وقف إطلاق النار في حلب وإجلاء مقاتلي المعارضة عن المدينة

نزوح بشري داخل مدينة حلب قبل حسم المعارك فيها لمصلحة الجيش .(ا ف ب)
نزوح بشري داخل مدينة حلب قبل حسم المعارك فيها لمصلحة الجيش .(ا ف ب)

بيروت - أعلن مندوب روسيا في مجلس الأمن فيتالي تشوركين، "توقف كل العمليات العسكرية في شرق حلب".
وأفادت مصادر بالمعارضة المسلحة في شرق حلب أن اتفاقاً تم التوصل إليه لخروج المدنيين من شرق حلب، وقالت المصادر إن الاتفاق يشمل أيضاً خروج مقاتلي المعارضة.اضافة اعلان
ويأتي هذا بعد أنباء عن توافق بين الولايات المتحدة وروسيا وقوى إقليمية على خروج المقاتلين من شرق حلب بعد إلقاء سلاحهم.
وكانت جماعات من المعارضة المسلحة قد تحدثت عن مفاوضات مع روسيا لوقف النار في شرق حلب. وأكدت مصادر عسكرية سورية اتفاق وقف النار في شرق حلب.
من جانبه، أعلن مسؤول بالجبهة الشامية أن أول دفعة من المدنيين تغادر شرق حلب خلال ساعات.
من جهته، صرح المبعوث الروسي في الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، أمس، أنه جرى التوصل إلى اتفاق يسمح لمقاتلي المعارضة السورية بمغادرة حلب.
وقال تشوركين للصحفيين: "أحدث ما لدي من معلومات أنهم توصلوا حقاً إلى ترتيب على الأرض يتيح مغادرة المقاتلين للمدينة، مشيراً إلى أن ذلك قد يحدث "ربما خلال ساعات".
وأضاف لدى دخوله اجتماعاً لمجلس الأمن: "ستكون حلب الآن تحت سيطرة النظام، لذلك لا حاجة لمغادرة المدنيين الباقين. هناك ترتيبات إنسانية قائمة. جنودنا الموجودون هناك لا يلاحظون أي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني".
كما لفت إلى أن "الاتفاق خاص بمغادرة المقاتلين. بوسع المدنيين البقاء ويمكنهم الذهاب لأماكن آمنة وبمقدورهم الاستفادة من الترتيبات الإنسانية على الأرض. لا أحد سيؤذيهم".
بدوره، أكد مصدر بالحكومة التركية، أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حلب ويمكن للمدنيين والمقاتلين مغادرة المدينة بحافلات إلى إدلب حتى ليل اليوم الأربعاء.
وأبلغ وكالة "رويترز" أنه سيكون بإمكان مقاتلي المعارضة حمل أسلحة خفيفة بناء على الاتفاق، الذي تم التوصل له بعد مفاوضات بين تركيا وروسيا اللتين ستضمنان تنفيذه.
وقال مسؤول من جماعة لواء السلطان مراد المعارضة السورية لـ"رويترز" بشكل منفصل إن أولى الحافلات ستغادر صباح اليوم الأربعاء.
كما قال فصيل أحرار الشام المعارض في سورية إن جميع المقاتلين والمدنيين المحاصرين في جيب صغير في شرق مدينة حلب سيجلون هذا المساء إلى مناطق تحت سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة في ريف المدينة.
يوشك الجيش السوري على السيطرة على كامل مدينة حلب، في وقت أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء تقارير عن "فظائع" محتملة ارتكبت في حق مدنيين في مناطق سيطرة النظام السوري، وبينهم نساء وأطفال.
واتهمت الأمم المتحدة الاثنين قوات النظام السوري بقتل 82 مدنيا على الاقل، بينهم نساء وأطفال، في أحياء حلب الشرقية التي استعادت السيطرة عليها من مقاتلي المعارضة.
وخلال مؤتمر صحفي في جنيف، قال المتحدث باسم مجلس حقوق الانسان روبرت كولفيل نقلا عن "مصادر موثوقة" إن الضحايا، وبينهم 11 سيدة و13 طفلا، قتلوا "على الأغلب في الساعات الـ48 الماضية" في أربعة أحياء مختلفة من حلب.
واضاف كولفيل "تم إبلاغنا ان قوات النظام تدخل بيوت المدنيين وتقتل الأفراد الموجودين هناك، بما في ذلك النساء والأطفال"، مشيرا إلى أن مكتبه يملك أسماء الضحايا.
وأكد المتحدث أن بعض المدنيين "تمكنوا من الفرار".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اعرب الاثنين عن قلقه إزاء تقارير تتحدث عن فظائع ارتكبت في الساعات الاخيرة في حلب بحق "عدد كبير" من المدنيين.
