وفاة الطفلة سدين: لا أحد مذنب "إلا الإهمال"

نادين النمري

عمان- تعقد اليوم، جلسة أمام محكمة صلح جزاء إربد، لقضية ملابسات وفاة الطفلة سدين الفسفوس (9 أعوام)، والتي توفيت نتيجة مضاعفات تضخم حجرات الدماغ، وفق محامي أسرتها أمجد بني هاني، الذي بين أنه ستتقدم اعتراضا للمحكمة، على تقرير الخبرة الطبية وتقديم طلب مطالعة خطية.اضافة اعلان
وقال بني هاني لـ"الغد" إنه وعبر المطالعة، سيطالب باستدعاء أعضاء اللجنة لمناقشتهم حول محتوى التقرير.
ووفقه، وهو محامي فريق منظمة النهضة العربية "أرض"، فإن تقرير الخبرة الطبية الصادر عن وزارة الصحة، وبرغم "إقراره بحدوث تأخير وإهمال تسبب بوفاة سدين، لكنه كان مبهما وعاما، في حين اكتفى بالقول إنه لا خطأ من الطبيب المشرف عليها".
وأشار بني هاني الى التأخير بإصدار التقرير، لافتا الى أن المحكمة حولت الملف الى لجنة الخبرة الطبية قبل عام ونصف، لكن صدوره تأخر لهذه الفترة بسبب جائحة كورونا.
وقال "لا يعقل، انه في وقت يقر فيه التقرير بوجود خلل في الاجراءات، بالإضافة للإهمال والتأخير ألا يحمل المسؤولية لأي طرف".
من جانبها قالت وسام الفسفوس والدة سدين لـ"الغد" إن التقرير وبرغم اعترافه بالتقصير لكنه "أضاع الطاسة" فلم يحدد من المسؤول عن وفاة ابنتنا، مضيفة "تعبنا. 4 سنوات بنستنى من لما توفيت البنت بالتقرير، والنتيجة لا أحد مذنب!".
وبينت الأم " ابنتي عند رب العالمين وهو ارحم بها، لكن المحزن أنه بعد سدين، توفي أطفال آخرون لعدم توفر الامكانيات والرعاية الطبية وصعوبة الحصول على الاعفاء".
وأضافت "حاليا أعاني المعاناة ذاتها، مع ابني في الذهاب من مستشفى الى مستشفى، ومحاولة الحصول على تأمين أو اعفاء لعلاجه".
وختمت "اللي معه بعيش وبتعالج، واللي ما معه بموت، وما حدا بتحاسب عموته" متسائلة "لو بنتي بنت مسؤول أو وزير أو نائب شو كان رح يصير؟".
وكان التقرير في النتيجة التي تضمنها قال "يتحمل مسؤولية ذلك، اي شخص او جهة او هيئة او مؤسسة، ثبتت مشاركته/ مشاركتها في قرار عدم اجراء صورة طبقية في مستشفى الاميرة بسمة في الوقت المناسب لأسباب مالية، ومن جهة ثانية عدم استقبال المتوفاة في مستشفى الملك عبدالله المؤسس في الوقت المناسب، الا بعد اجراء التسوية المالية، الشيء الذي ادى الى سوء المعالجة والتدبير للمريضة سدين سامي الفسفوس والتأخير بتأمين المعالجة الفضلى لها في الوقت الأفضل".
وأضاف التقرير "حيث ترى اللجنة أن مشكلة تأمين التغطية المالية، كان العائق الرئيس أمام متابعة الإجراءات العلاجية المطلوبة للطفلة سدين في الوقت المناسب، وان هذا يعتبر اهمالا وتقصيرا من قبل المستشفيات المعنية".
المديرة التنفيذية لـ"ارض" سمر محارب، علقت على قرار اللجنة مبينة، انه برغم عدم تحميل التقرير المسؤولية لجهة محددة، لكنه دان المنظومة الصحية العامة.
وأوضحت محارب ان "قرار لجنة الخبرة، اشار الى مسألة مهمة جدا، تتعلق بكل النظام الصحي ومنظومة الاعفاءات وقدرة المجتمع بفئاته المختلفة على التمتع بالحق في الصحة والعلاج، في ظل هذه التشوهات في المنظومة الصحية".
وأكدت أنه "لا بد من الاشارة الى دور المساءلة القانونية والمتابعة لقضايا الخطأ الطبي، لاستكشاف مكامن الخلل والتصدي لها، مشيرة الى دور مؤسسات العون القانوني وتخصصها في هذا المجال، لضمان - على الاقل - نوعا من الرقابة والمتابعة في قضايا الخطا الطبي في الحالات التي أتعرض لها الفئات المهمشة والأقل حظا".
وأضافت أنه "لا بد ان تكون هذه القضية وغيرها من القضايا، مدعاة لتحرك رسمي وشعبي لإصلاح المنظومة الصحية، والالتفات للتأمينات الصحية للأطفال وكبار السن، حسب ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية".
وأوضحت محارب، أن "ما نص عليه التقرير يشكل تحديا للسير في اجراءات القضية واثبات الإدانة، لكنه في المقابل قد يكون مدعاة لنوع من التقاضي الاستراتيجي والضغط الرسمي والشعبي، لفرض المساءلة وإحقاق العدالة للطفلة سدين وغيرها".
وكانت الطفلة سدين، دخلت الى مستشفى الاميرة رحمة في نهاية نيسان (إبريل) 2017، وهي تعاني من صداع شديد وارتفاع في درجات الحرارة وقيء، وتأخر تشخيصها بإصابتها بتوسع في حجرات الدماغ، وبسبب عدم توافر الامكانات في المستشفى، توجب نقلها الى مستشفى الملك عبدالله المؤسس، لكن النقل تعذر لعدم التمكن من الحصول على اعفاء، وكونها غير مشمولة بالتأمين الصحي، اذ يغطي التأمين الصحي الحكومي الاطفال دون سن الـ6 أعوام فقط، ولا يشمل تغطية الاطفال الاكبر سنا، لتتوفى دماغيا بعد 5 ايام من دخولها لمستشفى الاميرة رحمة، ولتتحول بعدها لمستشفى الملك المؤسس كحالة طارئة، برغم وفاتها دماغيا.
وكانت قضية الطفلة سدين، أثارت الرأي العام بعد تسريب مقاطع فيديو لها، يظهرها وهي تتألم جراء ما لحق بها من المرض، في حين اعتبر خبراء أن ما حصل معها، يعد خرقا لأهم حقوق الإنسان، وهو الحق بالحياة والرعاية الصحية، بالإضافة إلى أن قضيتها تكشف الخلل في أهم ضمانات العدالة الاجتماعية والقانونية، كونها توفيت نتيجة لعجز عائلتها المادي، وجراء الآليات القانونية المعقدة للحصول على الاعفاءات في مثل هذه الحالات الطارئة، وغياب التأمين الصحي الشامل.
ولم تكن حالة الطفلة سدين الاخيرة لحالات وفاة الاطفال، نتيجة عدم توافر العلاجات في المستشفيات الحكومية، اذ سلط الاعلام الضوء على عدة وفيات لأطفال جراء غياب ضعف الخدمات الصحية وعدم توافرها، وشهد العام 2018 كذلك وفاة الطفل جاد العموري ابن الشهرين، بعد 18 يوما قضاها في مستشفى البشير، بانتظار حصول عائلته على تحويل طبي له الى مدينة الحسين الطبية، لإجراء عملية قلب مفتوح.