يجب على جميع العرب التصويت

عربية تدلي بصوتها بأحد صناديق اقتراع الكنيست الإسرائيلي (أرشيفية)
عربية تدلي بصوتها بأحد صناديق اقتراع الكنيست الإسرائيلي (أرشيفية)
هآرتس بقلم: ديمتري شومسكي 17/8/2022 حنين مجادلة في مقالات الرأي التي نشرتها هنا قالت إن مواطني إسرائيل العرب لا يجسدون في غالبيتهم حق التصويت في الكنيست لأنهم لا يشعرون بالانتماء ("هآرتس"، 28/7، 4/8). مجادلة بلا شك على حق. فعدم انتماء المواطنين العرب-الفلسطينيين في إسرائيل للدولة ليس فقط ثمرة شعورهم الذاتي، حتى أن هذا هو حقيقة موضوعية واقعة. من الواضح أنه في الطبقات الجوهرية واليومية جدا من الواقع المدني فإن دولة إسرائيل بكل مواردها، قبل سن قانون القومية وبعده، تعود في المقام الأول لمواطنيها اليهود (وبدرجة كبيرة للشعب اليهودي في أرجاء كل العالم). وفي المقابل، المواطنون العرب الذين يشغلون الطابق السفلي من مبنى المواطنة الإسرائيلية، يتم إقصاؤهم بشكل منهجي عن هذه الموارد، ومجادلة أحسنت تقديم أمثلة ملموسة عن هذا الإقصاء. لكن بالذات بسبب ذلك يصعب قبول النتيجة الفعلية التي تستخلصها مجادلة من هذا الوضع البائس: "من أجل أن يخرج العرب للتصويت"، كتبت "مطلوب أن يشعروا بالانتماء في هذا الواقع نفسه". هذا الادعاء مطلوب كي نصوغ العكس بالذات. فمن أجل أن يشعر المواطنون العرب بواقع الانتماء للدولة يجب عليهم الذهاب للتصويت. تعالوا نتخيل هذا السيناريو الخيالي. الأغلبية المطلقة لأصحاب حق التصويت في أوساط مواطني إسرائيل العرب-الفلسطينيين تتحرك بجموعها نحو الصناديق وتعطي صوتها لأحزاب عربية، أو إذا كان من المسموح لنا تخيل حلم أكثر جرأة -للحزب العربي الموحد الذي سيتم تشكيله والذي سيسمى، لنفترض، "الحزب الوطني الديمقراطي لعرب إسرائيل الفلسطينيين". هذا الحزب الذي بافتراض التصويت الجماهيري للمواطنين العرب، عدد ممثليه في الكنيست يمكن أن يصل الى عشرين مقعدا. وهو سينقش على رايته إلغاء قانون القومية وإنهاء الاحتلال في مناطق 1967 من خلال الدفع قدما بالعملية السياسية والمطالبة بتحقيق المساواة المدنية الحقيقية لمواطني إسرائيل العرب عن طريق دمج حقوق المواطن الفردية مع الحقوق الجماعية للأقلية القومية. إزاء هذا التحدي المدني-الوطني للتفوق اليهودي، سيقف ممثلو الأكثرية اليهودية أمام خيار من بين خيارين رئيسيين. الأول هو مقاطعة الحزب الوطني للفلسطينيين الإسرائيليين، وربما حتى محاولة إخراجه خارج القانون بذريعة أنه يقوض طابع دولة إسرائيل اليهودي والديمقراطي. من المرجح أن هذه الخطوة لن تخرج الى حيز التنفيذ لأن نتيجتها ستحول إسرائيل في حدود 1967 الى دولة ابرتهايد بشكل رسمي. وفي نهاية المطاف فإن الصورة الديمقراطية من دون أي شكل هي مهمة جدا لإسرائيل. الخيار الآخر الذي يجب علينا أن نأمل بتبنيه هو الاستجابة للتحدي الذي وضعه ممثلو الأقلية الوطنية العربية الفلسطينية في إسرائيل، وفتح حوار بناء معهم، على أمل التوصل الى ترتيب علاقات جديدة، أكثر