يوسف ربابعة: "كورونا" بكل قسوته لم يستطع أن يؤثر على علاقاتنا الإنسانية

عزيزة علي

عمان- لا أحد يمكن له أن يتجاوز تجربة فيروس كورونا الذي جاء فجأة وأوقف الحياة بأكملها، ولا تلك الإجراءات التي رافقته، فقد كانت جديدة علينا، كما يقول أستاذ اللغة والنحو في جامعة فيلادلفيا، رئيس تحرير مجلة "أفكار" د. يوسف ربابعة "نحن لم نعهد مثلها من قبل، وما أوجدته من ارتباك وحالة من العجز في بداية الأمر، كان طاقته أكبر من الاحتمال، وبخاصة أن التحليلات تشير إلى أن فيروس كورونا قد ينتشر ويقتل ملايين البشر".اضافة اعلان
الفكرة التي كانت تؤرق ربابعة على المستويين الشخصي والإنساني، هي كيف يمكن احتمال أن يفقد الإنسان نفسه أو أحبابه؟ وكيف يستطيع الفرد أن يتجاوز محنة يقف عاجزا أمامها؟ ليس هو فقط، بل العالم كله، تلك فكرة مربكة وتجعلك تفكر بطريقة أخرى أعمق من التفكير بالعمل والإنجاز ربما، إنها فكرة أن تبقى حيا فقط، فالسؤال الراهن في تلك اللحظة هو، كيف تستطيع أن تحافظ على حياتك وحياة من حولك؟.
الأيام الأولى كانت صعبة جدا على ربابعة للأسباب التي ذكرها، كما أنه كان يواجه إشكالية جديدة ومختلفة في العمل؛ اذ كان عليه أن يدخل إلى برامج التعليم عن بعد، وهذه التجربة ليست سهلة كما يصفها: "أنا شخصيا استخدمت بعضها سابقا في نطاق ضيق، لكن المطلوب الآن أن يكون كل تواصلك مع الطلاب عبر تلك الوسيلة، وأنت مضطر لتحضير مواد جديدة بطريقة جديدة، ولديك خوف من عدم القدرة على ملء الفراغ الذي يحصل نتيجة عدم اللقاء المباشر".
ويتابع ربابعة أنه معتاد منذ سنوات طويلة على أن يدخل الصف ويكون الطلاب أمامه فيتعامل مع أشخاص يتفاعلون مع ما يقول، أما اليوم فهو يجلس أمام شاشة ليخاطب جمهورا غير مرئي، ويفقد السيطرة على استخدام حركاته وإشارته في إيصال المعلومة، لذلك كان مضطرا لتغيير كل الاستراتيجيات التي مارسها على مدى أكثر من عقدين من الزمن.
أما على المستوى الشخصي، فقد كان ربابعة حريصا على أن يجد الوسيلة لإبقائه قادرا على الفعل والإنتاج، وأن يكون قادرا على طرح أفكاره، مضيفا "نحن بحاجة لأن نتعاون جميعا للخروج من الأزمة، لكن تلك الفكرة لم تكن سهلة بالنسبة لي، فلا بد أن لا نتغير مهما كانت الظروف، وكان من المفيد أن نبقى نكتب بكل ما لدينا وأن حالة الضعف التي نشعر بها تحتاج لتقييم أكثر، وربما نقدا أقسى حتى نخرج منها ونجد بعدها ما يمكن أن يكون مادة للحوار وتجاوز السلبيات".
أما تجربة الحظر والحجر، فيقول ربابعة "تعاملت مع مثل هذه الفكرة سابقا، وليس عندي مشكلة أن أبقى في عزلة، بل وأعتبرها فرصة للتأمل وإنجاز كثير من القراءات والأعمال التي كانت مؤجلة بسبب الانشغال في فوضى الحياة العامة سابقا، فقرأت كتبا كانت على الرف، وهي تتعلق بعلوم اللغة، وهو تخصصي وأحتاجه في البحث والتدريس". ويوضح ربابعة أنه كان يتابع بعض المسلسلات العربية، من باب الاطلاع على الدراما، وربما "تشكل لدي بعض الأفكار النقدية حولها، بالإضافة لإنجاز أعمال أخرى مطلوبة في الحقل الثقافي والأكاديمي.. طبعا بدأنا نشعر بضغط أقل مع مرور الزمن، وربما أصبحنا أكثر اعتيادا على الوضع الذي نحن فيه".
أما عن العالم بعد الانتهاء من فيروس كورونا، وما تركه من آثار على البشرية، يبين ربابعة أنه رغم قسوة المرض، الا أنه لم يكن حدثا قويا أو مؤثرا على "علاقاتنا الإنسانية"، فكل ما حصل يمكن استيعابه معنويا وماديا في المستقبل.
ويعتقد ربابعة بعد الانتهاء من فيروس كورونا "ستحصل ردة في العديد من المجالات والمستويات، ستكون هناك ردة تجاه المجتمعات، رغم ما يقال عن التباعد الجسدي وفي العلاقات الاجتماعية، لأن الإنسان في حالة الضعف يعود لدوائره الأولى، ولكن الأهم أن على الإنسان أن يحمي ذاته بشكل أفضل في المستقبل".
ويذكر أن د. يوسف ربابعة هو أستاذ اللغة والنحو في جامعة فيلادلفيا، رئيس تحرير مجلة" أفكار" ، عضو رابطة الكتاب الأردنيين وعضو جمعية النقاد… كاتب وباحث.