وفاة كل يومين وإصابة كل 40 دقيقة ناشئة عن العمل

رسم تعبيري لإصابة عمل - (أرشيفية)
رسم تعبيري لإصابة عمل - (أرشيفية)

رانيا الصرايرة

عمان - يشير تقرير جديد صادر عن منظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية إلى أن الأمراض والإصابات المرتبطة بالعمل تسببت بوفاة 1.9 مليون شخص، في حين تشير أرقام مؤسسة الضمان الاجتماعي إلى أن حوادث وإصابات العمل التي يجري الإبلاغ عنها في الأردن، تتراوح سنوياً بين 14 إلى 15 ألف إصابة، بمعدل واحدة كل 40 دقيقة تقريباً، كما تقع وفاة ناشئة عن إصابة عمل كل يومين.اضافة اعلان
أما التقرير الجديد الذي تم الإعلان عنه مساء أول من أمس في المؤتمر العالمي للسلامة والصحة في العمل الذي يعقد كل ثلاث سنوات منذ العام 1955، وهو منتدى دولي فريد من نوعه يجمع ما يقرب من 3,000 خبير في مجال السلامة والصحة وصناع القرار في مجال الضمان الاجتماعي والقطاع العام، وممثلين عن أصحاب العمل والعمال من جميع أنحاء العالم، بما فيها الاردن، فيحمل عنوان ""تقديرات مشتركة عن عبء الأمراض والإصابات المرتبطة بالعمل".
ويبين التقرير ان الأمراض غير المعدية تقف وراء 81 % من الوفيات، وأن من أكبر أسباب الوفيات مرض الانسداد الرئوي المزمن (450,000 حالة وفاة)، والسكتة الدماغية (400,000 حالة)، وأمراض نقص التروية (350,000 حالة)، فيما تسببت الإصابات المهنية بـ19 % من الوفيات (360,000 حالة).
ويقول إنه "لأمر مروع أن نرى هذا العدد الكبير من الأشخاص تقتلهم وظائفهم بالمعنى الحرفي للكلمة، وتقريرنا هذا بمثابة صرخة تحذير إلى البلدان والشركات لتحسين وحماية صحة العاملين وسلامتهم عبر تجسيد التزاماتهم بتوفير تغطية شاملة لخدمات الصحة والسلامة المهنية"، محذرا من أن "الأمراض والإصابات المرتبطة بالعمل ترهق النظم الصحية، وتقلل الإنتاجية، وقد تترك آثاراً كارثية على دخل الأسرة".
بدوره يقول خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي إنه يسجّل في الضمان ما بين 13 ألف - 16 ألف حادث عمل سنويّاً، مؤكدا مسؤولية المنشآت عن تطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية، وتوفير أدواتها في مواقع العمل.
وشرح الصبيحي أن قانون الضمان الاجتماعي، على غرار قانون العمل، يطالب المنشآت العاملة في مختلف القطاعات بتوفير أدوات السلامة والصحة المهنية وتطبيق شروطها.
وعن العقوبات التي تفرض على المنشآت المخالفة، فيشير إلى أنه في حال وقوع إصابة عمل وثبت أنّها وقعت بسبب مخالفة المنشأة لشروط ومعايير السلامة والصحة المهنية وعدم توفيرها لأدواتها، تتحمّل المنشأة كافة تكاليف العناية الطبية للمؤمن عليه المصاب من علاج وإقامة في المستشفى، ونفقات انتقال من السكن او مكان العمل الى جهة العلاج والعودة منه، وتكاليف الخدمات والتجهيزات التأهيلية اللازمة.
ومن العقوبات أيضا، رفع نسبة الاشتراكات المترتبة على المنشأة عن تأمين إصابات العمل من 2 % لتصبح 4 % كحد أعلى من أجور المؤمّن عليهم العاملين لديها وفقاً لمستوى تقييم مؤسسة الضمان لمدى التزامها بشروط ومعايير السلامة والصحة المهنية، فإذا تم تقييم مستوى التزام المنشأة بأنه "طبيعي" أي أخذت علامة 80 % فأكثر فلا يُزاد عليها شيء، وفق الصبيحي.
ويضيف: "أما إذا كان تقييم المنشأة دون الطبيعي، أي أخذت علامة تتراوح من 80 % إلى 50 %، فتُرفع عليها الاشتراكات بنسبة 1 % لتصبح 3 % من أجور العاملين، أما إذا كان تقييم المنشأة في المستوى "الحرج"، أي أقل من 50 % فتُرفع عليها اشتراكات تأمين إصابات العمل بنسبة 2 % لتصبح 4 %".
وقال الصبيحي: "علينا كمنشآت وأفراد عاملين أن نلتزم بالقاعدة الذهبية التي تقول (الوقاية خير من العلاج) و (درهم وقاية خير من قنطار علاج)، وهذا لا يعني أن العلاج غير مهم، لكن لنتذكر بأن من أسباب الوقاية، توفير الرعاية الصحية الأولية والفحوصات الدورية للعاملين، وتحديد مخاطر المهنة وتعريف العاملين بها، وتدريبهم على مختلف وسائل وطرق الوقاية".
من جانبه، يؤكد الناطق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي شامان المجالي تحمّل صاحب العمل لغراماتٍ في حال عدم إشراك العاملين لديه بالضمان الاجتماعيّ، في حين اعتبرت المادة 100 من قانون المؤسسة عدم إشراكهم "جرمًا بحق صاحب العمل".
