وماذا عن عضوية النساء في مجالس الشركات؟

يبلغ عدد الوزراء السابقين المُمثّلين للحكومة كأعضاء في مجالس إدارة الشركات المساهمة العامّة التي تساهم فيها الحكومة، أربعين وزيرا سابقا، ضمن ظاهرة لتوظيف كفاءات الوزراء السابقين. وتشير الانطباعات أيضا إلى ازدياد الطلب عليهم كأعضاء في مجالس إدارات الشركات، بمختلف أشكالها.اضافة اعلان
وفي كل الأحوال، فإن القانون يسمح لمن تتوافر فيه الشروط أن يقوم بترشيح نفسه لعضوية مجالس إدارات الشركات العامّة، بشرط أن لا يكون موظفاً في الحكومة أو في أيّ مؤسسة رسميّة عامّة؛ أي وفق مبدأ الفصل بين المنصب العام وعضوية مجالس الإدارة، ما لم يكن ذلك بصفة تمثيل الحكومة.
وفي حالة من تشعّب الأعمال والعلاقات، يصبح من الطبيعي أن يدفع كل أطراف العلاقة بمن يحمي مصالحها، وتلك ضرورة للرقابة على الشركات التي وضعت الدولة مالها وأموال دافعي الضرائب فيها. ومن المنطقي أن تختارالدولة من تجد فيهم الثقة لتمثيلها. ومن المفهوم أيضا أن تلجأ الشركات بشكل عام، وشركات القطاع الخاص، إلى تعيين الوزراء في المجالس، وذلك للجوء إلى الأقدر على تسهيل الأعمال وعلى النفاذ وعلى التأثير.
الإشكاليّة هنا تكمن في ضبط مسألة الخلط ما بين السياسة والتجارة، تماما كما في حساسيّة الضبط ما بين الإمارة والتجارة؛ وهذا موضوع طويل. فمثلا، أجدُ في مشاركة النواب في مجالس الإدارات تضاربا جليّا في المصالح. وهي في بعض الأحيان تكون مشاركة غير منطقيّة؛ فتضاربُ المصالح مُفترض.
وعليه، من المفيد الإمعان في المغزى من تشكيلات مجالس الإدارت الحاليّة، والنظر الى تشكيلات المجالس كأحد تطبيقات الرقابة الطبيعية في مجتمعات تجتهد للوصول إلى إنتاجيّة عالية، لكن بحسابات وسياسات اقتصاديّة عامّة؛ مفيدة وشفّافة، وبإعادة النظر في جدوى مشاركة الأفراد والرموز.
إنّ التمثيل في المجالس هو مُنتج عبقري لأنظمة اقتصاديّة تسعى لتوسيع المشاركة، وذلك برعاية مصالح كل أصحاب العلاقة بمسطرة الفحص وتحقيق التوازن. وعليه، قد يشير ازدحام المجالس بأصحاب المعالي في مرحلة ما إلى ظواهر التنفيع وتوكيد انطباعات الواسطة والمحسوبيّة في المُجتمع، خاصّة إن جاءت التعيينات في غير مجالات الاختصاص.
إن القصد في المجالس هو الانتصار للشأن الاقتصادي بعموميّته. وهذا يحتاج الى إشراك المُبدعين في مجالات التخصّص وجزئياته، وإلى ضخّ الدماءالجديدة، كما إلى إعمال الرقابة والعمل بتواضع وعن قرب من متطلبات المجتمعات المحليّة.
إنّ الدعوة لزيادة عدد النساء في المجالس لا يجب تصنيفها ضمن المبادرات الشكليّة والاسترضائيّة، وهي ليست “برستيج”؛ بل هي خطوة مهمّة لعكس “متلازمة الدائرة المغلقة” الموجودة اليوم في الواقع السياسي، والتي يتمّ نقلها الآن إلى إدارة الشأن الاقتصادي ممّا سيُكرّس ذات النتائج السابقة.
نساء الأردن اليوم هنّ شخصيات مؤثّرة وضاغطة، لا بل وأجزم أنه لو كانت نساء في مجالس إدارة الشركات الوطنية التي تعاني صعوبات مالية، لما وصلت الحال إلى ما هي عليه اليوم؛ فالمرأة إداريّة، ولها في التفاصيل، ومن طبعها التواصل، ولديها موقف من القضايا الأساسيّة لا بدّ من تمثيله، وهي قد تكون إضافة للضمير الغائب لسياسات قد فقدت صوابها لوهلة!