121 ألف طالب وطالبة يلتحقون بـ169 مدرسة تابعة للوكالة

معلم خلال حصة صفية في مدرسة لـ (الأونروا) في مخيم البقعة -(أرشيفية)
معلم خلال حصة صفية في مدرسة لـ (الأونروا) في مخيم البقعة -(أرشيفية)
نادية سعد الدين عمان - يلتحق 121 ألف طالب وطالبة، الأسبوع المقبل، بـ 169 مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في المملكة، بعدما حصلت الوكالة على دعم محدود لبدء العام الدراسي الجديد، لكنه ليس كافياً لضمان استمراريته أو لطمأنة الطلبة على مصير مسارهم الدراسي المجهول، في ظل الأزمة المالية الخانقة للوكالة بعجز بلغ هذا العام 150 مليون دولار، في ظل مساع أميركية وإسرائيلية متواترة لإنهاء عملها. ويذهب هذا الدعم لتغطية التكلفة التشغيلية للقطاع التعليمي في الوكالة، الذي يستحوذ على النصيب الأوفر عددياً من الموظفين العاملين بالوكالة بنحو 5 آلاف، ما بين معلم ومدير، من إجمالي 7 آلاف موظف بالأردن، إلا أنه لن يسهم في تحسين ظروف البيئة الدراسية لمدارس الوكالة إزاء تحديات متراكمة لم يستطع الدعم المالي الدولي الضعيف في تذليلها. وتقف تحديات المباني المستأجرة، والاكتظاظ الصفيّ، ونظام الفترتين، في مقدمة الإشكاليات الحادّة التي تعاني منها مدارس الوكالة منذ سنوات، غير أنها تتوارى، رغم أهميتها، وراء القلق السنويّ المتواترّ من مدى توفر الدعم اللازم لانتظام الطلبة، من أبناء اللاجئين الفلسطينيين، ضمن مقاعدهم. وقال مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية، المهندس رفيق خرفان، في حديث لـ "الغد"، إن "السنة الدراسية الجديدة ستبدأ كاملة في مدارس الوكالة دونما تخوف من توقفها نتيجة نقص الدعم المالي المطلوب للأونروا"، إلا أنه أشار الى أن "القلق لا يزال قائماً، في ظل العجز المالي غير المحمود للأونروا"، معرباً عن أمله في أن يخرج المؤتمر المقرر عقده في نيويورك الشهر المقبل، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتبرعات جديدة للوكالة. وأوضح خرفان أن "المشهد المالي المأزوم للوكالة يلقي بظلاله السلبية على جُل الخدمات، التعليمية والصحية والإغاثة الاجتماعية، التي تقدمها (الأونروا) لأكثر من مليوني لاجئ فلسطيني في الأردن، من إجمالي زهاء 5 ملايين في مناطق عملياتها الخمس. ونوه خرفان إلى أن "هناك تحديات أساسية تواجه القطاع التعليمي، تتمثل في إشكاليات المباني المستأجرة والاكتظاظ الطلابي في الغرف الصفيّة، ونظام الفترتين". وأوضح أن "هناك أبنية ليست مصممة لتكون مدارس"، مفيداً بأن "الدائرة تتعاون مع "الأونروا" لمعالجة تلك المشكلة عن طريق قيام الحكومة بتأمين أراضٍ من خزينة الدولة لتشييد مدارس عليها، فيما تعمد الوكالة، بدورها، إلى البحث عن التمويل اللازم لها قياسا على ما حدث في جبل التاج عند تسليم المدرسة، وفي منطقة الزهور حيث المدرسة تحت الإنشاء، فيما يتم البحث عن تمويل كافٍ لإنشاء مدرسة للوكالة في الزرقاء". وقال "لقد تم قطع شوط طويل في مسار معالجة تلك المشكلة، وسيترتب عليها حل الإشكاليات الأخرى المرتبطة، لا سيما إشكاليتيّ الاكتظاظ الطلابي، حيث تضمّ بعض الغرف الصفية 50 طالباً، وبنظام الفترتين". وأمام الأوضاع المالية الصعبة للوكالة؛ فإن من المستبعد شمولها بالقرار الحكومي بإلزامية مرحلة رياض الأطفال، وفق المهندس خرفان، الذي قال إن "هذا الموضوع سيتم بحثه خلال اجتماعه مع نائب المفوض العام للوكالة، الأربعاء المقبل، لمناقشة مدى الاستعداد لذلك مستقبلاً". وأشار