يفقدون السيطرة

يديعوت أحرنوت

أليكس فيشمان

9/7/2014

تجاوزت المواجهة بين إسرائيل وحماس أمس بعد الظهر نقطة اللا عودة. ولم يعد لأحد الطرفين من هنا فما بعد أية سيطرة لا على الجداول الزمنية ولا على الصورة التي ستنتهي عليها هذه المعركة. ولا يعمل الطرفان عن تقديرات استراتيجية فقط أو عن مصالح أمنية واضحة، بل يحركهما عالم تصورات ورموز وغرائز وانتقام. ولهذا أصبح وقف هذه المواجهة قبل أن تبلغ أبعادا غيلانية، غير ممكن تقريبا. ترى حماس أن اطلاق القذائف الصاروخية على تل ابيب هو "صورة النصر" المطلوبة لهذه الجولة؛ كالاندفاع من داخل نفق والسيطرة على بلدة أو اختطاف جنود إلى القطاع. وكلها أحداث حاسمة لن تمنح حماس المجد فقط بل ستجعل حكومة إسرائيل تتعرض لضغط من الجمهور يوجب عليها أن توافق على وقف اطلاق نار بحسب الشروط التي ستعرض عليها.اضافة اعلان
وقد أبرزت حماس أمس في الحقيقة عددا من المفاجآت الاستراتيجية التي أعدتها قبل ذلك، فقد بدأت اطلاق صواريخ على غوش دان، وحاولت ان تنفذ عملية استراتيجية من البحر في منطقة زيكيم، وحاولت أن تنفذ عملية نفق في منطقة كيرم شالوم. وكل ذلك عن فرض أنه كلما مر الوقت قوي النشاط الإسرائيلي الذي يضائل قدراتها. وما لم يبلغ الجيش الإسرائيلي إلى كل الانفاق وقواعد اطلاق الصواريخ البعيدة المدى فهي فرصة حماس لاطلاق الصواريخ ولتنفيذ عمليات استراتيجية. وسيصبح ذلك أصعب عليها بعد بضعة أيام.
ستحاول حماس أن تطيل المعركة بقدر المستطاع لأن قدرة المجتمع الفلسطيني في غزة على التحمل، في تقديرها أكبر من قدرة الجبهة الداخلية الإسرائيلية على التحمل. ولهذا ستحاول أيضا أن تواصل اطلاق كل تلك القذائف الصاروخية التي لم تصب إلى الآن بمقادير موزونة بين 10 قذائف إلى 20 كل يوم، اطلاقها على غوش دان. وفي القطاع بحسب ما نعلم 300 – 350 قذيفة صاروخية بعيدة المدى، وهكذا تستطيع الاستمرار على الاطلاق أسبوعين على الأقل. ومع هذه المقادير المحدودة من المحتمل ألا تعترض القبة الحديدية حتى في ذروة نجاعتها بعض الصواريخ. إن الدمار والمصابين في "غوش دان" (منطقة تل أبيب الكبرى) سيحدثان صورة الذعر التي تبحث عنها.
وترى حماس أنه حتى لو أصيبت إصابة شديدة فان مجرد حقيقة أن تبقى على رجليها ستعتبرها انجازا كما حدث بالضبط بعد عملية "عمود السحاب". وقد قتل في قطاع غزة في الأسبوع الاخير نحو  30 شخصا وكان في إسرائيل في مقابل ذلك عدد من الجرحى جراحهم طفيفة برغم مئات اطلاقات الصواريخ. وإن عدم التناسب هذا يفسد على حماس صورة النصر، فهي تبحث عن تعادل من جهة الضحايا.
أدار سلاح الجو الإسرائيلي أمس معركة مركزة على خنادق اطلاق الصواريخ. والذي لا تعرفه الاستخبارات من المحتمل أن يطير إلى هنا. وقد هوجم أمس في الحاصل العام حتى ساعات المساء 98 قاعدة اطلاق مخبأة و10 أنفاق هجوم. وهوجمت أيضا منظومة الدفاع الجوي لحماس لتأمين السماء ولمنع اطلاق صواريخ على الطائرات.
أجازت حكومة إسرائيل أمس تجنيد 40 ألف من رجال الاحتياط من اجل المعركة البرية. وما زال التجنيد جزئيا، فليس لإسرائيل اهتمام ألبتة باحتلال القطاع – لكن في اليوم الذي تسقط فيه صواريخ في تل ابيب ويصاب مدنيون لن توجد حكومة تستطيع أن تثبت لضغط الجمهور للدخول إلى غزة "لصنع نظام هناك". وهذا سيناريو محقق تقريبا تتجه إسرائيل اليه – لا عن رغبة ومخالفة كل مصلحة – بعينين مفتوحتين. وسيكون استقرار الرأي على الانتقال إلى المرحلة البرية أهم قرار تتخذه الحكومة في هذه المعركة ونحن قريبون جدا من هناك.
أدارت إسرائيل في الأسبوع الأخيرة لعبة بينغ بونغ مع حماس لم تفض إلى أي مكان. وألقى سلاح الجو الإسرائيلي على غزة اكثر من 100 طن من المتفجرات. وقد يؤثر هذا الرقم تأثيرا ضخما اذا قيس بمخزون القذائف الصاروخية في حوزة الجهات الارهابية، لكن 90 طنا أو 100 طن من المتفجرات – في أسبوع – لا تكاد تحك قدرات سلاح الجو، فهذه مرحلة أولية جدا وحذرة. والانفجارات الكبيرة التي ظهرت إلى أمس على الشاشات هي مادة دعائية لا نظير لها. لكن سلاح الجو ما يزال بطيء الحركة من جهة النتائج.
اذا ارادت إسرائيل حقا ان تُركع حماس – قبل أن تُدخل قوة برية إلى القطاع – فيجب على سلاح الجو أن يتلقى توجيها إلى زيادة سرعته كثيرا. ويفضل ثلاثة أيام قصف كثيف في القطاع على أيام قتال طويلة مع مئات الجرحى من الطرفين.
يجب أن نأمل ألا تنشئ حكومة إسرائيل – التي جُرت إلى هذه المواجهة خلافا لمصلحتها – أهدافا جديدة لا تستطيع الثبات لها. وقد أصبح وزراء يعلنون الآن أن هدف العملية هو القضاء على سلاح حماس البعيد المدى، وهذا شعار فارغ لا يوجد وراءه أي شيء لأنه لا يمكن احراز هذا الهدف دون احتلال القطاع.
ليس لإسرائيل اليوم أي هدف سياسي في غزة. وترمي عملية الجيش الإسرائيلي إلى احراز هدف واحد وهو وقف اطلاق الصواريخ، ويمكن احراز هذا الهدف فقط بالكثير جدا من النار والبحث بموازاة ذلك عن نقطة الخروج التي تتيح للطرفين فرصة النزول عن الشجرة.