10 موازنات عربية: عجز واضح وأزمات متراكمة

مع تراجع أسعار النفط، واستمرار الصراعات والأزمات الأمنية في عدد من الدول العربية، سجلت غالبية الموازنات عجزاً معتبراً. ولا ينحصر تأثير المعدلات المحققة في عجز الموازنات على السياسات الاقتصادية العامة للدول، وإنما تمتد إلى الاستثمارات العمومية التي ينتظرها رواد المشاريع سنوياً.
 
الاضطرابات الاقتصادية لم تترك دولة في المنطقة إلا وطرقت بُعنفٍ على أبوابها في أشكالٍ مختلفة أدت إلى تراجع الإيرادات أو تفاقم النفقات. سعر النفط ومخصصات دعم الوقود والأغذية، كلمتا السر في تحديد عجز الموازنات العربية. يظهر تأثير هذين العاملين في ظل إعداد أغلب الموازنات على سعر 55 دولاراً لبرميل النفط، مقارنة بأكثر من مائة دولار العام الماضي من جانب، وتتوجه عدة دول أخرى، وعلى رأسها مصر والمغرب وتونس إلى خفض الدعم بهدف تقليل الفجوة بين النفقات والإيرادات.

الجزائر: الأكثر عجزاً

اضافة اعلان


تتصدر الجزائر لائحة الدول العربية بعجز مُقدر بـ 52 مليار دولار أميركي في ظل تصديق البرلمان على موازنة تدُر إيرادات في حدود 57.8 مليار دولار، بينما تتعدى النفقات 109 مليارات دولار.


ويقول وزير المالية محمد جلاب إنه تم بناء الموازنة وفقاً لسعر 37 دولاراً للبرميل، ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة فإن تحول الموازنة الجزائرية لتحقيق فائض يتطلب بيع سعر برميل النفط في حدود 110 دولارات.


وعلى الرغم من أزمة العجز المُسجلة ببيانات الموازنة، إلا أن الخبير الجزائري السابق في البنك الدولي محمد حميدوش، يعتبر أن العجز المُسجل ليس واقعياً، نتيجة وجود إِشكالية في الآلية المعتمدة لتسجيل الإيرادات. ويشرح لـ "العربي الجديد" أن الموازنة تسجل برميل النفط بـ 37 دولاراً أي أقل من السعر الحقيقي على أن يذهب الفارق إلى صندوق ضبط الإيرادات.

مصر: مؤشرات للانخفاض


ورغم أن مصر تحتل المرتبة الثالثة ضمن الموازنات العربية الأكبر عجزاً، بيد أنها في طريقها لخفض العجز في 2014 /2015 إلى 34 مليار دولار مقارنة بـ 35.7 مليار دولار العام الماضي، عبر خفض مخصصات دعم الطاقة.


ومن المتوقع أن تحقق البلاد صاحبة أكبر تعداد سكاني عربي وفراً بواقع 30 مليار جنيه من جراء انخفاض سعر البترول عالمياً، بحسب وزير البترول شريف إسماعيل.
ويرى المحلل المالي محمد رياض أن العجز المصري قابل للانخفاض نتيجة انخفاض أسعار النفط، وآمال تحسن عائدات السياحة نتيجة خفض سعر العملة، ويؤكد لـ "العربي الجديد" أن هذه التطورات تتزامن مع توجه الدولة إلى رفع دعم الطاقة تدريجياً، ما يقلل الضغوط على الموازنة.
ومع ذلك فقد أعلنت الحكومة عن تحقيق عجز بقيمة 132 مليار جنيه خلال النصف الأول من ميزانية 2014 /2015، ما يعادل 55% من قيمة العجز المستهدف العام المالي الحالي.

العراق: تدهور الموازنة


تكشف الموازنة العراقية عن عجز بقيمة 21.4 مليار دولار في ظل إيرادات مقدرة بـ 80.6 مليار دولار ومصروفات بقيمة 102 مليار دولار. وقدرت الحكومة التي تعتمد على النفط لتمويل 95% من الموازنة، سعر البرميل على أساس 56 دولاراً، مستهدفة تصدير 3.3 ملايين برميل من النفط، رغم أنها تنتج 2.5 مليون برميل الآن.
فيما لم يعتمد البرلمان حتى الآن موازنة 2014 بسبب خلافات بين الكتل السياسية، غير أن اللجنة المالية النيابية كشفت أن العجز المقدر في موازنة 2014 تجاوز 23 تريليون دينار، مؤكدة أن هذا العجز يعتبر الأكبر في تاريخ العراق.


