يوم أميركي طويل

باهتمام وترقب شديد وقلق أيضاً؛ ينتظر العالم مشهد الانتخابات الرئاسية الأميركية ومآلات النتائج، فالحدث بالغ الأهمية ليس للشعب الأميركي فقط؛ ذلك أن ساكن البيت الأبيض لأربع سنوات قادمة سيرسم ملامح العلاقات الدولية وطبيعة الاصطفافات والتحالفات مع أهم قوة مع العالم حاضرة بأدق التفاصيل وفي كل الملفات. الخبراء في الانتخابات الأميركية يجمعون على أن هذه المرة هي الأكثر خطورة في التاريخ الانتخابي الأميركي؛ من ناحية أن النتائج قد لا تحسم بالطرق المعتادة ولا في الوقت المعتاد، وهناك ما هو ابعد من ذلك وهو التحذير من حدوث سيناريو الفوضى نتيجة إصرار ترامب إعلان فوزه مبكرأ والتشكيك في أي نتيجة فرز التصويت عبر البريد إذا لم تكن لصالحه مما يؤسس لكل الاحتمالات بما فيها الطعن لدى المحكمة العليا. الانتخابات ستجرى اليوم الثلاثاء الثالث من تشرين الثاني لكن ليس من المتوقع إعلان النتائج بنفس اليوم نتيجة تأخر فرز الأصوات التي تمت عبر البريد لزيادتها هذا الدورة بشكل كبير إذ عادة يتم الفرز يوم الاقتراع، لذلك يكون من المهم الحذر في اعتبار من يتقدم في بداية الفرز هو الفائز فقد تتغير النتيجة رأسا على عقب. ترامب يراهن وحسب آخر تصريحات له على أصوات الولاية الجنوبية «فلوريدا» فاذا تمكن من الفوز فيها فهذا يعني الحصول على تسعة وعشرين صوتاً إذ تعتبر هي وولاية نيويورك الأكثر تمثيلاً في المجمع الانتخابي بعد ولايتي كاليفورنيا وتكساس. المشكلة في حسم السباق الانتخابي غالباً ارتباطه بما يسمى «الولايات المتأرجحة» والتي ما زالت المعركة فيها غير محسومة للآن إذ توصف بأنها في الادبيات الانتخابية الأميركية بأنها أرض المعركة التي يستهدفها المرشحون بإقامة الحملات ونشر الإعلانات وتوظيف المساعدين ويتسابق المرشحان للفوز بأصوات سكانها الذين ينقسمون سياسيا على نحو متقارب، فقد تأرجحت ما بين المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين في السنوات الأخيرة. لا يتفق الخبراء دائما على من هي الولايات المتأرجحة، إذ يرى البعض أن ولايات أريزونا وفلوريدا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن هي ولايات متقلبة ولا يمكن التكهن بالفائز فيها، فيما يعتبر خبراء آخرون، نيو هامشر ونورث كارولينا وبعض الولايات الأخرى ولايات متأرجحة. السؤال المركزي أين يقف المرشحان الرئيسان في هذا السباق: بالرغم من ان كل الاستطلاعات الوطنية تشير لتقدم بايدن ومعظم وسائل الإعلام الأميركية ترجح فوز بايدن ولكن الديمقراطيين لن يركنوا لهذه الاستطلاعات فهم يخشون سيناريو انتخابات العام 2016 الى الحد الذي دعا الرئيس السابق أوباما ان يجري اتصالات هاتفية مع الناخبين لحث الناس على التصويت لبايدن. سواء تأخرت عمليات الفرز أو ظهرت ضمن ما هو معتاد فالنتيجة ستظهر في النهاية؛ اما بقاء ترامب بمكانه أو انتصار منافسه بايدن، ومهما كانت النتيجة فأن انعكاساتها ستطال العالم أجمع بما فيها منطقتنا. بالمعنى الاستراتيجي، السياسة الأميركية في المفاصل الكبرى لا تتغير بتغير الرئيس وبمعزل عن كون الرئيس جمهوريا أو ديمقراطيا، يبقى التباين في الإطار التكتيكي، وفي اختلاف سلوك وشخصية الرئيس وهو ما عاشه العالم بشكل صارخ مع الرئيس ترامب إذ طغت الشخصية الشعبوية وطريقة إدارته لأخطر الملفات عبر تويتر، بينما تبدو شخصية المرشح الرئاسي بايدن أقرب الى عقلنة الخطاب السياسي والمؤسسية في إدارة الحكم. ربما سيكون يوم الثلاثاء الانتخابي هو يوم طويل ومفتوح على كل الاحتمالات لكن سواء تأخرت عمليات الفرز أو ظهرت ضمن ما هو معتاد فالنتيجة ستظهر في النهاية؛ اما بقاء ترامب بمكانه أو انتصار منافسه بايدن، ومهما كانت النتيجة فأن انعكاساتها ستطال العالم أجمع بما فيها منطقتنا.اضافة اعلان