إلى أن "إلزام "الأونروا" بعذه المرحلة سيكبّدها المزيد من النفقات لتأمين متطلبات إنجازها، في ظل الوضع المالي الصعب الذي تعاني منه". يُشار إلى أن المرحلة الدراسية في الوكالة تبدأ من الصف الأول حتى العاشر، حيث لم يتم إلزام "الأونروا" بالصفيّن الحادي عشر والثاني عشر، وبالتالي فإن "مسألة إلزامها بمرحلة رياض الأطفال أمر غير متوقع"، وفق المهندس خرفان. تحديات القطاع التعليمي وتواجهمدارس الوكالة في المملكة أشكالاً مختلفة من التحديات، على شاكلة نقص المعدات اللازمة للطلبة مثل المكتبات والمختبرات العلمية ومختبرات الحاسوب، وقدم الأثاث المدرسيّ، ونقص توفر القرطاسيّة، وعدم تعبئة الشواغر من التعيينات، فضلاً عن عدم توفر الوقت اللازم لإثراء المسار اللامنهجيّ، في ظل نظام الفترتين. ولطالما كانت مدارس الوكالة، في بعض مناطق المملكة، عرضة للاعتداءات أو وكراً ليلياً لمظاهر اجتماعية سلبيّة، أو مكباً للنفايات، كما حدث مؤخراً بعد قرار الوكالة إنهاء خدمات أكثر من 100 موظف يعملون لديها، وهم بدلاء الدرجة الثانية، (عمال النظافة وأذنة المدارس والعيادات)، باعتبارها تدابير لتوفير التكلفة وضبط النفقات، وذلك قبل أن تتمكن إدارة "الأونروا"، بالتنسيق والتعاون مع الأجهزة الحكومية المختصّة، من تقليص حجم تداعياتها. وقال مدير إعلام "الأونروا" سابقاً، مطر صقر، إن "المشهد المالي المأزوم للوكالة ينعكس سلباً على تأمين الخدمات الأساسية اللازمة، كما ستخضع ميزانية البرامج، بالنتيجة، إلى مزيد من إجراءات التقشف، في ظل التكلفة الإدارية غير القليلة للمنشآت التعليمية من كهرباء ومياه وكوادر تعليمية ودورات وتأهيل وتدريب.. الخ". وأضاف صقر، لـ "الغد"، ان "القطاع التعليمي في الأونروا يواجه تحديات متعددة، لا سيما مشكلة المنشآت المستأجرة التي لا تصلح لأن تكون مدارس، فيما لا يسمح نظام الفترتين بتخصيص الوقت المناسب للقيام بالأنشطة الإثرائية واللامنهجية". وأكد صقر أن "الأونروا" تبذل "جُل جهدها لضمان استمرارية خدماتها التعليمية، وتأمين البيئة الدراسية المناسبة للطلبة، وعدم انعكاس وضعها المالي الصعب على نوعية التعليم وجودته، فضلاً عن حرصها الشديد على مواكبة أحدث التطورات المنهجية في المسار التعليمي"، منوهاً إلى أن "الجهاز التعليمي في الأونروا متطور ومتقدم". إلا أن "الأزمة المالية المتراكمة لـ (الأونروا) تؤثر بطبيعة الحال على "الظروف غير المريحة التي يعمل بها الكادر التعليمي"، فيما "يرزح أهالي الطلبة أسرى القلق الشديد على مصير الوكالة إزاء ما يتردد من مساع أميركية إسرائيلية لإنهاء عملها"، وفق صقر. وشدد صقر على أن "الأونروا" لطالما "وقفت عصّية على كل المحاولات والمساعي لتصفية وجودها، حيث ظلت في مجال التعليم منارة من منارات العلم، وأسهمت تاريخياً في تخريج أفواج من المتميزين العاملين في مجالات متعددة، وكان لها دور ريادي على مر التاريخ"، معرباً عن أمله في عودته مجدداً. التعليم: الحلقة الأضعف يعدّ قطاع التعليم الأكثر تضرّراً من الأزمة المالية غير المحمودة "للأونروا"، لا سيما بعد قرار الولايات المتحدة وقف تمويل ميزانيتها بالكامل والمقدّرة بنحو 360 مليون دولار سنوياً، ما أدخل "الأونروا" في هذه المرحلة من عمرها الزمنيّ الممتدّ منذ تأسيسها العام 1949، في منعطف مفصلي وحاسم يهدد نطاقها الخدميّ، ومصير وجودها الحيويّ، وصولاً إلى طمس رمزية تمثيلها لقضية اللاجئين الفلسطينيين. كما يهدّد استمرار الأزمة المالية مصير 