يستحقان تمثالين!

يستحقان نحت تمثالين لهما؛ الأول في منطقة الدوار الرابع، والثاني في منطقة العبدلي. فصاحبا هذين التمثالين كشفا للرأي العام الأردني إلى أي درجة وصلت مرحلة المحسوبية في هذا الوطن، وعدم احترام القوانين والأنظمة فيه، لا بل والتغول عليها.اضافة اعلان
إذ كان الشعب الأردني نائما في سبات عميق، حتى تكشف له أن السلطتين التشريعية والتنفيذية (الحكومة) تستغفلانه وتتجاوزان القوانين والأنظمة ما عدا تطبيقها على المواطن العادي فقط، فيما لا يتم ذلك على أبناء المسؤولين والمتنفذين!
فالمراسلات التي تمت بين رئيس الوزراء د. عبدالله النسور (السلطة التنفيذية) ورئيس مجلس النواب م. عاطف الطراونة (السلطة التشريعية)، حول قائمة تعيينات الـ109 موظفين في مجلس النواب، والتي تمت خارج ديوان الخدمة المدنية، لأبناء نواب ومسؤولين من مراكز مختلفة، تركت في نفوس الأردنيين يقينا بأن مرحلة الاستخفاف بحقوقهم وعقولهم قد وصلت إلى أقصى درجة، ناهيك عما وصلت إليه البلاد من فساد واضح بيّن.
على المسؤولين التيقن أن انهيار المنظومة الأخلاقية في أي بلد، والتي يقع على رأسها الفساد وعدم العدل وعدم المساواة والواسطة والمحسوبية، ستكون له آثار سلبية على الأردن والأردنيين. فوجبة التعيينات الأخيرة في مجلس النواب استنزفت كثيرا من الثقة، المتدنية أصلاً، بالسلطتين التشريعية والتنفيذية. إذ أصبح معظم المواطنين غير راضين عن الحكومة وسياساتها التي باتت تدفع المواطن لارتكاب حماقات لا تحمد عقباها، كما أنهم غير راضين أيضاً عن مواقف مجلس النواب.
لا أحد يعلم لماذا يتم كل ذلك والبلاد تمر في مرحلة حساسة، جميع طرقها منعطفات لا تحتمل المراهنات على أي أحد.
رئيس الوزراء يذكر في كتاب رسمي لرئيس مجلس النواب، أن مجلس الوزراء قد وافق بعد تردد على إحداث شواغر لـ109 موظفين، لكنه "لن ينظر في أي طلبات مشابهة مستقبلا"، بحجة أنها تحرم أصحاب الحقوق المسجلين في ديوان الخدمة المدنية من حقوقهم القانونية!
هذا دليل، من رئيس الوزراء، بأن التعيينات فيها هضم لحقوق مواطنين، ومخالفة للأنظمة والقوانين، لا بل وتجاوز لقرار الديوان العالي لتفسير القوانين الذي أفتى بعدم الجواز لمجلس النواب بالتعيين خارج ديوان الخدمة المدنية.
في المقابل، فإن مجلس النواب، كسلطة رقابية، تغاضى بطريقة أو أخرى عن تعيينات تمت من غير عدالة أو مساواة، وبطريقة غير شرعية وغير منطقية. ويبرر رئيسه ذلك بالقول إن تعيينات النواب كانت تتم منذ الأزل من خلال الاستثناء وليس عن طريق ديوان الخدمة المدنية.
وإذا كان مجلس النواب بحاجة إلى تلك التعييات، فلماذا أعاد هيكلة جهازه الإداري جراء التخمة في أعداد موظفيه، وقام سابقا بتوزيع ما يقرب من 350 موظفا على مؤسسات الدولة المختلفة؟
العدل والأصل أن يتم احترام القانون وعدم السماح لأحد بتجاوزه. والشي المحزن الذي يترك في القلب مرارة وفي الحلق غصة، هو أن عملية عدم احترام القانون وتجاوزه تأتي من أهم سلطتين في الدولة!
لكن رب ضارة نافعة، فربما تكون مناكفات رئيسي مجلس النواب والحكومة خطوة على الطريق السليمة والصحيحة، باتجاه أن يكون التعيين في جميع مؤسسات الدولة الحكومية وشبه الحكومية من خلال ديوان الخدمة المدنية، سواء مجلس الأمة، بشقيه الأعيان والنواب، أو رئاسة الوزراء، أو الوزارات كافة، أو مؤسسة الإذاعة والتلفزيون... إلخ.
السؤال: إذا كان هذا ديدن السلطة التشريعية على مدار العقود الماضية، فكيف كانت تمارس صلاحياتها الدستورية في عملية الرقابة على الحكومة وأجهزتها المختلفة؟ سؤال يبقى برسم الإجابة.