وقت الحكومة الضيق أمام نيران الأزمة

 يعاني الاقتصاد الأردني من ارتفاع عجز الموازنة والدين العام وكلفة خدمته في مقابل تراجع تدفقات رأس المال المباشرة وغير المباشرة وتراجع الصادرات والمستوردات وارتفاع نسبة العاطلين عن العمل وانخفاض تحويلات العاملين في الخارج وتراجع الطلب المحلي وأرباح الشركات، ما سيخفض مجمل الإيرادات العامة.

اضافة اعلان

وقد تم إقرار موازنة العام 2010 من قبل الحكومة السابقة، التي قالت إنها موازنة تقشفية، بينما جاءت حكومة جديدة الآن أتمنى أن تكون لها رؤية أكثر وضوحا وحركة أسرع لتضع خطة مواجهتها منذ اللحظة لتمرس وزير ماليتها وعمق خبرة نائب رئيس وزرائها في الملف الاقتصادي.

فالاتحاد الأوروبي مثلا مهموم مثلنا بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على مجمل دوله، وهو ينصت لوقع أصدائها في اليونان التي يتداول على حكمها التيار اليميني والتيار الاشتراكي الأوروبي، لكن ما يشغل بال سياسييها ومواطنيها على السواء الآن آثار الأزمة على حياتهم ومستقبلهم ومن يتولى ذلك.

ووصل ما اقترضته الحكومة اليونانية خلال السنة الماضية مبلغ 60 بليون دولار، التي تفيد آخر التقارير أنها بحاجة إلى مبلغ 73 بليون دولار أخرى، بينما تنظر مؤسساتها لكرة الثلج المتدحرجة، التي توشك أن تسحق كل ما يعترضها من حكومة ومواطنين وأسواق واستقرار، وتتعالى الأصوات داخلية وخارجية تحذر من القادم وصوت كرة الثلج يصم الآذان، بينما الحكومة اليونانية، حسب التقارير، ما تزال مترددة حتى الآن في اتخاذ ما هو ضروري لبناء سد أمام الكرة الملتهبة القادمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لعلاج الموقف مما يهدم مصداقيتها وأكثر.

فقد وصل عجز الموازنة اليونانية إلى 7 و12 % من إجمالي الناتج المحلي، هذا بينما معايير العجز المسموح بها ضمن دول الاتحاد تفرض ألا يتجاوز العجز 3 %، وارتفع دينها العام إلى 113 % من إجمالي الناتج المحلي، ويتوقع أن يصل إلى 124 % ليكون أعلى نسبة ضمن دول الاتحاد، ما طرح تساؤلات ما تزال تنتظر الإجابات حول ردود الفعل المتوقعة من دول الاتحاد الأوروبي القوية مثل ألمانيا وفرنسا، فهل ستهب لنجدة الجار والحليف والشريك الاقتصادي، أم أنه سيترك ليواجه مصيره لأنها مشكلة يونانية؟، تماما مثل التصريحات التي أدلى بها وزير المالية الألماني الأسبق عندما انفجرت الأزمة العالمية وسقط بنك ليمان برذرز، عندها قال "إنها مشكلة أميركية عليها أن تجد لها حلا" ليثبت عدم صحة فهمه وقوله عندما وصل لهيب المشكلة الأميركية إلى العالم أجمع.

وما يزيد من خطورة الموقف أن ايرلندا وإسبانيا تمران بحالة مماثلة، ما أجبر الحكومة الأيرلندية على تخفيض أجور ورواتب القطاع العام ومبالغ الضمان التي تدفع للعاطلين عن العمل، هذا بينما وعدت الحكومة الإسبانية باتخاذ إجراءات تقشفية صارمة في موازنة 2010.

إن ما نشاهده في العالم أمامنا يفرض علينا "ألا نركن عصانا" تحت أوهام نهاية الأزمة الاقتصادية العالمية، فهي لم تنتهِ بعد، ودخان نيرانها يزكم أنوفنا، ما يتطلب من الحكومة الجديدة استراتيجية مواجهة سريعة وطويلة الأمد، عمادها السياسة النقدية وأدواتها التي لم تستنفذ دورها بعد، والسياسة المالية وجوهرها ضبط الإنفاق وتعظيم عوائد ما يتم إنفاقه وضبط المؤسسات المستقلة عددا وموازنات وخطة انفتاح على المواطن في قطاعاته المختلفة، لتشركه الحكومة بهمومها كما يشاركها الآن أفراح تشكيلها.

أمام الحكومة الجديدة، قليل من الوقت، ولتتعظ باليونان ودبي وايرلندا وإسبانيا وبتجاربنا، وتبقى العبرة بالنتائج أكثر مما هي بالأشخاص ومدارسهم الفكرية اقتصادية وسياسية، فالظروف استثنائية وتتطلب أداءً كذلك، فلننتظر ونرَ، وأمنياتنا بالتوفيق.

[email protected]