‘‘ولائم شعبان‘‘.. عادات اجتماعية تجمع الأسرة قبيل رمضان

منى أبوحمور

عمان- يستقبل العديد من العائلات الأردنية شهر شعبان بحالة من الود وصلة الأرحام، فما أن يبدأ شعبان حتى تتهافت الأسر لإعداد ولائم لأرحام العائلة، يمضين يوما كاملا برفقة الأب والإخوة وسط مشاعر من الفرح والبهجة.اضافة اعلان
أجواء الروحانية وصلة الرحم والتواد تلقي بظلالها على البيوت الأردنية منذ أن يهل شهر شعبان، حيث يمضي في  تبادل الزيارات  وإعداد الولائم والسهرات العائلية التي تحلو كل عام في هذا الشهر.
“وليمة شعبان”، لم تكن حديثة العهد في منزل الستيني مروان نويران وإنما تحمل حكاية قديمة منذ عقود، توارثها عن والده وجده الذي لم يكن يمر شعبان في عام من الأعوام إلا ويقيم وليمة لنساء العائلة.
“عزومة شعبان ورثناها مثل كل شي ورثناه عن أهلنا”، معتبرا تلك العزومة فرصة لتجتمع به العائلة الممتدة مع بعضها البعض، بعيدا عن الرتابة والبروتوكولات في العزائم والإنشغال الذي تفرضه عليهم ظروف الحياة.
من جهتها تعتبر الستينية أم مراد الشعبانية من أحب العزائم على قلبها فهي وعلى الرغم من كبر أسرتها وإقامتها الولايم بين الحين والآخر لأبنائها وبناتها وأنسبائها، إلا أنها تشعر بسعادة كبيرة عند مجيء شعبان.
“عزومة شعبان  لها مكانة خاصة في قلبي فالفكرة ليست بالأكل وإنما باللمة الحلوة”، واصفة فرحتها برؤية من تبقى من بنات خالاتها وعماتها، مسترجعة أيام الصبا وتلك الليالي التي كانت تجمعهن يتسامرن ويسهرن سويا.
وليمة شعبان لاتقتصر فرحتها على الكبار فحسب وإنما تمتد أجواء البهجة والسرور إلى الأطفال الذين تغمرهم فرحة لقاء أبناء العائلة، خصوصا وأن ظروف الدراسة والامتحانات تمنعهم من الزيارات خلال العام الدراسي.
وأكثر ما يجعل شعبان مميزا عند خالد عشرة أعوام هو التقاؤه بأبناء وبنات عماته يجتمعون منذ الصباح على الغداء يلعبون براحتهم ويتنقلون بعفوية دون أن يحسبوا هم وجود غرباء أو حتى يعانوا من تعب الصيام.
حالة الود والوئام والفرح الكبير التي تسود في منزل الستيني أبوعلي في كل عام من شعبان، تجعله يحرص كل عام على جمع بناته وحفيداته في شعبان ليرى البسمة والفرحة على وجوههن.
ويقول “سأحرص على جمعهن كل عام مادمت على قيد الحياة”، متابعا أنه على الرغم من الأوضاع الاقتصادية التي تزداد سوءا عاما بعد عام إلا أن هذه اللحظات السعيدة التي تجمع عائلته “تساوي عندي مال الدنيا كله”.
في حين يجد الأربعيني محمد الوزني أن ما تقوم به بعض العائلات بما يسمى بولائم شعبان، زيادة للأعباء المادية على العائلات، خصوصا وأن رمضان يأتي مباشرة بعد شعبان وهو ما يتطلب من الأسر الاستعداد ماديا لهذا الشهر.
من جهته يشير اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسن الخزاعي إلى الجوانب الإيجابية والسلبية التي تحملها ولائم شعبان، مبينا أن الهدف السامي من هذه العادة هي توطيد العلاقات وصلة الأرحام.
ويؤكد على أن جمعات ومناسبات  “ولائم شعبان” تحقق السعادة النفسية والاجتماعية للكثير من العائلات التي لا  تستطيع أن تتخلى تماما عنها، فالهدف ليس في لقمة الطعام، وإنما الهدف لمّ شمل الأحبة، والتواصل معهم، وتقديم شيء بسيط لهم، مما أوصى به الدين.
ويلفت الخزاعي إلى أن هذا النوع من المبادرات الاجتماعية   تقرب الناس من بعضهم بعضا، وتجعل المرأة راضية عن ذويها، وتأخذ بالدعاء لهم ولأولادهم بمزيد من الصحة والقدرة المالية، ليتابعوا جهوده ومبادراتهم السارة.
“هذه الولائم تتيح الفرصة لنساء العائلة لقضاء وقت ممتع بعيدا عن مشاغل الحياة”، وتساعدهم في تنشيط ذاكرتهم وأخذ قسط من الراحة، مؤكدا أن مثل هذه الولائم تجعل سعادة “الولايا” كبيرة بهذه العزومة ويشعرن بامتنان كبير على دعوتهن.
في حين يلقي الخزاعي الضوء على الجوانب السلبية التي قد تتسبب بها مثل هذه الولائم ، مبينا أنه وعلى الرغم من محبة الناس لهذه العادات النبيلة  إلا أن الأعباء الاقتصادية والظروف المادية التي تزداد سوءا، تجعل الأمر مرهقا نوعا ما على ميزانية العائلة، فكلما كانت صلة الرحم واللقاءات الأسرية أمرا مكلفا اقتصاديا،  تخلى عنها الناس بالتقادم.
ويضيف أن مثل هذه التجمعات تحدث استنزافا للوقت والجهد والمال، حين تصبح إلزاما على الأفراد، كما أن لها تأثيرا على الدراسة والتحصيل العلمي للطلبة، سيما أن شعبان يأتي بالتزامن مع الامتحانات المدرسية .
ولتفادي الوقوع في مطب التكاليف الاقتصادية المرتفعة، يلفت الخزاعي إلى قيام العديد من الأخوة  بالتشارك مع بعضهم في هذه الولائم حتى يتمكنوا من الحفاظ على هذه العادة الجميلة دون ان تترتب عليهم أية أعباء مادية كبيرة، مشيرا إلى أنه في هذه الحالة  يتحقق  الهدف الإيجابي من الوليمة  وهي صلة الرحم، وتعريف الأولاد بأبناء العم والخال.