ارتفاع قضايا العنف ضد الأمهات إلى 2.5 % في 3 سنوات

نادين النمري

عمان- بلغ عدد جرائم القتل الاسرية التي وقعت العام الحالي، 20 جريمة أودت بحياة 22 ضحية منهم 12 أنثى و10 ذكور بين بالغين وأطفال لغاية نهاية آب الماضي، وفقا لمدير ادارة حماية الاسرة والاحداث فراس الرشيد.

اضافة اعلان

وقال الرشيد خلال ندوة نظمها امس المجلس الوطني لشؤون الاسرة حول الجرائم الاسرية أن العام 2020 شهد انخفاضا في جرائم القتل الاسرية، اذ بلغ عددها 28 جريمة ذهب ضحيتها 32 ضحية منهم 17 ذكرا و15 انثى، في حين بلغ عدد هذه الجرائم في العام 2019 نحو 36 جريمة.

وفيما يخص البلاغات المتعلقة بالعنف التي تصل الى الادارة، بين الرشيد خلال الندوة التي ادارها مساعد الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة محمد الزعبي، أن العام 2020 ارتفع عدد البلاغات التي وصلت الى الادارة لنحو 55 الف بلاغ بالمقارنة مع 47 الف في العام 2019، في حين وصل عدد البلاغات العام الحاليى وحتى نهاية اب بنحو 37 الف بلاغ.

وأوضح الرشيد أن الزيادة في عدد البلاغات يعود بشكل رئيسي الى تعزيز برامج التوعية بأهمية التبليغ فضلا عن طرح الادارة لادوات جديدة وغير تقليدية للتبليغ عن العنف بما فيها استخدام وسائط التواصل الاجتماعي، موضحا ان الادارة تتلقى البلاغات اما وجاهيا او عن طريق تطبيق وخط 911، ارقام هواتف الادارة المباشرة.

الى جانب وسائط التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك، واتساب وانستغرام، الموقع والبريد الالكتروني للادارة والانتربول.

وقال إنه "الى جانب التوسع في وسائل التبليغ فإن الادارة شهدت كذلك توسعا في الاختصاص النوعي، اذ يشمل عمل الادارة الاعتداءات الجنسية، العنف الجسدي، الاستغلال الجنسي للاطفال عبر الانترنت، الخطف المقترن بالاعتداء الجنسي، العنف الاسري والاهمال الواقع على الطفل، وكافة القضايا المرتكبة من قبل الاحداث اضافة الى مهمتين جديدتين وهما قضايا الزنا وافساد الرابطة الزوجية".

وبالتوازي مع التوسع في عمل الادارة لفت الرشيد الى خطة تطوير عمل الادارة والتي شملت مستويات استراتيجية وادارية وتنفيذية، لافتا الى استحدات شعبة جديدة في الادارة تحت مستوى شعبة التسوية والتدابير والتي تهدف الى ايجاد حلول الوساطة والتسوية الاسرية تنفيذا لمتطلبات قانون الحماية من العنف الاسري في قضايا الجنح.

وتنص المادة (7) من قانون الحماية من العنف الاسري  على انه :- ((أ- على الرغم مما ورد في أي تشريع اخر، تتولى إدارة حماية الأسرة تسوية النزاع في قضايا العنف الأسري في الجنح شريطة موافقة الطرفين أو من يمثلهما قانوناً على اجراء التسوية وحضور جلساتها على أن تنحصر التسوية في الفعل الجرمي والشكوى المتعلقة به ويمتنع على إدارة حماية الأسرة اجراء التسوية في حال كان الفعل يشكل جناية وعليها في هذه الحالة احالته إلى المدعي العام المختص لاجراء المقتضى القانوني كما انه لغايات اجراء التسوية المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة، تتولى المحكمة الشرعية المختصة بناء على طلب إدارة حماية الأسرة تعيين من يمثل فاقد الاهلية أو ناقصها حال تعارضت مصلحة أي منهم مع مصلحة من يمثله)).