121 ألف طالب وطالبة من أبناء اللاجئين الفلسطينيين في المملكة يلتحقون في 169 مدرسة تابعة للوكالة في حال إغلاقها أو إغلاق بعضها، إذ قد يضاف غالبيتهم إلى نحو 600 ألف من أقرانهم الذين يتلقوّن تحصيلهم الدّراسيّ في المدارس الحكومية، ما يشكل عبئاً ثقيلاً على الأردن، مرشح للتفاقم عند المساس بالمنشآت التعليمية التابعة للوكالة، من الجامعة وكليتيّ المجتمع ومركز التدريب المهني. وإضافة الى هذا، ستكون "معايير حجم الكادر التعليمي والإداري والمنشآت التعليمية التابعة للقطاع التعليمي والتحصيل العلميّ للطلبة، عضة للتهديد في حال ضعف استجابة المانحين لنداءات الأونروا المتكرّرة لزيادة الدعم"، وفق مصادر مطلعة في الوكالة لـ "الغد". وأضافت نفس المصادر، إن "مصير كلية العلوم التربوية والآداب الجامعية قد يتأثر أيضاً في حال الدفع باتجاه تقليص الخدمات، أو لدى الحديث عن مسار التطوير التربوي والتأهيل وإعادة هيكلة الكلية" التي تأسست في العام 1993. وقالت المصادر، إن "إدارة الوكالة قد تلجأ إلى المزيد من إجراءات تخفيض الخدمات، والتي قد تستهدف الإبقاء على الشق الخدميّ الإنساني فقط لعمل الوكالة، دون الخدمات الأخرى، بمعنى مواصلة المساعدات التي تقدم للعائلات الأشد فقراً من خلال برنامج الإغاثة الاجتماعية، والخدمات الأساسية لبرنامج الصحة، وخدمات الطوارئ، واستثناء الخدمات التعليمية والتشغيلية الأساسية في المرحلة الأولى". وقد يتجسّد ذلك عبر الشروع في ضرب القطاع التعليمي، الذي يعدّ الأضخم حجماً وعدداً، من حيث عدد موظفيه وهيكلة رواتبه، حيث إن 60 % من أصل 80 % من ميزانية الوكالة، التي تذهب كرواتب للموظفين، تخصص للكادر التعليمي، ما يعني، عند حدوثه، إنهاء 75 % من عمل الوكالة، مع الإبقاء على 25 % فقط من هيكلتها الخدمية، سهلة الإلغاء. وقد اتخذت إدارة الوكالة "رزمة معتبرة من اجراءات التخفيض، منذ القرار الأميركي بوقف التمويل، عبر وقف أنشطة المال مقابل العمل في الضفة الغربية اعتباراً من 31 تموز (يوليو) الماضي، ومواصلة أنشطة "الكوبونات الغذائية" حتى نهاية العام 2018، ليتم بعدها نقل الأسر الأشدّ فقراً إلى برنامج الأونروا لشبكة الأمان الاجتماعي". كما تقرر، وفق تصريح سابق للمتحدث الرسمّي باسم "الأونروا"، سامي مشعشع، "إيقاف العيادات الصحية المتنقلة اعتباراً من 31 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وعدم تجديد عقود حوالي 154 موظفاً في الضفة الغربية ممن تم توظيفهم على حساب أموال الطوارئ المستنزفة حال انتهائها". فيما جرى "إدماج أنشطة الصحة النفسية ضمن دائرتيّ الصحة والتعليم في قطاع غزة، اعتباراً من الشهر الحالي، مقابل إعطاء الأولوية لدعم الأمن الغذائي للاجئين الأشد عرضة للمخاطر عن طريق مواصلة البرنامج الغذائي الطارئ لحوالي مليون لاجئ في القطاع". وتأتي تلك القرارات "الطارئة" عقب إجراءات تقشفية صارمة اعتمدتها "الأونروا"، قبل صدور القرار الأميركي، مثل تجميد التعيينات، وإلغاء وظائف 85 % من العاملين الأجانب لديها بعقود، وإغلاق بعض المدارس تحت ذرائع ظروف البيئة المدرسية غير الصحية، وتقليص عدد الغرف الصفية في بعضها. فيما لوّحت "الأونروا" أكثر من مرّة بتأجيل العام الدراسي لنصف مليون طالب وطالبة، ضمن 700 مدرسة، وثمانية مراكز للتدريب المهني تضّم سبعة آلاف لاجئ ولاجئة في مناطق عملياتها الخمس، بسبب عدم قدرتها على دفع رواتب المعلمين، وعدم القدرة على تغطية النفقات المرتبطة بتشغيل