يريدون قتل الشاهد والتنكيل بالمجني عليه!

كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية عن رسائل البريد الإلكتروني الداخلية لمستشاري البيت الأبيض، التي دعا فيها جاريد كوشنير صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبير مستشاريه إلى بذل جهد لعرقلة وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والخطط الرامية للتخلص بهدوء من الوكالة التابعة للأمم المتحدة؛ حيث تأتي أفكار كوشنير في إطار حملة أوسع لتجريد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين في المنطقة، وإخراج قضيتهم من المفاوضات بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين.

اضافة اعلان

تقول المجلة الأميركية إن عداء كوشنير لقضية اللاجئين ولوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين كان واضحا في رسائل البريد الإلكتروني الداخلية التي كتبها كوشنير وآخرون في وقت سابق من هذا العام، ومن بين ما كتبه رسالة لمبعوث السلام الأميركي في الشرق الأوسط جيسون جرينبلات؛ حيث قال: "من المهم أن يكون هناك جهد صادق ومخلص لتعطيل الأونروا (...) هذه الوكالة تديم الوضع الراهن، وفاسدة، وغير فعالة ولا تساعد على السلام".

فالأزمة المالية التي تمر بها (الأونروا) في الوقت الراهن تأتي في إطار زيادة الضغط عليها لجعلها تتخلى عن مسؤولياتها وإلغاء دورها وفق المخطط الأميركي، وحتى يتم مغازلة الدول التي تحتضن عمل (الأونروا)، فإن الإدارة الأميركية لا تتوانى عن القول إنها ستحول الـ(300 مليون دولار) وهي حجم الدعم الأميركي للوكالة للدول المضيفة، وبشكل خاص الأردن، كونه يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، وتكشف المجلة عن تقديم الولايات المتحدة عبر كوشنير ذاته عرضا يتضمن نزع صفة (اللجوء) عن أكثر من مليوني لاجئ مسجل على كشوف الأونروا في المملكة، نظير الحصول على بعض أو كل هذه المخصصات المالية.

وقد تأسست (الأونروا) بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1949؛ لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، سورية، لبنان، الضفة الغربية وقطاع غزة، وحتى نهاية 2014 بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين بالمناطق الخمس نحو 5.9 ملايين لاجئ، حسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.

هذا يعني أن الولايات المتحدة الأميركية، وحتى تبعد الكيان الصهيوني عن مسؤوليته الأممية تجاه اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرتهم عصابات الصهاينة من أرضهم تحت أزيز الرصاص، تريد قتل الشاهد الأساسي والأكبر على النكبة وهو (الأونروا)، التي أنشئت بقرار دولي أممي لإغاثة اللاجئين الفلسطينين حصرا دون غيرهم، والولايات المتحدة لا تريد قتل الشاهد فقط، وإنما تريد التنكيل بجثة المجني عليه، فلا يكفي مرارة التهجير ومعاناة فقدان الدار والأرض، فإن الإدارة الأميركية بإدارة الصهيوني كوشنير الذي ينطلق من حقد دفين على الفلسطينيين، تريد التنكيل بجثة المجني عليه؛ حيث لم يعد كافيا قتله فقط، وفوق كل ذلك فإن المخطط ذلك يعني مكأفاة الجاني والسارق.

وفق كل ذلك، فإن كوشنير نفسه، وفق ما تم الكشف عنه، يقود تحركا بقيادة اللوبي الصهيوني في الكونغرس، لسن تشريع أميركي، يسقط صفة اللجوء عن أبناء وأحفاد اللاجئين، ليُبقي أعدادهم محصورة فيمن تبقى منهم على قيد الحياة، من أبناء الرعيل الأول، وهي أعداد تتناقص، بفعل الوفاة الطبيعية، وترمي الولايات المتحدة من وراء ذلك وتراهن على عامل الزمن باعتباره كفيلا بحل مشكلة اللاجئين، دونما حاجة لمفاوضات واتفاقات ووكالات دولية وتعويضات.

طبعا لا يمكن لكائن من كان نزع صفة لاجئ عن اللاجئين ولا يمكن نزع هذا الحق عني أو عن أولادي وأحفادي وأحفاد أحفادهم، فحق العودة مقدس لا تنازل عنه ولا تفريط، ومهما جاءت الإدارة الأميركية بأفكار خبيئة فلن تستطيع الالتفاف على هذا الحق الطبيعي.