وتطرق الرشيد كذلك الى أوامر الحماية التي تم اصدارها من الجهات القضائية في قضايا العنف الاسري اذ بلغ عدد أوامر الحماية التي صدرت من القضاة في القضايا التي تم توديعها للقضاء في عام 2020م (15) امر حماية كان نسبة امر الحماية عدم التعرض (13.3%) وعدم الاقتراب بنسبة (13.3%) وحماية ورعاية بنسبة (66.7) وتمكين من دخول المنزل بنسبة (6.7%).

وبلغ عدد أوامر الحماية والرعاية لغاية 31/8 من عام 2021م (35) امر حماية كان نسبة امر الحماية عدم التعرض (65.7%) وعدم الاقتراب بنسبة (25.7%) وحماية ورعاية بنسبة (8.6%).

ويعرف امر الحماية بانه تدبير مؤقت يصدر عن المرجع القضائي المختص وفق أحكام القانون بمناسبة النظر في قضايا العنف الأسري يهدف الى حماية الضحية وباقي أفراد الأسرة وأي شخص آخر يقدم المساعدة للضحية، وذلك لمنع إستمرار العنف أو التهديد بتكراره.

وفي مجال التطوير الاستراتيجي لفت الرشيد الى اعتمد الإطار الوطني للحماية من العنف الاسري من ضمن مرتكزات خطة مديرية الأمن الاستراتيجية واعتماد المصفوفة التي الأولويات المعدة من قبل اللجنة الوزارية لتمكين المرأة كاساس للخطة السنوية لإدارة حماية الأسرة والأحداث ومراجعة بروتوكولات العمل مع وزارة التنمية الاجتماعية لمواكبة التطور في نوع القضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي واعادة هندسة الاجراءات بما يتوافق مع الاطار الوطني للحماية من العنف الاسري.

اما على المستوى التنفيدي تم رفع مستوى الاستجابة على نظام تلقي البلاغات المحوسبة للبلاغات المتعلقة بالاسر ة الى الدرجة الاولى.

ولفت الى ان الادارة تسعى الى التوسع في زيادة نسب العاملات من الاناث في الادارة تحديدا اللواتي يتعاملن مباشر مع الحالات، لافتا الى انه خلال الفترة الماضية تم رفع هذه النسب لتصل الى 43% بين فئة الافراد في حين تصل النسبة الى 33% بين الضباط والافراد، مشيرا الى السعي لرفعها لتصل الى 50%.

واستعرض الرشيد خلال الجلسة الاحصائيات المتعلقة بعمل الادارة، لافتا الى انه رغم انخفاض قضايا الايذاء الجسدي على البالغات لنفس الفترة بمجموع 125 قضية الا ان الملاحظ ازدياد شكاوى العنف من الامهات بمعدل 13 حالة زيادة اذ ارتفعت قضايا العنف ضد الامهات من 1.8% عام 2019 الى 2.45% في 2020 ولغاية اب 2021 الى 2.5%..

اما الشكاوى من قبل كبار السن فقد ارتفعت من 71 شكوى في العام 2019 الى 97 شكوى في العام 2020 بنسبة 37% بمعدل 26 حالة.

اما قضايا العنف ضد الزوجات فبلغت 80% عام 2019 الى 82% عام 2020 وانخفضت الى 77.8% لغاية اب 2021 وارتفعت قضايا العنف ضد الشقيقات من 1.4% عام 2019 الى 2.4% عام 2020 الى 3.3% لغاية اب 2021.

وتطرق الرشيد الى جزئية اسقاط الحق الشخصي في قضايا الايذاء البسيط ضمن الاسرة اذ بلغت نسبة اسقاط الحق الشخصي في القضايا تم توديعها للقضاء انتهت بحفظ الاوراق او الاسقاط تبعا لاسقاط الحق الشخصي نحو 68%.

