2015 أمل بنسيان محطات صعبة لعام مضى

يحمل 2015 لكثيرين أملا بأن القادم من الأيام  فيه خير على أصعدة مختلفة -(أرشيفية)
يحمل 2015 لكثيرين أملا بأن القادم من الأيام فيه خير على أصعدة مختلفة -(أرشيفية)

منى أبوحمور

عمان- ينظر كثيرون للعام الجديد بأنه محطة أمل، ينتقلون عبرها من عام مضى تاركين وراءهم اللحظات الحزينة والخسائر التي عصفت بقلوب البعض ممن يأملون بأن يكون المقبل حاملا في جعبته أياما مليئة بالخير والفرح والأفضل.اضافة اعلان
ورغم الآلام والخسائر التي مر بها كثيرون في العام الماضي، إلا أنهم يلملمون جراحهم وأيامهم بحلوها ومرها، ويعانقون أملا مبشرا بأن القادم أجمل مع بدء 2015.
الثلاثينية منال الشطي تودع العام 2014، بحزن شديد لرحيل أختها التي توفيت مطلع العام تاركة في نفسها الحسرة والألم.
تقول “وقفت حياتي عند لحظة وفاتها، وحرقت الدموع وجنتيّ، ولم أعد أفكر سوى في تلك العتمة، التي أحاطت بي منذ وفاتها”.
وتضيف الشطي أن تزامن وفاة شقيقتها مع مطلع العام الماضي كان بمثابة “صاعقة وقعت على عائلتها”، وفق وصفها؛ إذ اعتبروا العام 2014 نذير شؤم، لاسيما مع توالي المصائب عليهم خلال تلك الفترة.
ومع ذلك، ها هي الشطي تعلل نفسها بأمل أن يعم الخير في العام الجديد على عائلتها وأسرتها وتدعو لأختها بالرحمة، وأن الحياة ستسير عجلتها ولن تتوقف عن الدوران.
تعرض العشريني أمين لحادث إطلاق النار في نهاية العام الماضي كان بمثابة نقطة تحول كبيرة في حياته جعلته ينظر إلى الحياة بعين مختلفة، شاعرا بأن حياته انتهت وأن مستقبله انهار.
غير أن إيمان وإرادة أمين كانا قويين، وبعد أن أنقذه الله من الموت ها هو عزمه أن يكون 2015 عاما خيّرا؛ حيث يخضع للعلاج بروح وثابة ويثابر لينهي علاجه في منتصف العام المقبل ليعود كما كان وأفضل.
إيمان محمود بأن القادم سيكون أجمل هو ما يهون عليه مصيبته، داعيا الله أن تكون 2015 سنة خير تملأها الصحة والعافية وأن يسترد فيها صحته وعافيته.
من جهته، يجد الثلاثيني سعد مطر أن الأحداث والمصائب التي يتعرض لها الشخص في الحياة، ليس من السهل تجاهلها، لا سيما وأنها تحدِث تغييرا لا يمكن احتماله في كثير من الأحيان، فقد سيطرت عليه السوداوية، منذ أن خسر جميع أمواله في تجارة السيارت في العام 2014، الأمر الذي أرجعه إلى ما قبل نقطة البداية.
ويتمنى مطر أن يرحل عام كان ثقيلا عليه شخصيا، ويقبل آخر حاملا الخير والبشرى، لا سيما أنه بدأ يخطط لمشروع جديد وبرأسمال معقول سلفه إياه أشقاؤه ليعود للوقوف على قدميه.
فقدان الخمسيني عادل الزيادات عمله في العام الماضي أسوأ ما حدث له في حياته، لافتا إلا أنه لن يتوقع أن يحدث له الأسوأ من ذلك في الأيام المقبلة. ويقول “إن خسارتي لعملي كلفتني الكثير وسببت لي المتاعب”، مبينا أنه لن يجعل تلك المحنة تهدم بيته وتكسر مجاديفه، مؤكدا أن المصائب في كثير من الأحيان تمنح الإنسان القوة والتصميم على الأفضل.
ويستهجن الزيادات من أولئك الأشخاص الذين “يضعون الحزن في الجرن”، وفق وصفه، ويبكون على ما فات، فيكونون بذلك خسروا الماضي والحاضر معا، مؤكدا أن الشدائد هي التي تجعل من الإنسان مبدعا.
