يا فؤادي

الاستشارية التربوية رولا خلف مركز السلسلة الإبداعية للاستشارات الأسرية

تقول أمل: أنا فتاة عمري 22 عاما من العراق أدرس في الجامعة في السنة الثانية، وحيدة لأهلي، أبي توفي قبل عام ونصف العام، كنت مقربة منه، ويفهم علي جيدا، وكان لوفاته التأثير الكبير على نفسيتي، حيث إني تركت الدراسة ورجعت لها قبل 6 أشهر، ولكن نفسيتي لا تتقبل الدراسة ولا أتحمل أعباءها وتعبها.اضافة اعلان
وتضيف: أريد أن أترك دراستي لكن أمي لا تقبل، ودائما ما أقول لأمي أنا فقط أداوم للكلية حتى أضيع وقتي وليس حتى أدرس وأتعلم، فقط أدخل للمحاضرات ولا أكتب شيئا، أسرح بخيالي وأفكاري لعالم آخر، أريد أن أبقى بالبيت ولا أقابل أحدا، أريد أن أذهب لمكان ليس فيه أحد، مكان مهجور لا يزعجني أحد.
وتتابع: كيف أقنع أمي بقراري لأني لا أريد أن أجرحها وبالوقت نفسه لا أريد الدراسة مطلقا، أشعر أن والدي لم يشهد نجاحاتي وأصبحت أخفق في كل مواد الدراسة، كيف أقنع والدتي بالأمر، لأني بالفعل لن أعدل عن قراري وأشعر أن الدراسة ستعمل على قتلي من الداخل، فكلما مررت بقاعة أو محاضرة أتذكر والدي الذي كان يعمل أستاذا في إحدى الجامعات بالسابق.

الموت صعب جدا على الإنسان وتقبله متفاوت من شخص إلى آخر؛ فالبعض يكون قويا ويعرف أن من ورائه حكمة وهذا أمر الله، والبعض الآخر يكون ضعيفا ويصيبه اضطراب انفعالي شديد وأحيانا يؤدي الى اليأس وترك العمل بل وأحيانا ترك الواجب والقلق والتوتر وصعوبة التركيز والاكتئاب، وهذا ما يحصل معك، فأنت تعانين من التشاؤم وفقدان الأمل والطموح وضعف المواجهة والهروب من الواقع، وهذا كله ليس في مصلحتك وأنصحك بما يلي:
1 - اخرجي من هذه الأزمة وحددي المطلوب منك وأكملي مسيرتك في الحياة، فأنت لا تعلمين ماذا سيحصل معك في المستقبل ولمَ لا تتسلحين بالعلم وتكونين قادرة على إعالة نفسك، فالموت صعب طبعا ولكن الله أعطانا نعمة النسيان، ومع الأيام ستتأقلمين مع الظروف، وعليك أن تقتربي من أمك أكثر، فهي على حق وتريد مصلحتك، ومن الخطأ أن تذهبي الى الجامعة فقط أمام أمك وفي داخلك رفض للدراسة، فهذا موضوع مهم جدا في حياتك، فتذكري دائما أنك تفعلين شيئا كان والدك يحبه، ومن أجله يجب أن تحرصي عليه وتكملي دراستك، فأنت الآن بلا أهداف وضائعة، وهذا سيؤثر عليك كثيرا وعلى مستقبلك ففكري أكثر.
2 - تجنبي الوحدة فهي قاتلة، وحاولي استغلال وقت فراغك في ممارسة الرياضة أو الدراسة أو قراءة القرآن، فالفراغ والوحدة يجعلانك تفكرين في مواضيع كثيرة تؤثر عليك سلبا، وهذا يزيد من حزنك وتوترك، وفكري بالعمل التطوعي والصدقات فثوابها يذهب الى والدك.
3 - اختاري الصديقات الحريصات على مصلحتك اللاتي يتميزن بالصفات الحسنة واخرجي معهن عند شعورك بالملل، فهذا يساعدك على الخروج من مشكلتك، وتذكري دائما أنك لست الوحيدة التي فقدت أباها، فهناك كثيرات وأصغر منك سنا وهن يتيمات، وانظري نظرة إيجابية وسترين الفرق بينك وبين غيرك.
4 - اغتنمي شبابك، فأنت في أول الطريق وأثبتي لأمك أنك قادرة على تحدي الصعوبات وأنك ستنهين دراستك وتحصلين على عمل، وفكري دائما بتفاؤل وأمل بالمستقبل والحياة أمامك وفرص الزواج، لذلك اجعلي كل شيء تفعليه لله ولتحرصي على بر الوالدين.