينا اختراعها».. وللعلم، فقد خرج بايدن، في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان عضوًا بمجلس الشيوخ الأميركي، بتصريح مُشابه لذلك، ومفاده «لو لم تكن إسرائيل موجودة في المنطقة، لأوجدناها، لكي تحمي مصالحنا». بالمُقابل، اكتفى أمين عام مُنظمة الأمم المُتحدة، انطونيو غوتيريش، بدعوة المُجتمع الدولي إلى إنهاء أزمة تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، حيث كان خجولًا في التطرق إلى ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.. بينما كان أكثر حدية وجدية وواقعية بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، إذ قال «ضم أراضي دولة من قبل دولة أخرى باستخدام التهديد أو القوة ينتهك ميثاق الأمم المُتحدة». وقبل ذلك، كانت رئيسة وزراء بريطانيا المُستقيلة، ليز تراس، تُهدد بأنها ستنقل سفارة بلادها من تلك أبيب إلى القدس، في صورة تؤكد أن هذه الدولة غير نادمة على «وعد» قطعته منذ أكثر من قرن من الزمان. تلك تصاريح، تؤكد أن بني يعرُب بعيدون كُل البعد، عن تحرير أو استرجاع أراضي فلسطين العربية، إذا ما تم الاعتماد فقط على أعظم دولتين في العالم خلال الوقت الراهن، والمُنظمة الأُممية، التي يعلم الجميع، ومنذ زمن بعيد، بأنها تكيل بمكيالين، خصوصًا إذا كان أحد أطرافها عربا أو مُسلمين. لا نُريد من بريطانيا، تقديم اعتذارات أو تبريرات.. لكن ما نُريده هو أن يعلم أبناء جلدتنا أن خلاصنا وتحريرنا، يكون من خلال الاتحاد أو الوحدة، وهُنا أقصد الوحدة بين العرب أنفسهم، وبين الفصائل الفلسطينية، فضلًا عن تقديم كُل أشكال الدعم إلى الفلسطينيين، الذين أصبحوا غير راغبين، ولا مُهتمين أو مُتطلعين، لما يصدر من بيانات شجب أو استنكار، لا تُسمن ولا تُغني من جوع. لا نُريد من الولايات المُتحدة الأميركية أي وقفات «ورقية»، حتى أننا أصبحنا لا نُبالي من «الفيتو» عندما يصدر أي قرار يُدين الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، في مُنظمة وجدت بالأساس لإحقاق العدل وإنصاف المظلوم.. نُريدها فقط أن توقف دعمها المالي والعسكري لدولة بني صهيون، التي باتت سمتها الأساس، القتل بدم بارد، والتباهي بذلك. أما آن للعرب، أن يتوفقوا عن عقد آمال على دول، تنصر، وبكل ما أوتيت من قوة ومال، كيانا مُغتصبا لأراض عربية، بلا خجل أو وجل.. أما آن للأشقاء الفلسطينين أن ينهوا أي انقسام فيما بينهم ويتحدوا. المقال السابق للكاتب اضافة اعلان