"وعود" أولويات الحكومة

عمل رائع قام به رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، يوم الاثنين الماضي، بالإعلان عن إطلاق أولويات الحكومة للعامين 2019 و2020، وما أسماه بأنه خطوة أولى على طريق مشروع "النهضة الوطني".اضافة اعلان
لكن الرئيس الرزاز لم يضع آلية واضحة لتنفيذ تلك الأولويات أو ذلك "المشروع"، ونخشى أن تبقى كسابقاتها مجرد وعود أو أوراق تدفن في أدراج مكتبه، أو قد تكون مجرد ذر للرماد بالعيون.
هناك عدة نقاط تدعو للشك بجدية هذه الأولويات، أولها أن هذه الحكومة عمرها لن يتجاوز الـ17 شهرا، كون الدورة العادية الرابعة والأخيرة لمجلس النواب ستنتهي مع نهاية شهر نيسان 2020، وبالتالي سيتم حل مجلس النواب، والدستور يقضي برحيل الحكومة التي تحل مجلس النواب خلال أسبوع.
ثاني تلك النقاط، تأكيد الرئيس الرزاز توفير 30 ألف فرصة عمل إضافية للأردنيين، لكنه لم يفصح إن كانت هذه الوظائف ستكون في القطاع العام، وفي حال كانت كذلك لم يتم الإفصاح عن ميزانية رواتب هذه الوظائف وخاصة أن موازنة الدولة المالية لعام 2019 ستتقدم بها الحكومة خلال أيام إلى مجلس النواب.
إلى جانب أن الحكومة ملزمة وفق هذا التصريح أو التأكيد توفير تلك الفرص الوظيفية خلال 17 شهرا فقط، أي بمعنى أدق 1765 فرصة عمل كل شهر... فهل تقدر على ذلك؟
أما إذا كانت هذه الوظائف في القطاع الخاص، فالجميع يعلم ومتيقن بأن ذلك ليس إنجازا أو انتصارا للحكومة، وإن كان كذلك بالنسبة للقطاع الخاص، الذي يقع على عاتقه هذه الأيام، مهمة صعبة، فهو واقع ما بين مطرقة الخوف من التصفية والإغلاق وما بين سندان الاستغناء عن موظفين وعاملين لديه جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
أما النقطة الثالثة، فهي تتعلق بإطلاق برنامج "خدمة وطن" لتدريب وتأهيل 20 ألف شاب وشابة من الخريجين ورفد سوق العمل بهم.. ومرة ثانية لم يفصح الرئيس الرزاز عن التكلفة المالية لهذا البرنامج ومن أين سيأتي بموازنة له؟، وبالأخص إذا ما علمنا أن هناك برنامجا مشابها تشرف عليه القوات المسلحة الأردنية -  الجيش العربي يُسمى بـ"الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب"، قاربت تكلفته الـ20 مليون دينار.
وكأن لسان الحال يشير إلى أن هذا المشروع أو البرنامج جديد من نوعه، علما بأنه مُقام منذ العام 2007.. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا "لماذا يتم صرف ملايين الدنانير على برنامج ، يوجد مثيل له، لا بل وقائم ويؤدي نفس الغرض والهدف؟".
النقطة الثالثة، تتمحور حول الإعلان عن أنه سيتم شمول 80 % من المواطنين بمظلة التأمين الصحي.. مع العلم أنه وقبل نحو ثلاثة أعوام قال وزير الصحة الأسبق علي حياصات "إن نسبة الأردنيين المشمولين بتأمين صحي تبلغ حوالي 87 %".
في الوضع الطبيعي، تزداد أعداد من هم مشمولون بالتأمين الصحي عاما بعد عام، أما أن تتناقص، فهذا أمر غير طبيعي، ويؤكد بأن هناك خللا واضحا.. فبحسب تصريح الرئيس الرزاز هناك نحو 423 ألف مواطن، أي ما يُعادل حوالي 7 % من المواطنين الأردنيين، "قد ألغي التأمين الصحي لهم".
أما النقطة الرابعة، فتتعلق بإنشاء 120 مدرسة جديدة.. فرغم أهمية ذلك، إلا أن الأهم منها هو تحسين المدارس الموجودة في مختلف مناطق المملكة، وخصوصا تلك في القرى والمخيمات والبوادي.
من المعلوم أن تكلفة إنشاء أي مدرسة تتراوح في حدها الأدنى ما بين 1.5 و2 مليون دينار، وبحسبة بسيطة تصل تكلفة إنشاء 120 مدرسة إلى ما يُقارب الـ200 مليون دينار.. ونتوقع بأن هذا المبلغ قادر على تحسين التعلم والتعليم بشكل عام في مدارسنا وخاصة المرحلة الأساسية التي هي الأهم في العملية التعليمية ككل. 
الحكومة تؤكد أن الأولويات ستركز على المشاريع والبرامج التي ستنعكس بشكل مباشر وأساسي على حياة المواطن.. ولا نعلم كيف سيتم ذلك؟، وآخر دراسة أجريت حول الفقر وأصحابه في المملكة قد تمت في العام 2010.
كيف لحكومة تصرح ليل نهار وبكل مناسبة، أنها ستحمي وتحافظ على كرامة الفقراء وتحصن الطبقة الوسطى، وتقدم خدمات أساسية نوعية لهم كالصحة والتعليم والنقل.. وهي لم تجهد نفسها، لا بل وترفض، عمل دراسة حول الفقر ومستوياته، والتي هي الأساس في كل ذلك.