ويبين أنَّ الضمان يقتطع ما نسبته 2 % بدل إصابة عمل، تقوم المنشأة بدفعها عن كل عامل مُقابل شموله بتأمين إصابات العمل، ويشمل هذا كل العاملين في القطاع الخاص والمشمولين بقانون العمل، مؤكدًا قيام المؤسسة بتعديل نظام الشمول الذي كان يقوم على أساس شمول العامل المرتبط بمنشأة؛ ليصبح إلزاميًّا شمول العاملين بالحرف والمهن والتعامل مع كلٍ منهم وكأنه منشأة بنفسه، وتطمينهم من خلال عدم دفعهم أقساطا بحجم ما تدفعه المنشأة.
ويشير المجالي إلى ضرورة شمول العاملين بالضمان؛ لتأمين الحماية لهم، خاصةً وأنَّه بعد تعرض العامل لإصابة ترسل المؤسسة إشعارًا للضمان الاجتماعيّ، الذي يرسل بدوره إشعارًا إلى معظم مستشفيات المملكة الموقع معها اتفاقياتٍ؛ لعلاج العُمال.
وتبنت منظمة العمل الدولية أكثر من 40 معيارًا متخصصًا في موضوع السلامة والصحة المهنية، إضافة إلى أكثر من 40 مدونة ممارسات، بل إن ما يقرب من نصف أدوات المنظمة تتعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع قضايا السلامة والصحة المهنية.
وتناول العديد من التشريعات موضوع الصحة والسلامة المهنية، بدءًا من الدستور، وقانون العمل، وقانون الضمان الاجتماعي، وقانون الصحة العامة، إضافة إلى العديد من الأنظمة والتعليمات والقرارات ذات العلاقة، مثل نظام العناية الطبية والوقائية والعلاجية للعمال في المؤسسات، ونظام الوقاية والسلامة من الآلات والماكينات الصناعية ومواقع العمل، ونظام تشكيل لجان ومشرفي السلامة والصحة المهنية وغيرها من التعليمات والقرارات.
وقال تقرير صادر عن جميعة تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان إن الجمعية رصدت عدداً من إصابات العمل داخل المنشآت، حيث تبين من المشاهدات أن تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية تتفاوت، إلا أن ضعف تطبيق هذه المعايير يكثر في القطاع الخاص مقارنة مع القطاع العام، حيث إن الشكاوى والملاحظات الواردة إلى فريق تمكين تركزت في القطاع الخاص، ما يشير إلى أن تطبيق معايير السلامة العامة تضعف فيه، كذلك فإن طبيعة العمل في هذا القطاع خاصة في قطاع الصناعة ووفقاً للرصد، أكثر خطورة من العمل في القطاع العام.
وقال التقرير إنه يتبين من خلال الحالات الواردة، أن هنالك مؤسسات توفر أدوات الصحة والسلامة العامة، الا أنها لا تتطابق مع المواصفات والمقاييس الدولية، وبعض المنشآت لا توفر الحماية الكاملة للعاملين على الرغم من أهميتها وإسهامها في تخفيض الخسائر في الأرواح والأموال، بحيث تتهرب الكثير من المؤسسات من مسؤولياتها تهرباً من دفع التكلفة المالية المرافقة لتطبيق شروط السلامة والصحة المهنية وشراء أدواتها.
ولفت إلى عدم وجود وسيلة للتأكد من الأرقام المتعلقة بإصابات العمل أو الوفيات الناتجة عنها، لعدم توفر قواعد بيانات إحصائية شاملة ودقيقة حول حوادث وإصابات العمل والأمراض المهنية في الأردن من ناحية، ولعدم شمول هذه الأرقام لجميع الإصابات الحاصلة فعلياً في سوق العمل الأردني؛ لأن هذه الأرقام تعكس فقط الحوادث والإصابات التي حصلت في المؤسسات المسجلة تحت مظلة الضمان الاجتماعي وقامت بالإبلاغ عن الإصابات.
وأوضح أن ذلك لا يشمل عشرات آلاف العاملين في الاقتصاد غير المنظم، أو من يعمل في قطاعات منظمة إلا أنهم غير منظمين لأنفسهم أو غير مسجلين في الضمان، وبالتالي فإن المؤشرات الرقمية التي توفرها المؤسسة، لا تعكس واقع حوادث وإصابات العمل والأمراض المهنية على أرض الواقع. وعليه فإن من المهم الوقوف على أسباب الإصابات وتحليلها لتكون هنالك قاعدة بيانات إحصائية شاملة تحوي في طياتها عدد إصابات العمل والأسباب المؤدية لذلك والقطاعات مع شرح مفصل، لوضع استراتيجيات وحلول للحد من وقوع الإصابات.
وألزم قانون الضمان الاجتماعي في المادة 33، المنشأة التي يثبت أن إصابة العمل التي وقعت فيها كانت بسبب عدم توفيرها لشروط وتدابير السلامة والصحة المهنية، بأن تتحمّل جميع تكاليف العناية الطبية للعامل المصاب، وأجاز لمؤسسة الضمان ممثلة بمجلس إدارتها، بزيادة نسبة اشتراكات تأمين إصابات العمل من 2 إلى 4 في المائة من أجور العاملين حدّاً أعلى، تبعًا لتقييم المؤسسة ومدى التزامها بتوفير وتطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية.
كما أنَّ إصابات العمل تنتج غالبًا بسبب غياب وعي العمال وأصحاب العمل بأهمية توفير أدوات السلامة العامة والالتزام فيها، وعدم تدريب العمال بشكل دوري على أدوات السلامة في أماكن العمل، وعدم توفير معدات الوقاية الشخصية للعامل خاصة في الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب عدم وجود أقسام ومشرفي سلامة عامة في أماكن العمل.