يا بينيت لا تقسم القدس

إسرائيل هيوم متان بيلد 8/8/2021 تصوروا وضعا تقرر فيه حكومة كندا أن تقيم في ألاسكا (واحدة من الخمسين ولاية التي تتشكل منها الولايات المتحدة)، قنصلية سياسية خاصة انطلاقا من نهج أن "ألاسكا هي الولايات المتحدة الحقيقية). تخيلوا أن يعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اقامة قنصلية روسية خاصة في تكساس للسكان التكساسيين، انطلاقا من الاعتراف بانه قبل نحو 176 سنة عملت كدولة مستقلة. تخيلوا ان تقيم بريطانيا في اقليم كشمير في الهند قنصلية خاصة للعناية بالمسلمين الذين يرون انفسهم أقلية انعزالية تسعى لان تلحق بالباكستان التي تحد الاقليم من الشمال. من الصعب حتى متعذر تخيل سيناريوهات كهذه. اولا لانها ستجر أزمات دبلوماسية جسيمة وخطيرة للغاية. ثانيا، لانه ما كان يمكن لاي دولة في العالم أن تقبل مسا فظا كهذا بسيادتها الأساسية. لاي دولة، باستثناء إسرائيل. هذا بالضبط ما يحصل في هذه اللحظة في القدس. في هذه الأيام تجري محادثات بين طواقم الإدارة الأميركية وتلك الإسرائيلية بشأن استئناف القنصلية الأميركية "لشؤون الفلسطينيين" والتي كانت تعمل في شارع اغرون في القدس حتى تولي الرئيس السابق دونالد ترامب الرئاسة. يفترض بالبيان النهائي عن التأسيس ان ينشر بشكل احتفالي في ساحة البيت الأبيض في أيلول المقبل في اثناء زيارة رئيس الوزراء نفتالي بينيت. ولكن القصة اسوأ بكثير مما تبدو. وذلك لانه لم يسبق أن عمل في إسرائيل رئيس وزراء تاجر بالقدس حيال محافل أجنبية لأهداف البقاء السياسي. صحيح أنه سبق أن كان لنا رئيس وزراء كان مستعدا لان يقسم القدس كي يبقى، واسمه ايهود اولمرت، ولكن استسلامه كان أساسا أمام اليسار الإسرائيلي وليس أمام قوة عظمى اجنبية. هذا بالضبط ما يفعله نفتالي بينيت. وفقا لمنشور في موقع "واللا"، طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة ارجاء إعادة فتح الممثلية الأميركية إلى ما بعد اقرار الميزانية، وذلك منعا للحرج السياسي للحكومة الجديدة والسماح عمليا لها بالبقاء. لم نسمع احتجاجا سياسيا، لم نسمع تصريحا عن الحق المطلق لدولة إسرائيل في أن تتخذ كل علم دولة أخرى. لا شيء. استسلام مطلق. هذيان. مجرد طلب هزيل واستسلام – لارجاء فتح السفارة كي لا تسقط الحكومة من المهم أن يفهم كل مواطن إسرائيلي، منذ قيام الدولة لم يكن هنا حق لأي دولة أن تفتح أي سفارة لكيان اجنبي في القدس. عمليا، رفضت حكومات إسرائيل دوما طلبات كهذه. والسفارات القليلة التي توجد في القدس تأسست كلها في عهد الامبراطورية العثمانية، واثنتان منها تحت الانتداب البريطاني. كما أن القنصلية الأميركية موضع الحديث، التي يسعون الآن "لفتحها من جديد"، فتحت في 1884 وحقا لم تتأسس لأجيال الفلسطينيين الذين في تلك السنين لم يكونوا موجودين على الاطلاق. إذا ما سمحت إسرائيل للولايات المتحدة أن تفتح قنصلية للفلسطينيين في القدس فستطلب دول أخرى من الاتحاد الأوروبي ومن الدول العربية ذلك مع أنه يوجد ما يكفي من مثل هذه القنصليات في رام الله وعلى أي حال لا يوجد ذرة سبب لفتح مزيد كهذا. وبدلا من تشجيع دول العالم على فتح سفارات أخرى في العاصمة الخالدة لدولة اليهود، الا وهي القدس، العكس هو ما سيحصل. ستفتح فيها ممثليات لسكان يسعون لابادتها. ومن خلال السماح بفتح قنصلية كهذه، تدعو إسرائيل رسميا عددا لا يحصى من المطالب الدبلوماسية المناهضة لإسرائيل، وبالتأكيد ما بعد الصهيونية. هذه بداية أوسلو د. إقامة السفارة تشق الطريق لاقامة دولة فلسطينية عاصمتها شرقي القدس. صحيح أن وضعنا الأمني حيال إيران كفيل بان يتطلب تعاونا مع دول عظمى دولية. صحيح أنه قامت في الولايات المتحدة إدارة أكثر تصلبا تجاه إسرائيل من سابقتها ولكن لم يكن لأي رئيس وزراء ابدا الوقاحة للتخلي عن القدس عاصمتنا لقاء أي عقار، أي وعد وبالتأكيد ليس لقاء أي كرسي. يا بينيت ليس لديك أي تفويض لتقسيم القدس.اضافة اعلان