يا علي!

يا علي، احتلوا أرضك، هجروا أهلك، قلعوا شجرك، هدموا بيتك، ومن ثم حرقوا جسدك. إنهم قتلة بدم بارد، ووحوش بهيئة بشر، هم نازيو العصر، وفاشيوه، دواعش الفكر والتطرف، إرهابيو التفكير والمعتقد.اضافة اعلان
يا علي، يخافون منك وأنت لم تكمل عامين لأنك صاحب حق، وهم مشتتون قادمون من أصقاع العالم، هم يكرهون الطفولة والحياة، هم قتلة مأجورون وفاشست معاصرون، هم أعداء الله والإنسانية.
يا علي، قم واقصص عليهم ما تيسر من صور البطولة التي جسدها آخرون غيرك مروا من ذات الطريق، قم بوجهك الوضاء، ولسانك الذي لم ينطق إلا الحروف الأولى من اسمك، واسم بلدك ووطنك فلسطين، واخبرهم ان في فلسطين شعب لا يموت.
يا علي، لا تسامحهم، ولا تسكت عن جريمتهم، وازرع في كل بيت إرادة جديدة تأبى الانكسار، وعزما وإصرارا لا يلين فأنت وأبناء وطنك أصحاب قضية عادلة لا تقبل مساومة أو تقصيرا، أو قسمة على اثنين.
يا علي، لا تنتظر من عربك مواقف إنشائية، وبيانات ورقية، وتصريحات عنترية، و"هاشتغات" عصرية، فكلها يا علي لا تقدم ولا تؤخر، ولن تأتي بجديد، ولن تمنعهم من تكرار فعلتهم، فبياناتهم وشعاراتهم وتصريحاتهم تخديرية، وهم الصامتون عنك منذ الأزل، لا يتحركون حتى لو تحركت "دكة غسل الموتى"، ولو تحركوا فإن أقصى ما يقومون به تصريحات تتلوها تصريحات وإدانة تتلوها إدانات، وحملات "فيسبوكية" في عالم افتراضي، لا تأثير له في الواقع.
يا علي، أحرقوك لأن هذا ديدنهم منذ الأزل، فأجدادهم، وآباؤهم أحرقوا أبناء عمك في دير ياسين وقبية والدوايمة، وصبرا وشاتيلا، وقانا وبحر البقر، وأقرانهم سبق لهم أن أحرقوا محمد أبو خضير الذي لم يجف دمه لليوم، وقتلوا محمد الدرة، وإخوتهم هم أنفسهم من قتلوا الشهيد رائد زعيتر الذي ما يزال دمه منسيا حتى اليوم.
يا علي، هم أنفسهم من حرقوا أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، واغتالوا المصلين في الحرم الإبراهيمي، هم أنفسهم الذين ما تزال أيادي زعمائهم تقطر دما، ويتلذذون بأكل وشي اللحم الفلسطيني، ونهب الأرض الفلسطينية.
يا علي، ستسمع من عربك كلمات رنانة، ومطالبات وتحركات دولية وأممية، ولكنها كلمات كالرمل تذروها الرياح، لا تلبث أن تنتهي، فلا تنتظر الكثير من أصحاب تلك الكلمات، فهم محترفو كذب ودجل، محترفو الدعوة للتهدئة وطول البال، محترفو نقد المقاومة والتآمر عليها، محترفو لقاءات سرية في فنادق فارهة مع من قتلك وعذبك وأحرقك.
يا علي، أولئك سيشاركون في حفل التنديد وكفى، لن تجدهم حاضرين لمواراة جسدك الذي لم تلفحه نسائم الحياة، ولن يشاركوا في محاسبة من أحرقك، لأنهم أقل تأثيرا من فعل ذلك، لا بل لا يفكرون به أصلا، فهم مشغولون في محاسبة من تجرأ يوما وتطاول على إسرائيل!
"أنبيك عليا"، فعربك المشتتون الضائعون ما يزالون يتوضأون بالذل، ويمسحون بالخرقة حد السيف، ويتحججون بالبرد وحر الصيف، ولذا لن تراهم قادمين لا اليوم، ولا غدا، ولا بعد غد.
يا علي، لن تسمع من العريفي والعوضي، والقرني، وغيرهم، دعوات للجهاد ومناصرتك في فلسطين، فهم مشغولون في الدعوة لقتل أهل الشام والعراق، وزرع الفتنة بين الناس، ولو سمعت منهم كلاما إنشائيا قصيرا، فلن تسمع منهم دعوات لفتح "باب الجهاد" في فلسطين، كما سبق أن فتحوه في الشام والعراق، وأغلقوه في فلسطين، ولن تسمع منهم دعوات للخروج على الصهاينة واحتلالهم، كما سمعت منهم دعوات للخروج على ولي الأمر في شامنا وعراقنا.
يا علي، لا يفل الحديد إلا الحديد، فإسرائيل ومستعمروها المسعورون لن تقلعهم كلمات تنديد ناعمة أو مواقف دولية، لم تنفع طوال ما يقرب من 67 عاما، لن يقلعهم من أرضك إلا مقاومتك التي ستبقى سيدة النصر الأول، وصاحبة اليد الطولى، عندما تتعرى دبلوماسيتهم أمام جريمة لم تحدث حتى أيام النازية.
يا علي يا سيد الأطفال والشهداء والرضع، لن تكون آخر الشهداء، فطريق النصر طويلة، والصمت ما يزال مطبقا ومخيفا.