12 جريمة قتل لأطفال منذ مطلع العام الحالي

رسم تعبيري لاب يعاقب ابنه بقسوة بريشة الزميل إحسان حلمي
رسم تعبيري لاب يعاقب ابنه بقسوة بريشة الزميل إحسان حلمي

نادين النمري

عمان- ما يزال حق حماية الطفل من العنف والإهمال والاستغلال يُنْتَهك وبصمت، اذ انتقد مختصون ما اعتبروه "تراخيا من الجهات الرسمية وعدم تحمل للمسؤولية" في هذا الجانب.اضافة اعلان
ودعا هؤلاء بمناسبة اليوم العالمي لحماية الطفل من الإساءة الذي يصادف اليوم، الى "ضرورة تفعيل آليات الحماية للأطفال"، معتبرين أن "الثقافة الابوية والتشريعات السارية، أبرز العوامل المعيقة لتفعيل منظومة الحماية".
وشهد العام الحالي "ارتفاعا ملحوظا" في عدد حالات العنف ضد الاطفال في المملكة، بحسب مختصين، في وقت سجل العام الحالي جرائم قتل بشعة، راح ضحيتها خمسة أطفال على يد مقدمي الرعاية، وتحديدا أحد والديهما.
أولى تلك الجرائم كانت مقتل الطفلة حسناء (10 اعوام) على يد والدها في الضليل بالزرقاء بعد اتهام ادارة المدرسة لها بالسرقة، تلتها ام قتلت 3 من ابنائها في طبربور، بعد معاناتها من ضغوط نفسية واجتماعية، فيما لقيت رضيعة لم تتجاوز شهرها الأول حتفها على يد والدها في منتصف شارع عام.
وفي كل هذه الحالات، لم تتجاوز فيه اعمار أي من الضحايا الأعوام العشر. 
وإلى جانب جرائم القتل الخمس، توفي الطفل قيس بعد 8 أيام على ولادته بعد رفض والده اجراء تدخل جراحي لإنقاذ حياته، في وقت حركت فيه الأم شكوى على الأب بـ"تهمة شبه القتل بالامتناع عن فعل واجب قانونا".
وفيما يخص قضايا الإساءة الجنسية والجسدية ضد الاطفال، وضح الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط انه "لغاية أمس سجلت 1953 حالة اساءة ضد الأطفال لدى مكاتب الخدمة الاجتماعية في ادارة حماية الأسرة".
وبمتابعة الأرقام، فإن حالات الاساءة تشهد ازديادا مطردا، ففي العام 2012 سجلت 1800 حالة، وارتفعت العام الماضي لتصل إلى 2089.
وبحسب مدير عام المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور قيس القسوس، فإنه من اصل نحو 160 جريمة قتل تمت منذ مطلع العام الحالي، فإن عدد الضحايا الاطفال بلغ 12 طفلا.
وأوضح قسوس لـ"الغد" أن "الشهرين الاخيرين شهدا ارتفاعا في معدلات العنف الواقع ضد الاطفال"، مضيفا "إذا ما قورن عدد ضحايا الاساءة على مدار العام كاملا بالمقارنة بالأعوام السابقة، فإن المعدلات متقاربة".
وكانت آخر ضحايا العنف الاسري المؤدي للقتل من الأطفال، رضيعة لقيت حتفها على يد والدها في شارع عام بمدينة الزرقاء، إذ ضرب الأب رأسها بالرصيف بعد خلاف مع زوجته.
ولفت مدير مركز الطب الشرعي في مستشفى الامير فيصل بالزرقاء الدكتور ابراهيم عبيدات لـ"الغد" أن "الطفلة لم يتجاوز عمرها الشهر الأول، وتوفيت نتيجة لإصابة في الرأس"، لافتا الى ان "تصرف الأب خلال الجريمة كان هستيريا وآنيا".
وأضاف عبيدات الذي أشرف على معاينة جثمان الرضيعة "لم يظهر عليها أي آثار سابقة للعنف أو الإهمال. كان وزنها متناسبا مع عمرها، ولم تبد عليها أي علامات سوء تغذية".
وحول حالات قتل الأطفال التي تعاين في المركز، وتغطي محافظة الزرقاء، أوضح عبيدات أن معدلها حوالي حالتين سنويا، في حين سجلت 99 حالة عنف جسدي وجنسي تجاه الأطفال في المركز.
وقال إن "الحالات التي يوجد فيها شبه اساءة، اكثر بكثير"، لافتا الى ان "استخدام الاسلاك الكهربائية والعصي في تعنيف الاطفال، ما يزال من الوسائل الرائجة".
كما لفت القسوس الى دور لجان حماية الأسرة في المستشفيات، بحيث أسهمت بشكل كبير في تشخيص حالات العنف، بعد ان كان يصنف بعضها سابقا على أنها "حوادث عرضية".
