يجب إجراء تحقيق

هآرتس

مردخاي كريمنتسير

مقبول علينا موقف القضاء الدولي الذي يقضي بأن الحق الاساسي في الحياة يستوجب اجراء تحقيق عندما يتم استخدام قوة قاتلة من قبل من يعملون باسم الدولة، خارج قتل مقاتلين في الحرب، حيث أنه كيف يمكن معرفة أن السلطات الحاكمة تصرفت بالاحترام المطلوب مع الحق في الحياة إذا لم يحققوا بصورة ناجعة وموضوعية؟.اضافة اعلان
حسب رواية الجيش ففي عدد من حالات الموت التي حدثت في القطاع أمس لم يكن مخربون متورطون فيها. من هنا يجب التحقيق في الظروف التي تم التسبب فيها بموتهم، ويا ليت أن التحقيق يظهر أن كل شيء تم وفقا للقانون. أيضا انتماء شخص لمنظمة إرهابية لا يعطي الحق لاستخدام سلاح فتاك ضدهم. السؤال الرئيس هو كيف تصرف قبل اطلاق النار عليه: هل كان مشاركا بصورة مباشرة في أعمال معادية ضدنا في الوقت الذي أصيب فيه؟ هل عرض للخطر بشكل مباشر حياة انسان؟.
إن واجب التحقيق يكتسب اهمية لأن الامر يتعلق بسلسلة احداث ما زالت في بدايتها. لذلك، يجب اجراء تحقيق جدي وسريع من اجل أن يتم توجيه القوات للعمل في اطار القانون، ومن اجل استخلاص الدروس المطلوبة. الامر لا يتعلق فقط بواجب قانوني واخلاقي، حيث لإسرائيل مصلحة واضحة ومفيدة بعدم سفك دماء الفلسطينيين غير المقاتلين ضدها.
ضمن امور اخرى يجب العودة لفحص أوامر اطلاق النار كما هي مكتوبة وكما أعطيت وكما تم تفسيرها من قبل من أخذها. وبشكل خاص هذا مطلوب عندما يتعلق الامر بأحداث لها طابع مختلط ومركب وفيها خلط بين مخربين يحاولون ضرب قواتنا وبين مدنيين متظاهرين. ولمن يهمه سفك الدماء من السهل في هذه الظروف أن يظهر كل الصورة كهجوم لمخربين ضد إسرائيل خلافا للحقيقة التي هي مركبة أكثر.
على سبيل المثال، إذا كان مجرد الاقتراب من الجدار أو المس به من قبل مدنيين متظاهرين غير مسلحين، يعتبر سلوكا يبرر استخدام النار الحية ضدهم، فإن هذا التوجيه يجب الغاؤه بسبب عدم قانونيته. رغم أن الجدار يمثل الحدود، إلا أنه ليس أكثر قدسية من حياة الإنسان، حتى لو كانوا فلسطينيين يعيشون في غزة. بالاحرى، يجب عدم اطلاق النار على جسم انسان قبل أن يتم استخدام البدائل غير القاتلة لتفريق المظاهرات التي تمثل اخلال بالنظام.
إن الدفاع عن الحياة يقضي بأن تعريض حياة إنسان للخطر من قبل العاملين باسم الدولة، يتم فقط عندما لا يوجد خيار آخر، كمخرج أخير، وبعد أن تم استخدام كل الطرق البديلة. الدولة يمكنها بالطبع اعتقال متظاهرين قاموا بالاخلال بالنظام، وحسب الحاجة أن تستخدم لهذا الغرض قوة معقولة وأن تقدمهم للمحاكمة. إن من يمنع اجراء التحقيق الآن يتحمل المسؤولية عما يمكن ويجب منعه في المستقبل.
على خلفية المعارضة المؤسساتية للتحقيق وهوية التحليل التي تم ختمها فإن تحقيق ناجع وموضوعي يجب أن لا يكون تحقيق عسكري - داخلي. يجب اجراء تحقيق رغم أن سلوك الجيش ليس هو الاساس، بل فشل المستوى السياسي الذي ساهم في "تمرد الشعب" في قطاع غزة، وفي اعقاب ذلك القاء مهمات غير ممكنة على الجيش. بالتحديد من يريدون مصلحة الجيش يجب عليهم التركيز على الحفاظ على حصانته القيمية في ظروف صعبة جدا، اذا كان لا يمكن الحفاظ على الحصانة القيمية للجيش، لا سمح الله، في ظروف كهذه، فمن المهم أن نعرف ذلك.
مطلوب اجراء تحقيق بالضبط لأن وزير الأمن استخدم سلاح يوم القيامة، الموجود في أيدي سياسيين يثيرون المشكلات، ضد من طلب اجراء التحقيق (ميرتس)، بقيامه باخراجهم خارج الدولة ونقلهم إلى معسكر العدو. المعسكر الذي يرى نفسه ليبرالي وضع امام اختبار، الذي في المرحلة الحالية فشل فيه بشكل كبير بوقوفه إلى جانب ليبرمان في معارضة التحقيق. هل هو ملتزم بقيم ليبرمان أو القانون الدولي والقيم الانسانية لإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، وعلى رأسها قدسية حياة الانسان، دولة لا تبتهج بقتل الإنسان ولا تعطر نفسها عند معرفتها بالاحداث التراجيدية، والتي نتائجها تتمثل في زيادة العداء لدولة إسرائيل في اوساط الفلسطينيين والعرب والاضرار بمكانتها الدولية.