يعلن بالطبل ويتراجع بالصمت

يديعوت أحرونوت

ناحوم برنياع  9/11/2015

من كل المكاتب التي تباركت بها حكومتنا، الانشط هو مكتب رئيس الوزراء. كل ساعة، واحيانا كل نصف ساعة، على مدى معظم ساعات اليوم، يصدر البيانات – بالرسائل القصيرة، بالبريد الالكتروني، بالواتس أب، تبشر، كل واحدة منها على حده، بقرار جديد او ببشرى جديدة على لسان رئيس الوزراء. والبلاغات هي مادة قراءة مشوقة. اولا، القلب يتسع، ثانيا، الاحاسيس تحتد. احد البلاغات الذي نشر مؤخرا حمل تاريخ "29 شباط 2015". لماذا شباط، سألت نفسي، وعندها اكتشفت أنه لم يكن على الاطلاق 29 شباط في 2015.
ومن تجوال قصير في جملة البلاغات منذ بداية موجة السكاكين انكشفت لي حقيقة اخرى. اكثر اهمية بكثير: للقرارات التي يعلن عنها مكتب رئيس الوزراء ثمة امكانية تبخر عالية. يعلنون بصوت الطبل، ويتراجعون بصوت دقيقة صمت. من البلاغ عن اتخاذ القرار وحتى الغائه تمر احيانا ايام؛ واحيانا ساعات فقط. والنتيجة هي مثل الاخبار العاجلة في موقع الاخبار على الانترنت: لم تتمكن بعد من هضم النبأ واذا به يختفي.
جمعت عدة قرارات لفخار حكومة اسرائيل.
· الدولة ستبني اسوارا تفصل بين الاحياء العربية والاحياء اليهودية في القدس. بدأوا ببناء سور أول، بين ارمون هنتسيف وجبل المكبر، فهموا بان البناء سيفسر كتقسيم للقدس فهدموا ما بنوه.
· سيفرض اغلاق على الاحياء العربية في شرقي القدس. قوات من الشرطة جندت لفرض الاغلاق، وبعد يومين – ثلاثة ايام انسحبت.
· ستتغير تعليمات فتح النار: الجنود وأفراد الشرطة سيطلقون النار على راشقي الحجارة وملقي الزجاجات الحارقة بهدف القتل. اعترض قادة الجيش على هذه النية، بادعائهم بان كل جنازة لقتيل فلسطيني تخرج الى العمل حملة سكاكين جدد.
· المواطنون مدعوون لاستخدام السلاح الذي بحوزتهم، بما في ذلك السلاح الناري لتحييد الفلسطينيين. وكانت النتيجة افعال فتك وقتل لابرياء. أصدرت الشرطة بلاغا متعارضا، دعا المواطنين الى ترك قوات الامن القيام بعملهم.
· ستهدم باجراء فوري منازل منفذي العمليات في الضفة وفي القدس. عندما وصلت مسألة الهدم الى المحكمة تبين أن الحكومة ليست واثقة جدا بانها تريد أن تهدم، وان المنازل التي اختيرت هي بالفعل منازل لهم. واسدت محكمة العدل العليا جميلا للحكومة، واخرت الهدم بتعاليل قانونية. وعلى سبيل الشكر هاجم وزراء الحكومة محكمة العدل العليا.
· جثامين الفلسطينيين لن تعاد الى عائلاتهم. وهم سيدفنون في مقابر مخصصة للناشطينن. وزير الامن الداخلي كان مع، لاعتبارات الامن؛ وزير الامن كان ضد لذات الاعتبارات. والنتيجة: الجيش الاسرائيلي يعيد الجثامين التي لديه؛ والشرطة تبقيها في الثلاجات.
· سكان الاحياء المطرفة العربية في القدس الموسعة ستوضع امام "اختبار الاقامة". اذا فشلت فستسحب منها حقوق الاقامة. وكان القرار سيدفع عشرات الاف الفلسطينيين عديمي المنازل والغاضبين الى الدخول، في القدس. وبدلا من ابعادهم عن اليهود كان سيقربهم منهم. وقد ألغي مسبقا.
· النواب سيحجون إلى الحرم، لن يحجوا الى الحرم، سيحجون ولن يصلوا، لن يحجوا.
· على كل زاوية في الحرم ستنصب كاميرات. بعد أن اعلن الاردن، بانه اتفق على أن تكون الكاميرات اردنية، ندم نتنياهو. الكاميرات ستكون بسيطرة اسرائيل. الاردن أعلن بانه يقطع الاتصال، فتراجع نتنياهو.
· المفتي أقنع هتلر بوجوب ابادة اليهود. الناجون من الكارثة احتجوا، حكومة المانيا نفت، فتراجع نتنياهو.
· في مركز الليكود قال نتنياهو ان حكومته تبني في المستوطنات أكثر من كل حكومة اخرى. في الخطاب في الكونغرس الصهيوني، في 20 تشرين الاول، قال انها تبني اقل مما بنى باراك، شارون واولمرت.
· خريطة الامتيازات الضريبية ستتغير: اقل للجليل، اكثر للمستوطنات؛ في الجليل شرعوا في المظاهرات، خريطة الامتيازات الضريبية تجمدت.
· وأخيرا الاكثر تحببا: ران براتس، الذي أعلن رئيس الوزراء احتفاليا عن تعيينه رئيسا لمنظومة الاعلام الوطنية؛ تعيينه جمد حتى اشعار آخر. يتبين أن الفحوصات التي اجريت قبل التعيين تجاوزت المشروع الادبي لبراتس على الفيس بوك.
ظاهرا الاستنتاج واضح: رئيس الوزراء محوط بارتجاليين، بالمعنى السيء للكلمة، ويعاني من التذبذب المواظب. بالنسبة للمفتي، الامتيازات الضريبية، تعيين براتس وغيرها هذا صحيح: نتنياهو فشل واُفشل. ولكن في كل ما يتعلق بالعرب، نتنياهو هو عبقري تسويق. من جهة يخلق الاحساس بانه يقاتل الفلسطينيين بكل القوة، يعاقب ويردع. من جهة اخرى يقبل سياسة كبح الجماح للجيش الاسرائيلي، ويحني الرأس الى أن تمر العاصفة. اللغة البيانية بدواسة السرعة حتى الاخير؛ اما السير فبالغيار العادم.
المشكلة هي أن كل العالم يفهم المناورة. الناطقون بلسانه يهمسون بان اليوم، حين يلتقي بالرئيس اوباما في البيت الابيض، سيفصل له كل انواع خطوات بناء الثقة التي يعتزم القيام بها، تجاه الادارة وتجاه الفلسطينيين. أما اوباما فيعرف المريض. وسيصعب عليه جدا التأثر.

اضافة اعلان