وكانت لجان حماية الأسرة في مستشفى البشير وحده، سجلت في الشهور العشرة الاولى للعام الحالي 1606 حالة ضد امرأة وطفل، في حين سجلت 2157 حالة العام الماضي.
من ناحيته، بين الخبير لدى مؤسسات الأمم المتحدة في مواجهة العنف، مستشار الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان إن "الاردن تقدم في العقدين الماضيين بمجال وضع معايير وقواعد للتعاطي مع مشكلة العنف ضد الأطفال، وكذلك تقديم خدمات صحية وقانونية واجتماعية لضحايا هذا العنف، بيد أن واجب الحكومة المباشر يجب أن يتعدى العموميات والتعامل السطحي مع المشكلة، إلى ضمان استمرار تطبيق هذه المعايير والخدمات".
وقال جهشان "للأسف أخفقت الحكومات المتعاقبة ووزاراتها والمؤسسات ذات العلاقة، في ديمومة الحفاظ على حقوق الطفل، وما شيوع جرائم القتل في الأسرة مؤخرا، كجريمتي طبربور وقتل الطفل الرضيع في الزرقاء، وانتهاكات حقوق الأطفال في دور الرعاية الاجتماعية بما فيها مراكز رعاية ذوي الإعاقة واعتقال أطفال عشوائيا بتهمة التسول من دون وجه حق، أدلة طفت على سطح صمت الجهات الرسمية وتراخيها وعدم تحملها لمسؤوليتها تجاه انتهاكات حقوق الطفل".
وأضاف أنه "وجب على الحكومة أن تتعامل مع جذور العنف على المستوى الوقائي، بالإضافة لما تقدمه من خدمات للضحايا، ومنع  أشكال العنف كافة وفق مرجعية دستورية وقانونية".
وأوضح جهشان إنه على "الرغم من التعديلات الايجابية في بعض بنود قانون العقوبات لتشديد العقوبات على الجاني في حال كان الضحية طفلا، إلا انه ما تزال هناك فجوات تشريعات تحول دون إنصاف الضحية وتشكيل رادع للحد من الجريمة".
وأشار إلى التعديلات على قانون العقوبات والتي شددت العقوبة على الجرائم الجنسية الواقعة على الأطفال دون سن الثامنة عشرة، كما شدد القانون على جريمة الإيذاء المفضي للموت الواقعة على الأطفال والنساء، للأشغال الشاقة اثنتي عشر عاما كحد أدنى، بحيث كانت الأحكام الصادرة سابقا على مثل هذه الجرائم لا تتجاوز بضعة اعوام.
وفي الفجوات التشريعية، لفت جهشان لاستمرار العمل بالمادة 62 من قانون العقوبات، والتي تبيح الضرب التأديبي للابناء، والمادتين 331 و332 من قانون العقوبات والتي تخفض العقوبة على الأم التي تقتل وليدها من الاعدام للاعتقال أقل من خمسة أعوام.
وبخصوص جرائم القتل، بين إلى انه ما يزال هناك تخفيض للعقوبة باسقاط الحق الشخصي في جرائم القتل والإيذاء، بما في ذلك التي تقع في الاسرة على الاطفال.
وأشار الى أن المادة 345 مكررة، وتتكلم عن العذر المخفف وليس السبب المخفف، وإسقاط الحق الشخصي في هذه الجرائم سبب مخفف وليس عذرا مخففا.
من ناحيتها، قالت مدير جمعية إنقاذ الطفل في الأردن منال الوزني "ليست حميع انتهاكات حقوق الطفل مدانة، ولكن الكثير من الحقوق منتهكة"، داعية إلى جعل حقوق الطفل "أولوية، من أجل جعل اتفاقية حقوق الطفل حقيقة واقعة".
وأضافت علينا أن ندرك اهمية الحوار مع جميع الجهات المختصة للوصول إلى غايتنا "من خلال تفعيل آليات الحوار".
وتابعت الوزني أن "الملايين من الأطفال هم ضحايا عنف واستغلال، فيما يعاني كثير من الأطفال من انتهاكات منها جسديا وعاطفيا، ويمكن يكونوا ضحايا مدى الحياة بسبب الإساءة النفسية والعاطفية".
وذكرت أن اتفاقية حقوق الطفل ليست فقط وثيقة إنما هي تذكير بأن هناك الكثير مما يجب أن نقوم به، من خلال التوعية والمناصرة لوضع الأسس والتشريعات المناسبة لتفعيل بنود الاتفاقية.
ودعت الوزني إلى العمل بالشراكة مع الجهات الوطنية التي تعنى بتفعيل القوانين الخاصة بحقوق الطفل على المستوى الوطني والتوعية لمفاهيم حقوق الطفل.