"يلا عالبلد".. دعوة للتسوق من "قاع المدينة" لدعم التجار المتضررين

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان- انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الاجتماعية؛ أطلق العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين حملة تحت شعار "يلا عالبلد"، يدعون من خلالها المواطنين إلى مساعدة تجار وسط البلد، ممن تعرضت محالهم لخسائر مادية تُقدر بالملايين، وذلك جراء الحالة الجوية التي أدت إلى "غرق السوق بمياه الأمطار".اضافة اعلان
وبعد ساعات من امتداد المنخفض الجوي الأخير، هطلت كميات كبيرة من الأمطار التي أدت إلى حدوث سيول جارفة داهمت منطقة وسط البلد، بينما تعثر تصريف المياه عبر بنى تحتية لم تستطع مواكبة حجم الضغط الكبير من المياه، وجرفت محتويات العشرات من المحال التجارية.
وعلل كثيرون سبب الحادثة بـ "سوء البنية التحتية" في المنطقة، ليظهر الجانب الإنساني الاجتماعي كالعادة بالدعوة إلى دعم صغار التجار لمساندتهم بالعودة إلى عملهم بشكل أسرع من خلال عدة طرق.
أماني حماد، إحدى السيدات اللواتي يخترن البلد بشكل دائم للتسوق، قامت بإطلاق دعوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها للتوجه لأسواق وسط البلد ومحلاتها على اختلافها، وهي دعوة لقيت تفاعلا سريعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لينطلق هاشتاج "يلاعالبلد" بآلاف التفاعلات خلال ساعات قليلة. حماد ترى من خلال تواصلها مع عدد من التجار في وسط البلد، أن عددا كبيرا منهم ما يزالون تحت وقع الصدمة والذهول بعد ما تعرضت له محالهم التجارية "وأبواب الرزق لعائلاتهم"، لذا، من الأولى أن يقف المجتمع معهم بشكل غير مباشر، من خلال التسوق في محالهم التي تحوي ما يحتاجه البيت من مستلزمات. وتعتقد حماد أن هذا العمل التكافلي من شأنه أن يساعد التجار على الوقوف مجدداً في استمرارية العمل، والعودة إلى السوق بكل نشاط واستقبال للزبائن، ولكن ذلك لا يمنع من أن يطالبوا بحقوقهم من الجهات المسؤولة عن مثل تلك الحوادث التي أتت على عدد من الأسواق. التجاوب الكبير من الناس في مجتمعنا، دعا حماد إلى التواصل مع بعض الجهات التي من شأنها أن تساعد في ترسيخ الحملة وتشجيع المواطنين على أن يتواجدوا في وسط البلد، كما في دعم "كريم" للتوصيل، بتوفير بروموكود، يستطيع المواطن من خلاله التوجه لوسط البلد بأسعار تشجيعية. ويعتبر وسط البلد مركز العاصمة، ويجمع العديد من أطياف المجتمع الأردني، يزوره الكثيرون بهدف التسوق والتمتع بالماضي العريق في عمان، وفيه محال تجارية مختلفة، وعدد من أقدم المقاهي الشعبية يقصدها مواطنون باحثون عن أماكن أكثر هدوءاً وتحوي جدراناً ضمت على مدار عقود حوارات وجلسات عمانية ما زالت عالقة صورها في الأذهان. ومن ابرز الاسواق المتواجدة في المنطقة وأكثرها تضرراً كذلك: سوق السكر، و"البخارية"، وسوق الجمعة، و"منكو" و"الندى"، ومنطقة بيع الاثاث المستخدم وسوق الخضار واسواق التحف والإنتيكا"، وغيرها من المحال التجارية الأخرى. وفي ذات الوقت، قام أحد الناشطين على مواقع التوصل الاجتماعي، "تويتر" تحديداً، عبيدة الصوالحة، بإطلاق تغريدة كتب فيها "شو رأيكم إخواني أنه تشتروا أغراضكم واحتياجاتكم الأسبوع القادم من تجار وسط البلد لمساعدتهم .. #عمان-تغرق # فعل الخير". هذه التغريدة تفاعلت ايضا ووصلت إلى عشرات الآلاف من المواطنين بعد أن قام مجموعة من الشخصيات والمؤثرين بإعادة نشر التغريدة، لتصل إلى أكبر عدد ممكن، فيما ضمنها آخرون ضمن حملة #يلاعالبلد، في دعوة لإيجاد "دعم معنوي تضامني في ذات الوقت".
ويتفق الصوالحة مع حماد بأن الهدف الذي يتمثل في مساعدة التجار، لا يعني تقديم مساعدة مالية مباشرة لهم، إذ أن كلا الطرفين هو المستفيد، فالمواطن يبتاع مستلزماته، باسعار في متناول الجميع، والتاجر يبيع بضاعته يعوض ولو جزءا بسيطا مما خسره في السيول الأخيرة، لذا فالدعوة موجهة لكل اطياف وافراد المجتمع ليكونوا قدوة لبعض وعونا لانفسهم، ونقل الصورة الايجابية في التكافل الإجتماعي، كما هو متعارف عن المجتمع الأردني.
من جهته، يرى أخصائي علم الاجتماع الدكتور سري ناصر أن قاع المدنية في كل دول العالم يُشكل خليطا سكانيا من مختلف الأطياف. بيد أنه في الأردن، يمثل تواجدا لصغار التجار، أو طبيعة سكانية لـ "محدودي الدخل"، لذا نجد أن كثيراً من سكان باقي المناطق "العمانية" قد يجدون بالتوجه لسوق وسط البلد أمرا غير معتادين عليه"، لذا فإن انتشار حملة تطوعية تكافلية، هي صورة تشدد على أن مجتمعنا ذي صِبغة متماسكة تفكر بالغير، وتظهر تلك السمة في المواقف التي تمر بها البلد بين الحين والآخر.
ويعتقد ناصر أن العمل على نشر تلك الفكرة والدعوة لمساعدة التجار بطريقة تحمل فائدة لكلا الطرفين هي فكرة "رائدة ومميزة من شأنها أن تغير على المدى القريب في اتجاهات الناس للتبادل المكاني وتداخل الحركة الشرائية ما بين طبقات المجتمع المختلفة على الرغم من أنه أمر ليس بالسهل في بعض الأحيان"، على حد تعبيره.
في ذات الوقت، طالب التجار المسؤولين أن يقدموا لهم الدعم والتعويض عما تعرضوا له من خسائر مالية، وفي البنى التحتية لمحالهم التجارية التي تحتاج إلى وقت لإعادة تأهيلها، عدا عن الشوارع التي قد تمنع المتسوقين من التوجه للسوق.