“كان من الممكن أن يحدث أسوأ من ذلك”، عبارة لا بد من أن يتوقف عندها الإنسان، وفق اختصاصي علم النفس الدكتور محمد الحباشنة، الذي يؤكد أن التفكير فيها والأخذ بها يبعث الهدوء والسكينة في النفس. ويقول الحباشنة “يكفي أن يتجاوز الإنسان السنة الماضية وهو حيّ ليكون محظوظا”، منوها إلى أن تجاوز السنة والإنسان متماسك بذاته هو أفضل نعمة تحدث له، إضافة إلى التركيز على الحاضر وعدم الرجوع إلى الوراء.
“وهناك أحداث كثيرة في العام الماضي، إلى جانب التغذية الراجعة التي أصبحت لدينا”، وفق الحباشنة، الأمر الذي يشجع على الاستفادة من ذلك، والتفكير بكيفية مواجهة الأمور والعقبات، وتخطيها والعمل بقاعدة “الماضي من الغائب ذهب ولن يعود”، لافتا إلى أن المستقبل جميل ولكن الأجمل هو الاستمتاع باللحظة التي يعيشها الإنسان.
ويعتبر أنه لا يوجد فشل في حياة الإنسان، وإنما لا بد له من التفكير بكيفية تصويب تلك الأخطاء والاستفادة منها وتلافيها في الحياة المقبلة.
“الأزمة في التاريخ الإنساني هي علامات ترقيم، لا بد من التوقف عندها للبدء بصفحة جديدة، لتجعل الحياة أكثر جمالية”، وفق قول الحباشنة. إن الأزمات هي التي تجعل الإنسان أكثر فطنة ويقظة، في التعامل مع حياته، في حين أن الزيادة في التوقف عند تلك الأزمات تؤثر سلبا، ويمكن أن تكون بداية لمرحلة اكتئاب يعيش فيها الإنسان، وفق قول استشارية تطوير الذات وتحسين مستوى الحياة نسرين خوري.
ولا يمكن للإنسان، بحسب خوري، أن يرمي وراء ظهره التجارب والخبرات السلبية لأن كل ذلك مخزن باللاوعي، مؤكدة أهمية أن نطوي العام 2014 بطريقة صحيحة وأن نبني العام 2015 على تلك التجارب بإيجابياتها وسلبياتها من خلال العديد من المحاور أهمها الدين، العلم والفكر.
وتؤكد خوري ضرورة أن يتجاوز الإنسان المواقف والتجارب السيئة التي مر بها، فالتجارب الإنسانية مليئة بالأفراح والأحزان. وتضيف أن المواقف السلبية التي يتعرض لها الإنسان لا تعني نهاية الحياة وتوقفها، لافتة إلى أهمية التفاؤل والتفكير الإيجابي لاستمرارية الحياة وتجنب سيطرة الإحباط عليها، حيث لا يمكن أن تكون الحياة كاملة ما لم يكن هناك مرارة وفرح، قائلة “إن على الإنسان أن يعي أن تكرار الفشل في العام الجديد يعود إلى سوء التخطيط”. وترى خوري أن على الإنسان أن يكون قنوعا، وأنه لا يوجد في هذه الحياة من هو مخلّد، موضحة أن الاعتماد الكامل في حياتنا على شخص معيّن وجعله المحور الرئيسي لها، يجعل من فقدانه أزمة يصعب الخروج منها أو تجاوزها، مبينة أهمية الاعتماد على الذات والاستقلالية بالحياة العملية، فـ”رؤية الحياة من خلال شخص آخر، تفقد الإنسان توازنه عند غياب ذلك الشخص”.
بدوره، يجد اختصاصي علم الاجتماع في جامعة مؤتة د.حسين محادين، أن الانتقال من العام يمر عبر جسر متعدد المسارب، لافتا إلى أن بعض هذه المسارب قابلة للتفاعل والإيمان بالمستقبل قولا وعملا، أو المسرب المبني على تمثل المعاناة والبقاء كأسرى لها، في حين أن المسرب الثالث يكون متوازنا بين المسربين، وهو الذي لا يستطيع أن يتخلى عن مرارة الأحداث والمحبطات التي عاشها سواء على الصعيد الفردي أو الجمعي عربيا، مع أهمية التفاؤل بما هو قادم. ويرى محادين أن جلّ الناس لا يحتملون ضمور واختفاء تفاعلاتهم التي يبنون عليها أمورا كثيرة، أو الضربات، التي تلقوها والتي لم يتمكنوا من مغادرتها. ويؤكد محادين أن هذه الخيارات الثلاثة مفتوحة لمن يرغب بحكم خبرته ووعيه في تمثل أي منها، لافتا إلى أن “مسبحة الزمن ستبقى متحركة”.