كما تطرق الى الارتفاع في نسبة الادانة في شكاوى الاغتصاب التي كان متوسطها 42% لمجموع السنوات الاربع الاخيرة وكانت اعلاها لعام 2020 بواقع 58%. كذلك نسبة الادانة في شكاوى هتك العرض كانت 45% لمجموع السنوات الاربع الاخيرة، وكانت اعلاها لعام 2020 بواقع 67%.

ولفت الى ارتفاع بعدد المستضافات لحساب الادارة في الدور الايوائية بمعدل 90 حالة شهري عام 2021 مقابل 61 حالة شهري عام 2020 و 48 حالة شهري عام 2019.

من جانبها تطرقت المفتشة في المحاكم النظامية القاضية سهير الطوباسي الى القوانين والتشريعات المتعلقة بالعنف الاسري مبينة أن التشريعات النافذة والنصوص القانونية التي تعالج بعض أنواع  من العنف الأسري في كل من قانون العقوبات وقانون الاحداث وإن كانت تعاقب على الإيذاء بمختلف أشكاله إلا إنها لم  تنص على إجراءات ملائمة لضمان تمتع الإنسان بحماية تامة وفعالة لكافة حقوقه الإنسانية وكرامته وأمنه وحريته وسلامته البدنية والنفسية ،كما انها لا تمنح الجاني فرصة أفضل لإصلاح سلوكه بما يسهم في إعادة بناء العلاقات الأسرية على أسس سليمة.

وبينت ان القوانين التي تتعلق مباشرة بالجرائم الاسرية هي قانون العقوبات، قانون الاحداث، اصول المحاكمات الجزائية، قانون محكمة الجنايات الكبرى وقانون الحماية من العنف الاسري.

واشارت الى ان خصوصية الجرائم الاسرية تنبع من كونها جريمة تقع داخل جدران مغلقة ، فضلا عن طبيعة الضحايا  وتضارب المصالح غالبا بين الضحية والاسرة، وقلة الخيارات والبدائل المتاحة لدى المعنفين فضلا عن الجانب الاجتماعي اذ انه من معروف ميل الاسر الى اخفاء ما يتعرض له أولادها وخصوصاً البنات من اعتداءات جنسية خوفاً من نظرة المجتمع اذ ان البعد الأجتماعي أكبر نظرا لطبيعة العلاقة بين أطراف الدعوى  الى جانب الأحتياجات الخاصة للضحايا والجناة .

واشارت الطوباسي الى الخصوصية التي وفرها قانون الحماية من العنف الاسري اذ تعتبر هذه المحاكمات سرية، اذ ينص القانون على تتمتع جميع الاجراءات والمعلومات المتعلقة بقضايا العنف الاسري التي تنظر امام اي جهة بما في ذلك المحاكم بالسرية التامة" وبالتالي يجب ان تكون جلسات المحاكمة سرية تحت طائلة البطلان، بينما جلسة النطق بالحكم تكون علنية.

كما تتخذ قضايا العنف الاسري بموجب القانون صفة الاستعجال، اذ توضح الطوباسي تباشر المحكمة المختصة النظر في اي قضية بعد احالتها اليها مباشرة ولا يجوز تأجيل الجلسات لاكثر من ثلاثة ايام، الا اذا اقتضت الضرورة غير ذلك ولاسباب تثبت في المحضر ويجب ان تفصل المحكمة المختصة في قضايا الجنح التي لم تتم تسويتها او رفض قرار تسويتها او لم تتم المصادقة على قرار تسويتها خلال ثلاثة اشهر من تاريخ ورودها إلى قلم المحكمة.

من ناحيته قدم القاضي في المحكمة الشرعية العليا الدكتور اسماعيل نوح القضاة ورقة حول الاسرة الامنة، وقال ان الجرائم الاسرية من زاوية شرعية: أنها فعل محرم شرعاً، ومن زاوية قانونية أنها شكل من أشكال الجريمة، و من زاوية اجتماعية أنها خلل في قيام الأسرة بوظائفها المنوطة بها.