تونس: تفاقم العجز


لم يكن الاقتصاد التونسي بمنأى عن الترهل الذي أًصاب موازنات بلاد الثورات العربية، فقد حقق الموازنة عجزاً بقيمة 4 مليارات دولار في 2015 بناء على إيرادات مقدرة بنحو 15.69 مليار دولار مقابل نفقات قدرها 11.7 مليار دولار، ما أسفر عن زيادة العجز بنسبة 5% عن العام الماضي.
ويعتبر عجز الموازنة أحد التحديات الرئيسية التي تواجه البلاد الخضراء، إذ شدد البنك الدولي في تقريرٍ له على أن تأخر الحكومة التونسية في تنفيذ الخطوات المبدئية لترشيد الدعم على موارد الطاقة ووضع ضوابط للموازنة، يؤدي إلى تفاقم العجز.

المغرب تخالف تقديرات المنطقة


رغم أن أغلب الدول العربية قدرت متوسط سعر بيع النفط عند 55 دولاراً تقريباً، إلا أن المغرب التي تعد واحدة من الدول المستوردة للنفط التي بنّت موازنتها على أساس 103 دولارات للبرميل، ووفقاً لتوقعات مكتب الصرف المسؤول عن مراقبة أسعار الصرف بالمغرب، فإن استمرار انخفاض أسعار النفط سيقلص مخصصات استيراده بواقع 50%.


وبناء على تقديرات الموازنة لأسعار النفط ، فمن المتوقع أن تبلغ النفقات 42.5 مليار دولار مقابل 38.5 مليار دولار إيرادات متوقعة ليسجل العجز 4 مليارات دولار.


لبنان بلا موازنة


لم يعتمد لبنان حتى الآن مشروع موازنة 2015، لا بل يعيش منذ عام 2005 بلا موازنة، معتمداً على آلية إنفاق وجباية تتناقض مع بنود القانون والدستور. إلا أنه بالنظر إلى مشروع موازنة العام الماضي، تقدر وزارة المالية عجزاً بواقع 5.1 مليارات دولار. وفي تقرير لوزارة المالية فقد تخطى عجز الموازنة العامة في الأشهر التسعة الأولى حاجز 2.22 مليار دولار.

اليمن: الصراعات تُجمد الموازنة


لم تجد حكومة اليمن أي مجال لإعداد موازنة 2015 وسط الصراعات مع الحوثيين، واكتفت بتمديد العمل بموازنة 2014، التي ترصد عجزاً بـ 3.2 مليارات دولار، في ظل تقدير نفقات 13.4 مليار دولار مقابل إيرادات قدرها 10.2 مليارات دولار.
وفي تصريحات لمدير منطقة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي مسعود أحمد لـوكالة سبأ اليمنية، شدد على أن البلاد في حاجة لاتخاذ تدابير حقيقية لتحفيز النشاط الاستثماري.

الأردن: عجز ثابت


يلعب انخفاض أسعار البترول دوراً داعماً للموازنة الأردنية، وإن كان يشكل هاجساً بتقليص حجم المنح الخارجية التي تُقدر العام الحالي بـ 1.59 مليار دولار. ووسط هذه الأحداث ترصد موازنة العام إيرادات قدرها 8.85 مليار دولار بخلاف المنح، مقابل نفقات 11.42 مليار دولار تؤدي إلى عجز 987 مليون دولار.

لُغزُ سوداني


في تحول مفاجئ لمؤشرات الموازنة السودانية، أعلن وزير المالية بدر الدين محمود أن بلاده تستهدف فائضاً قدره 271 مليون دولار، وفقاً لسعر الدولار في السوق الرسمية في 2015، بل أكد تحقيق بلاده فائضاً في ميزانية 2014 وإن كان لم يحدده، وذلك مقارنة بتقديرات الموازنة التي توقعت تكبد عجزاً بـ 2.11 مليار دولار.


سورية: موازنة حربية


في سورية، الموازنة مبهمة بلا تفاصيل عن موارد الإيرادات وطرق سد عجز الموازنة، واكتفت الحكومة بإعلان مؤشراتها الرئيسية والتي تشير إلى توقعات وصول الإنفاق إلى 9.1 مليارات دولار، والإيرادات إلى 5.5 مليارات جنيه، أي أن العجز يدور حول 3.6 مليارات دولار. ويتزامن هذا مع في فقدان سورية عدة مصادر هامة لتمويل موازنة الدولة نتيجة الصراعات المسجلة، أهمها النفط الذي كان يشكل 24 % من الناتج الإجمالي وتراجع الحصيلة الضريبية نتيجة انخفاض الإنتاج إلى جانب انهيار السياحة. العربي الجديد