وجاء في بيان صادر عن المتحدث باسمه أن "الأمم المتحدة تشدد على أن كل الأطراف الموجودة على الارض من واجبها حماية المدنيين والالتزام بالقانون الدولي الانساني وحقوق الانسان"، معتبرا ان "هذا خصوصا مسؤولية الحكومة السورية وحلفائها".
وفي تغريدة على موقع "تويتر"، اعتبر يان ايغلاند الذي يرأس مجموعة العمل حول المساعدة الانسانية في سورية ان "سورية وروسيا يتحملان مسؤولية كافة الاعمال الوحشية التي ترتكبها الميليشيات المنتصرة في حلب". ودعا الى وقف لاطلاق النار "يتيح لنا إجلاء الجرحى والاكثر ضعفا من تحت الحطام في حلب".
في هذا الوقت، يتكدس آلاف المدنيين في حي المشهد واجزاء من احياء اخرى في شرق حلب لا تزال تتواجد فيها فصائل المعارضة، بعضهم لا مأوى له، ينامون في الشارع. ويعاني الجميع من الخوف والجوع.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) الذي يضم مجموعة من المتطوعين في شرق حلب ابراهيم ابو الليث لوكالة فرانس برس الثلاثاء "الجيش سيطر على كل المناطق وصار على بعد مائتي متر منا. نهايتنا تقررت".
واضاف "لماذا نختبئ؟ لا شيء سينفع. نهايتنا الموت أو الأسر".
وكانت اللجنة الدولية للصليب الاحمر حذرت في بيان من أن "مع بلوغ المعركة تصعيدا غير مسبوق وغرق المنطقة في الفوضى، لا يملك الآلاف غير المشاركين في العنف مكانا آمنا يتوجهون اليه"، مضيفة "قد تكون هذه الفرصة الاخيرة لانقاذ الأرواح".
وعملت قوات النظام السوري والمقاتلون الموالون لها صباح الثلاثاء، وفق ما اوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، على "تثبيت مواقعها وتمشيط الاحياء التي تمكنت من السيطرة عليها في الساعات الاخيرة".
وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن عن "عشرات الجثث في شوارع الاحياء الشرقية بسبب القصف المكثف من قبل النظام".
وتناقل ناشطون بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة للدفاع المدني جاء فيها "كل الشوارع والأبنية المهدمة مليئة بالجثث. إنه الجحيم".
وكتب الناشط الاعلامي في شرق حلب محمد الخطيب على صفحته على موقع فيسبوك "ايها العالم، هل يعقل أن دماء وأرواح أهل حلب رخيصة الى هذه الدرجة؟".
وبث التلفزيون السوري مشاهد الثلاثاء تظهر مئات من المدنيين معظمهم من النساء يحملون اطفالهم وحقائبهم وهم يسيرون تحت المطر في طريق تحيط به أبنية مدمرة بإشراف الجيش.
ويقدر المرصد السوري عدد المدنيين الذين فروا من الاحياء الشرقية خلال نحو شهر بأكثر من 130 ألف شخص، نزحوا بمعظمهم الى مناطق تحت سيطرة قوات النظام في غرب حلب او تلك التي استعادها في شرق المدينة.
وتسبب هجوم قوات النظام على الأحياء الشرقية الذي بدأ في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر بمقتل 463 مدنيا على الأقل بينهم 62 طفلا، بحسب المرصد، فيما قتل 130 آخرين بينهم 40 طفلا في الاحياء الغربية جراء قذائف الفصائل.
في مدينة ادلب (شمال غرب)، تظاهر العشرات مساء الاثنين للتضامن مع حلب. وهتف المتظاهرون "بالروح، بالدم نفديك يا حلب"، وحملوا لافتات كتب عليها "نحن نقتل بصمتكم" و"انقذوا حلب قبل فوات الأوان".
في أنقرة، أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو الثلاثاء "اليوم، غدا وكل يوم، سنكثف محادثاتنا مع روسيا ودول أخرى من أجل التوصل الى حل لهذه المأساة الانسانية (...) ستتواصل جهودنا، اساسا للسماح للمدنيين بالمغادرة ومن اجل وقف اطلاق النار".
ومن شأن خسارة حلب ان تشكل نكسة كبيرة وربما ضربة قاضية للفصائل المعارضة التي كانت سيطرت على الاحياء الشرقية صيف العام 2012.
ويشدد محللون على ان هذا الانجاز لم يكن ممكنا لولا دعم حليفين رئيسيين للنظام، هما روسيا وإيران.-(ا ف ب)