مدارسها، والمقدرة بنحو 25 مليون دولار شهرياً حتى انتهاء العام الحالي. ويتصدر الأردن قائمة الدول المضيفة الأكثر تضرّراً من إجراءات تخفيض خدمات "الأونروا"، بصفته أكبر دولة مضيفة للاجئين الفلسطينيين، حيث يستضيف على أراضيه زهاء مليونيّ لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الوكالة، يقيم زهاء 350 -400 ألف منهم، في 13 مخيماً تتوزع في أنحاء متفرقة بالمملكة، يشكلون معاً أكثر من 42 % من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات الوكالة الخمس، 92 % منهم مواطنون أردنيون. ومن شأن التراجع في حجم تبرعات الدول المانحة للوكالة، واضطرار الأخيرة لتقليص منسوب خدماتها أو وقف بعضها، أن يتكبّد الأردن مسؤولية سدّ النقص القائم بالإنفاق والخدمات، ما يضيف أعباء وضغوطاً ثقيلة عليه؛ حيث تقدّر قيمة ما يتم إنفاقه سنوياً، بحسب الدائرة، "بأكثر من مليار و200 مليون دينار، في مختلف القطاعات الحياتية، على اللاجئين الفلسطينيين، سواء المقيمين منهم داخل المخيمات، أم خارج المخيمات"، بإجمالي زهاء مليوني لاجئ. مساع أميركية إسرائيلية لإنهاء عمل "الأونروا" أصابت السياسة الأميركية المضادّة "للأونروا" عصب عملها عند استهداف نطاق خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين، لا سيما التعليمية منها، ما انعكس سلباً على اللاجئين الفلسطينيين. وتبرز مواطن القلق هنا من مسألة تزامن قرار الولايات المتحدة وقف تمويلها لـ "الأونروا"، مع المساعي الأميركية– الإسرائيلية الحثيثة لتجفيف مواردها، و"إلغاء عملها تدريجياً، والمساس بتفويضها الأمميّ، عبر دمجه في نطاق صلاحيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، وفق منظمة التحرير الفلسطينية. وقالت المنظمة، إن المحاولات الأميركية – الإسرائيلية تستهدف "إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإسقاط حق عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجّروا منها بفعل العدوان الإسرائيلي عام 1948، تماهياً مع ما يسمى "صفقة القرّن"، لتصفية القضية الفلسطينية". ويربط الجانب الفلسطيني تلك المساعي بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطلع العام الحالي، "الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي"، ونقل سفارة بلاده إليها عشيّة ذكرى "النكبّة" في 15 أيار (مايو) 2018، وإغلاق مكتب منظمة التحرير، وتقليص المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية. وترمي المحاولات الأميركية – الإسرائيلية إلى تعطيل دور "الأونروا" الأممي ومهام ولايتها، بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين، عبر تغيير "تفويضها" المحدد بالقرار 302 لعام 1949. ويشترط ذلك نيل موافقة الجمعية العامة على دمج هذا التفويض ضمن صلاحيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ما يعني عملياً إلغاء القرار 302، وانتقال عديد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى "الأونروا" تحت مظلة المفوضية، التي تعتمد تعريفاً مغايراً "للأونروا" ويستهدف، فعلياً، توطينهم حيثما يتواجدون. إلا أن حق العودة للاجئين الفلسطينيين يرتبط بنفاذ القرار الدولي 194، السابق في صدوره قرار تأسيس "الأونروا" في 8 كانون الأول (ديسمبر) 1949، وبتنفيذ القرارات الأممية الأخرى التي تشكل المظلة القانونية الدولية والإنسانية لاستحقاقه، بينما تنتهي مهام الوكالة عند تطبيق حق العودة، طبقاً لقرار ولايتها.اضافة اعلان