"ياسر"

*د. صالح مطاوع النعيمات

هو ليس اسما لفنان مشهور او لاعب كرة قدم مبدع، انه احد منتسبي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة .
ياسر المغاصبة شاب طموح ولد ونشأ واكمل دراسته الثانوية في العقبة فزادته شمسها سمرةً أكسبته طلة بهية إلى جانب طيبة وبساطة اهل غورنا الأشم حيث الاصل والجذور وما يتحلون به من عفوية الكلام ودماثة الخلق.
أكتب عنه حيث قادتني طبيعة العمل إلى التعرف عليه والتعامل معه عن قرب خلال انتدابي للعمل في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة .
هذا الشاب الطموح بدأ عمله كمستخدم في المنطقه الخاصة، ولكون الطموح والاصرار يذللان كل عقبة في طريق الانسان الناجح الصادق المخلص في عمله، فقد كافح وواصل دراسته الجامعية في مكان بعيد عن عمله وسكنه فالتحق بإحدى الجامعات في عمان وواجه في سبيل ذلك الكثير من المتاعب والصعاب كما روى لي, ولكنه وبعزيمة الشاب المتقد نشاطاً والمفعم بالحيوية اصر على تجاوز كل تلك العقبات المالية والنفسية واكمل دراسته الجامعية. ونتيجة لتميزه واخلاصه في العمل ترقى في الوظيفة حتى اصبح مدققا في مديرية الايرادات والضرائب وهو يستحق ذلك بكل جدارة.
ما يميز هذا الشاب ان لديه حبا واخلاصا وتفانيا في العمل قل نظيرها، فهو وإن كان يعمل في قسم القضايا حيث كنت على تماس معه في العمل , الا انه يقوم بأكثر من مهمة في هذا القسم وفي غيره من الاقسام, وكثيراً ما كنت أسمع الجواب على سؤال حول مسألة او عمل معين (هاي عند ياسر او ما إلك إلا ياسر او ما بحلها الا ياسر )
نعم ما أقوله ليس من نسج الخيال ولكنها الحقيقة التي عايشتها اثناء عملي ومن خلال حديث زملائه في العمل او من خلال المراجعين الذين يتعاملون معه سواء في المحكمة او في عمله في المفوضية.
وعندما اريد معلومة او بينة معينة كثيرا ما كان يتابعها بنفسه ويراجع اكثر من موظف او قسم للبحث عنها ولا يهدأ له بال حتى يحصل عليها او يأتي بجواب حولها، بل ويذكرني بها رغم اني قد اكون نسيت ماطلبته منه.
أكتب عنه وانا أرى المؤسسات المسؤولة عن تقديم التكريم والشهادات والجوائز للموظفين المتميزين بناء على طلب يتقدم به الموظف نفسه لينافس غيره في الحصول على هذه الجوائز والشهادات بعد ان يجتاز عدة اختبارات وتقييم من قبل هذه المؤسسات والقائمين عليها, أي ان الموظف يعلم مسبقاً انه في مرحلة اختبار وان هناك معايير يجب ان يطبقها للحصول على التميز والجائزة، ومن الطبيعي والمؤكد انه يحاول خلال مدة التقييم اظهار جميع الجوانب المميزة لديه والتفاني في العمل للحصول على هذه الجائزة وقد يعود بعد الحصول على الجائزة والتكريم مثله مثل بقية الموظفين.
فالأصل ان يكون التقييم بصورة سرية ودون علم الموظف، ولا بأس ان تكون هناك معايير تراعيها الجهات المسؤولة عن ذلك, ولكن دون علم الموظف المعني وبصورة سرية، فلدى هذه المؤسسات القدرة على التقييم بواسطة اكثر من طريقة كالمتسوق الخفي الذي تستخدمه الحكومة عند تقييم عمل كثير من الدوائر وكما رأينا قبل فترة عند تقييم احدى دوائر الاراضي والمساحة واحدى مديريات امانة عمان الكبرى, أو من خلال الاستبيانات على مواقع هذه المؤسسات المسؤولة عن التقييم, او من خلال سؤال المراجعين للدوائر الحكومية عن أداء الموظف المعني، فهنا يكون التقييم الحقيقي بعيداً عن أي تأثيرات او محاباة وبحيث يبرز عمل الموظف على طبيعته ودون ان يعلم انه في مرحلة اختبار فلا يقوم بسلوكيات لم يعتدها في اثناء عمله اليومي وانما تكون من اجل التوافق مع معايير ومتطلبات هذه الجوائز.
ياسر ومن هم على شاكلته وهم ليسوا قلة في مؤسساتنا هم ممن يستحقون التكريم ونيل الجوائز التقديرية لإخلاصهم وامانتهم وتفانيهم في عملهم دون ان يكون هناك رقابة عليهم سوى ضميرهم وحبهم لوطنهم واخلاصهم لعملهم، فهل نرى تكريما لهؤلاء الجنود المجهولين؟ نأمل ان نرى ذلك.

  • مساعد النائب العام الضريبي - سلطة منطقة العقبة الاقتصادية
اضافة اعلان