ولخص القضاة أسباب تحول الاسر الى اسر معرضة للخطر بالجهل بالأحكام الشرعية التي تشكل أطار الحقوق و الواجبات الأسرية، و تقديم بعض الأعراف الموروثة الخاطئة على الحكم الشرعي والتأثير السلبي لبعض وسائل الإعلام و التواصل الاجتماعي من خلال ترسيخ بعض المفاهيم التي تمجد العنف و تجعل ممن يمارسونه ابطالاً وعدم تحقيق بعض المؤسسات التربوية لدورها في تنشئة الشباب الذين يعون دورهم الأجتماعي داخل الأسرة وخارجها وتسويغ العنف وقبوله اجتماعياً في بعض الظروف والحالات، ضمن معايير غير شرعية ولا قانونية وستخدام العنف على أنه وسيلة من وسائل التربية و تقويم السلوك، وفقدان البدائل عند الوالدين في تعاملهم مع اولادهم.

واشار القضاة الى اشكالية انتشار بعض المفاهيم المغلوطة حول العنف مثل: أن القوامة تعني الحق في ممارسة العنف، أو أن الرجولة تتجلى في ممارسة العنف، و أن العنف وسيلة لحماية الشرف، و أن أفضل وسيلة للتعامل مع العنف هو السكوت، والاضطرابات العقلية و الاعتلالات النفسية وتعاطي المسكرات والمخدرات وضعف الوازع الديني و الأخلاقي.

وتطرق القضاة الى دور دائرة قاضي القضاة في مواجهة العنف الاسري وذلك من خلال الدور التوعوي: من خلال دورات المقبلين على الزواج، مكاتب الإصلاح و الوساطة و التوفيق الاسري، التي تقدم الاستشارة للأفراد  والأسر الذين يرغبون بتلقي النصح و التوجيه ولو من غير وجود دعوى، من خلال مجموعة من المتخصصين في الحقول العلمية التي تعنى بالأسرة، وفي أطار من السرية والحفاظ على حرمة الأسرة والدور القضائي: فالعنف الأسري قد يكون موجباً للتفريق بين الزوجين، و قد يكون موجباً لنقل حضانة الطفل من الحاضن الذي يعرضه للخطر كذلك النيابة العامة: من خلال البلاغات التي تصلها ممن يطلع على بعض حالات العنف الأسري الذي يتعرض له الأطفال .

من ناحيتها تطرقت خبيرة الاعلام والاتصال عنود الزعبي الى اثر التكنولوجيا ووسائل التواصل في زيادة ظاهرة العنف، لافتة الى ان مشاهدة مشاهد العنف ولفترات طويلة تدفع بالاشخاص ليكونوا اكثر عنفا فضلا عن اثر الالعاب الالكترونية في زيادة ردود الافعال العنيفة لدى الاطفال والبالغين.

ودعت الزعبي الى ضرورة رفع الوعي بسبل الوقاية الرقمية وحماية الاطفال من ان يتم استغلالهم والاساءة اليهم عبر الانترنت. او اكتسابهم لممارسات سلبية بسبب متابعة تطبيقات او فيديوهات لا تناسب اعمارهم او محتواها غير مناسب.

الى ذلك تضمن الندوة عرضا لنتائج استطلاع راي اجراه المجلس وشمل نحو 200 مستجيب اذ اعتبرت النتائج أن 94% من المستجيبين يرون أن العنف الاسري ارتفع خلال الاونة الاخيرة فيما راى 64% من المستجيبين أن العقوبات غير رادعة بحق مرتكبي العنف الاسري .

وقال 76% ان جائحة كورونا تسببت بزيادة العنف الاسري، في حين عزا المشاركون العنف الاسري لاسباب تتعلق بالاوضاع الاقتصادية، ضعف الوازع الديني، الاضطرابات النفسية والخلل في التشريعات وتعاطي المخدرات والكحول.