وفرة في الشوارع وشح في المستشفيات

قال لي أحد الزملاء وكنا يومها نناقش موضوع علاج الألم الناجم عن بعض الأمراض المزمنة كالسرطان، أنه من الأسهل أن تحصل على مسكنات الألم من مورفين وأشباهه في شوارع وازقة مدن الدول النامية من أن تجده في صيدليات المستشفيات في هذه الدول. اضافة اعلان
لقد شهد العالم في الفترة الأخيرة نقصا حادا في المواد المخدرة الطبية، نجم عن مزيد من الإجراءات الرقابية التي فرضتها الدول مؤخراً للسيطرة على فوضى وصف هذه المواد للمرضى، فقد أدى الاسراف في وصف هذه الادوية الى ما بات يعرف في الاوساط الطبية بِ "أزمة او وباء المواد المخدرة" حيث تشير التقديرات إلى أن الجرعة الزائدة الناجمة عن المورفين الطبي تتسبب سنويا بثلاثين ألف وفاة في الولايات المتحدة وحدها، مما دفع الجهات الرقابية الأميركية إلى إصدار قوانين وتعليمات جديدة أكثر صرامة على صناعة ووصف هذه المواد.
وفي نفس الوقت تعاني الدول المتقدمة من تخمة في استهلاك الادوية المخدرة تعاني الدول النامية من نقص شديد في هذه الادوية حيث يستأثر 16 % من مواطني الدول المتقدمة بـ90 % من انتاج العالم من المورفين الطبي بينما يحرم المرضى في الدول النامية من هذه الادوية وسط عدم اكتراث من قبل الجهات المعنية بأهمية هذه المشكلة كما لو كان الالم قدرا محتوما على المريض.
يحتاج معظم المرضى الذين يدخلون المستشفيات سواء بسبب أمراض مزمنة كالسرطان وغيره أو حادة كحوادث السير والأزمات القلبية والعمليات الجراحية إلى جرعات من المواد المخدرة وبالتالي فإن النقص الحاصل في هذه المواد سيتسبب بمعاناة كبيرة لمعظم المرضى، لكن على الجانب الآخر فإن التعاطي بتساهل مع وصف هذه الأدوية سيؤدي إلى الإدمان حيث يقدر عدد المدمنين على هذه الادوية على مستوى العالم بالملايين.
نحن هنا نوازن بين نقيضين ولا حل إلا من خلال ضبط عملية وصف هذه المواد من خلال دلائل إرشادية وتوعية الأطباء وتدريبهم على الاستخدام الرشيد لهذه الأدوية، وسن قوانين تنظم عملية وصف هذه الأدوية شريطة ان لا تؤدي إلى احجام الاطباء عن وصفها عند الحاجة وفي نفس الوقت البحث عن ادوية بديلة لا تؤدي إلى الإدمان.