نزاهة، بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية في الدولة. ومثلما يليق بأي مفاوضات بين مجموعات وطنية فإنه يجب على كل طرف بالطبع الموافقة على تقديم تنازلات جزئية في المناطق العزيزة على قلبه الوطني. سيكون على الأغلبية اليهودية التراجع عن المقاربة الاثنية المدمرة، التي بحسبها دولة إسرائيل هي ملك حصري للقومية اليهودية، والدفع قدما بخطوات واسعة من التمييز التصحيحي تجاه المواطنين العرب الفلسطينيين في كل مجالات الحياة التي يعانون فيها من الإقصاء الممأسس على خلفية قومية. وسيكون على الأقلية الفلسطينية من ناحيتها إقناع الأغلبية اليهودية بأن استئصال الهيمنة الاثنية-القومية اليهودية في الدولة لن يضر بحق تقرير المصير القومي للشعب اليهودي ولن يؤدي الى تحويل إسرائيل الى "دولة عربية". في نهاية المطاف، إذا نجح هذا الحوار بين القوميتين فعندها ستتحول دولة إسرائيل الى وطن سياسي مدني، ليس فقط للشعب اليهودي، بل أيضا للأقلية الوطنية العربية الفلسطينية، وخلال ذلك أيضا المواطنون العرب، يمكن الافتراض، سيبدأون الشعور بالانتماء للدولة. في الحقيقة الحديث يدور عن سيناريو خيالي، لو فقط بسبب عدم إمكانية تخيل تشكيل حزب وطني موحد لعرب إسرائيل الفلسطينيين في المستقبل المنظور. قبل ثلاث سنوات تقريبا طرحت هنا هذه الفكرة ("هآرتس"، 24/3/2019)، وردا عليها كتب عبدالله العزب بأن الكثيرين في أوساط مواطني إسرائيل العرب يتوقع أن يرفضوا هذه الفكرة لأنهم ليسوا قطيعا، بل هم جمهور متنوع ومتعدد الثقافات، الذي هو غير مستعد للدخول الى فراش سدوم أحادي الأبعاد، وإلى تسطيح الهويات. أنا أعتقد أيضا أن المواطنين العرب ليسوا قطيعا، بل هم قومية. ومثل أي قومية حديثة فإن القومية العربية الفلسطينية في إسرائيل لا تتكون من شيء واحد، بل هي تتكون من مجموعات وهويات مختلفة. ورغم ذلك، من الناحية المدنية-السياسية فإن لجميع مكوناتها مصلحة واحدة وهي إلغاء تفوق اليهود وتحقيق المساواة المدنية بالكامل، التي لا يمكن أن تكون كاملة إلا إذا شملت في داخلها عنصر الاعتراف بشرعية مظاهر الهوية القومية للأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل. من الواضح أن الطريقة الأكثر نجاحا للدفع قدما بهذه الأهداف هي بلورة وحدة وطنية سياسية في الشارع العربي الفلسطيني في إسرائيل. هذه الوحدة يمكن تحقيقها أيضا في الوضع الحالي متعدد الأحزاب. الخطوة الأولى والحيوية في هذا الاتجاه هي الاعتراف بحقيقة أن الأغلبية اليهودية لن تكون مستعدة للعمل من تلقاء نفسها لإلغاء الهيمنة اليهودية. وفقط المواطنون الفلسطينيون أنفسهم، الذين هم أقلية قومية قليلة وديناميكية يمكنهم المبادرة الى بدء التغيير السياسي لصالحهم. التغيير الذي في نهاية المطاف سيفيد أيضا الأغلبية اليهودية لأنه من الجيد العيش في دولة كل مواطنيها يشعرون بالانتماء. ومن أجل البدء بهذه الخطوة المأمولة فإنه يجب على العرب الذهاب للتصويت بجموعهم لصالح الأحزاب العربية.اضافة اعلان