وقفة مع اعتراضات شركات الحج

لم ينته يوما، ولا نتوقع ان ينتهي الجدل حول الخدمات المقدمة للحجاج الأردنيين في كل موسم حج، في ظل تجدد الشكاوى سنويا من مستوى خدمات النقل والإقامة والطعام الموفرة للحجيج بالاراضي المقدسة، فيما تتجدد ايضا التوعدات والتعهدات الحكومية ومن وزارة الاوقاف بالتصدي الحازم لمن قصّر من مقدمي الخدمة وضبط العملية في الموسم اللاحق! اضافة اعلان
يوم أمس، وفيما كان وزير الاوقاف د. وائل عربيات يعلن تفاصيل ترتيبات موسم الحج للعام الحالي وأسماء المرشحين لأداء هذه الفريضة، كان العشرات من اصحاب شركات الحج والعمرة يعتصمون امام مبنى الوزارة احتجاجا على تأسيس شركة تابعة لصندوق الحج والعمرة، وعلى تعليمات واشتراطات جديدة فرضتها الوزارة على الشركات الراغبة بتقديم الخدمة للحجيج.
وبدا لافتا اعتراض أصحاب الشركات على تأسيس شركة تابعة للوزارة باعتباره ضد توجه الدولة لتمكين القطاع الخاص والتعاون معه. وهي حجة وإن بدت منطقية للوهلة الاولى، فانها تتغافل عما سجل ويسجل كل عام من شكاوى وملاحظات على عدد واسع من شركات الحج والعمرة، سواء من ناحية النقل او من ناحية توفير خدمات الاقامة والغذاء والتنقل في السعودية، وترافق كل ذلك بدعوات واسعة من الحجاج والمواطنين والإعلام بضرورة ضبط هذه العملية ومعالجة ما يتعرض له الحجيج من معاناة وظروف صعبة.
قد يكون ما فات أصحاب الشركات أن الحكومة والوزارات المختلفة، ومنها الاوقاف، ليسوا طرفا محايدا بين الشركات ومقدمي الخدمات والمواطنين والصالح العام، فهذه الجهات الرسمية من واجبها الحرص على تنظيم تقديم الخدمات من القطاع الخاص او العام، وان تكون ضامنة لتحقيق مصالح الناس وإنفاذ القوانين والتعليمات والحرص على عدم الحاق الغبن بمتلقي الخدمة.
أعتقد أن تأسيس شركة حكومية، او تابعة لصندوق الحج، للمنافسة على تقديم الخدمات وفق معايير ملتزمة امر يحسّن المنافسة مع شركات القطاع الخاص، والتي لا يمكن ان ينتهي دورها وعملها، وبما يدفع الجميع الى الارتقاء بالخدمات المقدمة للحجيج، ويحد من تكرار المشاكل التي تتكرر كل عام.
كذلك، تنتقد شركات الحج والعمرة التعليمات الجديدة لوزارة الاوقاف، والتي شددت من بعض الشروط وفرضت توفير خدمات افضل للحجاج، من قبيل توفير حافلات نقل مناسبة وسائقين اثنين لكل حافلة، واختيار منطقة قريبة من الحرم المكي بديلا لموقع بعيد نسبيا اعتادت الشركات على اختياره للحجاج الأردنيين، وذلك بدعوى ان ذلك سيرفع من كلفة أداء الفريضة على المواطنين.
قد يكون الرد على مثل هذه الانتقادات هو في العودة الى الانتقادات والشكاوى التي تنهال سنويا وفي كل موسم على أداء العديد من شركات الحج والعمرة، حيث تتركز أغلب الشكاوى على مستوى وسائط النقل والحافلات وبُعد مكان الاقامة عن الحرم في مكة المكرمة مع صعوبة التنقل الداخلي فيها، ما يرتب اعباء ومعاناة واسعة للحجاج، خاصة وأن أغلبهم من كبار السن ممن يعانون من امراض مزمنة وتكاد لا تحملهم أرجلهم.
لا يجوز لوزارة الاوقاف والحكومة المهادنة أو التساهل في حق المواطن بتلقي خدمة مناسبة وعدم المعاناة في موسم الحج مقابل ما يدفع من رسوم وأجرة. ولم يعد مقبولا التساهل او التغاضي عن عدم الالتزام بالاشتراطات والتعليمات الفنية والإدارية الموضوعة لخدمة الحجاج.
نؤيد دعم عمل شركات القطاع الخاص وتسهيل الأمور أمامها، على أن يكون ذلك ضمن الالتزام بالشروط والتعليمات الخاصة بتقديم الخدمات المناسبة، والتي تحددها المؤسسات الرسمية المختصة، باعتبار ذلك واجبها ودورها تجاه المواطن.