يستطيع اتفاق نووي أميركي إيراني أن ينقذ العراق

ريان كروكر، ويليام لوريس وتوماس بيكرنغ – (الواشنطن بوست) 11/7/2014

 ترجمة: علاء الدين أبو زينة

اضافة اعلان

هناك مثل عربي شائع يقول: "اشتدي أزمة تنفرجي". وتتجسد هذه الفكرة في تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية، والذي يشكل خطراً على الولايات المتحدة، في الوقت الذي يوضح فيه الخيارات أمام صانعي السياسة الأميركيين. لم يعد السؤال الذي يواجه الولايات المتحدة وإيران يتعلق الآن بما إذا كانتا ستعملان معاً، وإنما بكيف تفعلان ذلك. وفي ضوء وجود عقود من انعدام الثقة والعداء، فإنه يمكن تسهيل الاتصالات بين البلدين بشكل كبير عن طريق التوصل إلى اتفاق نووي شامل خلال المفاوضات الوشيكة في فينا. ولن يخلف الفشل في تحقيق ذلك سوى الخيارات السيئة فحسب.
إذا كانت هناك رغبة في احتواء "الدولة الإسلامية"، فسيكون على الولايات المتحدة والدول الأخرى أن تعيد التفكير في السياسات السابقة وأن تعالج مكامن العداء بينها. وبالنسبة لإيران، سوف يكون انقسام العراق ونشوء دولة إسلامية سنية متطرفة في الجوار كارثياً. ويجب على قادة إيران أن يقرروا الآن ما إذا كانوا سينضمون إلى الشيعة العراقيين في حرب أهلية دموية، أم أنهم سيعملون مع الآخرين –إلى جانب استخدام القوة- من أجل بناء عراق فيدرالي تتقاسم فيه الجماعات العرقية مسؤوليات الدولة ومكاسبها.
في هذه الأثناء، وبعد سنوات من الدعم المتحمس للإسلاميين السنة المتطرفين في كامل أنحاء الشرق الأوسط، تواجه ملَكيات الخليج العربي خياراً بين نبذ "الدولة الإسلامية" وشجبها، وهو ما سيشكل خطراً كبيراً عليها أيضاً، وبين الاستمرار في الإصرار على تكريس الصراع الطائفي مع الشيعة.
أما الخيار المطروح أمام حكومة بشار الأسد في سورية، فهو إما تحويل قوة جيشها ضد "الدولة الإسلامية"، أو الاستمرار في قتل مواطنيها السوريين. ولن يكون هناك أي منطق قويم في دعم حرب ضد الأسد في نفس الوقت الذي يجري فيه دعم حرب ضد "الدولة الإسلامية". إن الأسد شر، لكنه يظل أقل الشرين بكل تأكيد في هذه الحالة.
من جهتها، يبدو أن الحكومة التركية قررت مسبقاً دعم العمل العسكري الكردي ضد "الدولة الإسلامية" مختارة المخاطرة بتوفير المزيد من الاستقلال للأكراد على خلفية أن البديل سيكون قيام نظام إسلامي متشدد على حدودها. كما يتوجب على إسرائيل أيضاً أن ترى أن هذا الاضطراب الإسلاموي العنيف يتطلب منها أن تعيد النظر في تقرير أي القوى الخارجية هي التي تشكل أكبر خطر عليها.
تتقاسم الولايات المتحدة وإيران مجموعة من المصالح في العراق وأفغانستان. وتعمل شبكة الاستخبارات الإيرانية، وهوية إيران الدينية، ونفوذها السياسي، وتاريخها وجغرافيتها، على منحها دوراً بارزاً في كلا البلدين. وفي الوقت نفسه، تعمل قوة الولايات المتحدة الجوية، وقواتها الخاصة، ومستشاروها العسكريون، وتاريخها الحالي والتزامها بعدم هدر الأرواح والأموال التي استثمرتها في العراق وأفغانستان، على تأكيد أن لها دوراً كبيراً لتلعبه بنفس المقدار.
الآن، يبدو الطرفان ملتزمين بكل وضوح ببذل أقصى الجهد لإبرام اتفاق نووي بحلول 20 تموز (يوليو) الحالي، ويبدو التوصل إلى اتفاق جيد شيئاً في المتناول. وعلى الرغم من توقعات العديد من المراقبين، فقد تم قطع مسافات مذهلة على هذا الطريق. وقد أوفت إيران مسبقاً بمعظم مطالب الدول الست المشاركة في المحادثات، وتعمل الأطراف على تأسيس إطار زمني عملي لبرنامجها النووي تحت رقابة وضوابط غير عادية. وكانت المفاوضات أكثر تحضراً مما تخيل أي شخص قبل عام من الآن. لكن التفاصيل المهمة التي ربما ستصنع صفقة، والتي تتعلق بالحجم النهائي والمدى الذي يمكن أن يصل إليه برنامج إيران النووي، ليست محلولة بعد.
سوف يؤدي انهيار المفاوضات –الذي ما يزال احتمالاً وارداً- إلى إعادة طيف المواجهة العسكرية، وسيفضي إلى انهيار التحالف العالمي الذي ساعد في جلب إيران إلى طاولة المفاوضات. وسوف يجعل الفشل من أمر الاتصالات الثنائية مستحيلاً، حيث سينشغل كل من الطرفين بتوجه اللوم للآخر. وفي حال انهار التحالف الذي بنته الولايات المتحدة، فإن إيران قد تنجح في تأسيس علاقاتها التجارية والسياسية الخاصة مع روسيا والصين وأوروبا الغربية.
سوف يفضي الفشل أيضاً إلى تقويض آمال حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، ويمكن أن يؤدي إلى إسقاط أولئك القادة الإيرانيين الذين سعوا إلى وضع حقبة أحمدي نجاد الموسومة بالمواجهة خلف ظهرهم، وإخراجهم من الحكم.
ربما يبدو أمر إنشاء علاقة استراتيجية بين الولايات المتحدة وإيران مستحيلاً ومليئاً بالمخاطر. لكنه يظل ضرورياً جداً مع ذلك، ويصب في مصلحة الطرفين. وبينما يعتبر تشكيل تحالف أمراً خارج النقاش، فإن العمل القائم على الإلهام المتبادل يبقى ضرورياً.
ثمة مثل عربي آخر يتحدث عن تلاشي مشاعر الأخوة والقرابة إذا ضاق الطريق. وفي الحقيقة، وبينما ندخل حقبة جديدة من صراعات الشرق الأوسط، فإن الدرب يصبح ضيقاً ومليئاً بالفخاخ، وسيكون على الولايات المتحدة أن تعمل مع الكثير من الشركاء الغريبين. لكنه سيمكن، بإبرام الاتفاق النووي المناسب واتخاذ كل من طهران وواشنطن القرارات الاستراتيجية البراغماتية الصحيحة، أن تكون هناك دائماً طريق في الأمام.

*نشر هذا المقال تحت عنوان: How a U.S.-Iran nuclear deal could help save Iraq
*ريان كروكر: سفير أميركي سابق في العراق وأفغانستان، وهو عميد كلية جورج بوش للحكم والخدمة المدنية في جامعة تكساس. ويليام لوريس: سفير أميركي سابق لفنزويلا وتشكوسلوفاكيا، وهو مدير مشروع إيران. توماس بيكرنغ: كان مساعد وزير الخارجية للشؤون الخارجية من 1997 إلى 2000، وسفير أميركا في الأمم المتحدة من 1989 إلى 1992.