يصرخون لتحسين شروط حياتهم

رحل الشاب محمد البوعزيزي عن هذه الدنيا وترك خلفه أنينا لعشرات الآلاف من التونسيين الذين لم يفتحوا بعد نافذة على العمل والحياة.

فمن المحيط الى الخليج تحت السماء العربية تتعالى صيحات المهمشين والساعين الى عيش كريم.

اضافة اعلان

ويبدو أن العام 2011 سيكون عاما للمطالب والوقفات الاحتجاجية بهدف تغيير الأحوال المعيشية، التي انزلقت الى مستويات متدنية بات يصعب معها التكيف مع الأوضاع الراهنة.

يتناقل الناس المعلومات عن معاناتهم حتى وان لم يقفوا أمام الكاميرات، وفي الشارع يمكن الاستماع الى الكثير من معاناة الفقراء، فهذا عامل يقف في طابور طويل امام محطة محروقات في عمان، ويتحدث الى الشخص الذي يقف امامه: ما الذي حدث لماذا اصبح "غلن" الكاز بعشرة دنانير؟، وتساءل من دون ان يجد إجابة عن هذا الصعود المستمر في اسعار المحروقات وارتفاعها بنسبة تراكمية بلغت 36 % خلال العام المنصرم، بينما لم يزد اجره الا خمسة دنانير.

الحكومة رفعت قبل عشرة ايام اسعار المحروقات بنسبة بين
6 % الى 9 %، ويرتبط هذا الرفع كما هو معلوم مع صعود ملموس لاسعار سلة من السلع والخدمات، وما يجعل الأمر عصيا على التكيف أن رواتب الموظفين واجور العمال، لم ترتفع في البلاد بنسب مقاربة للارتفاعات المتتالية لاسعار المشتقات النفطية. آخر الزيادات على الحد الادنى للأجور تمكنت من رفعه الى 150 دينارا، وهو مبلغ متواضع أمام الغلاء والتضخم المتفشيين في الاسواق، والمأمول لدى قطاع العاملين ان يرتفع الحد الادنى ليصل الى 250 دينارا، لكن ذلك يتطلب وقفة نقابية جادة وأخرى برلمانية، وقبلهما ارادة حكومية تسعى الى تحسين شروط الحياة للعمال الاردنيين، ومبلغ 250 دينارا ليس تقديرا جزافيا بل يسمح – في اسوأ التقديرات – للعامل بالانفاق على بيته وعائلته في الحاجات الاساسية من دون ان يحقق اي رفاهية له او لاطفاله.

ومما يجعل آمال العمال حقا مشروعا وحاجة واقعية ما اظهره مؤشر الاجور، الذي اعلن اخيرا ان المتوسط الحقيقي للاجر الشهري في القطاعين العام والخاص، ما يزال ضمن مستوى المقبول واقل من هذا المستوى في احيان كثيرة، ويأتي هذا المستوى المتدني لمتوسط الاجور بالرغم من الزيادات التي طرأت في السنوات الماضية على الحدود الدنيا للاجور في الاردن، والتي تحركت من 80 دينارا في العام 2000 الى 85 دينارا بعد عامين، ثم الى 95 دينارا في 2005، وارتفع بعدها في 2006 الى 110 دنانير، حتى بلغ في نهاية عملية صعوده البطيء الى 150 دينارا.

الحديث عن الاجور ورفع معدلاتها لمساعدة المواطنين على التكيف، ذو صلة بأوضاع المعلمين التي تحتاج الى تحسين وتطوير مستمر، وهو حديث يمس ايضا شرائح واسعة من المجتمع وعلى رأسها حجم القوى العاملة (الذين يعملون والعاطلون عن العمل) الذي يرتفع الى 1.3 مليون عامل وعاملة، وما يرتبط معها بشكل مباشر او غير مباشر من اسر تزيد معاناتها يوما بعد يوم، لا سيما مع استمرار تصاعد اسعار السلع والخدمات.

غرائبية المعادلة تكمن في ان العامل المحلي البسيط
– بأجر هزيل - يواجه تقلبات اسعار برميل النفط عالميا، ومع ضعف اسلحة المواجهة فإن مستقبل العمال وصغار الموظفين محاط بتهديدات كثيرة تقلل من فرص العيش الطبيعي لشريحة واسعة من المجتمع الاردني، وكذلك من مجتمعات عربية أخرى.

 [email protected]