2020.. آفاق وتحديات

أنضمُ مع العام الجديد إلى أسرة الغد برفقة زملاء أفاضل، جاهدين جميعا بتشاركيّة عالية في الارتقاء بالكلمة والوصول للحقيقة.
سيحمل 2020 الكثير من التحدّيات والفرص ما يجعلنا نترقب أيامه آخذين العبر من الأحداث الاقتصادية التي شهدناها في 2019، العام المليء بالتحدّيات والصِعاب.اضافة اعلان
في العام الجديد ستكون المهمة أمام الحُكومة وتحديداً وزارة الماليّة في إثبات صدقيّة الخطاب الحكوميّ في الوصول إلى التقديرات الماليّة في قانون الموازنة وعدم مُخالفتها بالشكل الفاضح الذي حدث العام الماضيّ، وهذا لا يكون بتعميم صادر من مجلس الوزراء، وإنّما بسلوك الوزراء أنفسهم في الالتزام الكامل ببنود الموازنة وعدم مُخالفتها، فجميع الوزراء بلا استثناء هم وزراء ماليّة في الحرص على التقيد الكامل بقانون الموازنة دون مخالفته كما جرت العادة في السنوات السابقة.
والحُكومة ملزمة من خلال فريقها التفاوضيّ بالوصول إلى تفاهمات مع صندوق النقد الدولي بان تكون جزءاً لا يتجزأ من خطة اقتصاديّة وطنيّة، يكون الاتفاق مع الصندوق أحد أدوات تنفيذها للوصول إلى الأهداف التي تحددها الحُكومات، لا تلك التي يتم ترجمتها من الخارج وتكون بعيدة عن الواقع.
الاستمرار في مسألة الإصلاح الإداري ومعالجة التشوهات في هيكل القطاع العام وتحديدا في المؤسسات والهيئات المستقلة، ووقف الهدر في المال العام وتعزيز الشفافية والنزاهة في التعيينات والالتزام بسيادة القانون وتطبيقه فعلا لا قولا والنهوض بالعمل المؤسسي الرسمي العابر للأشخاص والبعيد كُلّ البعد عن المزاجيّة والفزعة وتحقيق نسبيّ للعدالة الاجتماعيّة، هي من أكبر التحدّيات التي ستواجه الحُكومة في العام الجديد الذي ينتظر فيه المواطن من الحكومة ترجمة خطاباتها إلى سياسات وإجراءات قابلة للتطبيق على أرض الواقع يتلمس آثارها على أمنه المعيشيّ.
اما الآفاق الاقتصاديّة المُتاحة في العام الجديد، فإذا ما استثنينا الجانب السياسيّ الإقليميّ والدوليّ الذي يُلقي بظلال قاتمة على المنطقة، فإن الأمور الاقتصاديّة لن تكون على غرار الأعوام الماضيّة وتحديداً العام الماضي، فرغم صعوبة التحدّيات وضبابيّة المشهد في الأفق، إلا أن هناك مجموعة كبيرة من المؤشرات تدل على تقدم نسبيّ في الاقتصاد متمثل في زيادة التصدير بعدد كبير من القطاعات الصناعيّة التي تلقت حوافز عدة من الحكومة مكّنتها من النهوض بشكل جزئي، إضافة إلى استمرار البنك المركزيّ بسياسته الرشيدة في إدارة السياسة النقديّة والحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار مع نُمُوّ الاحتياطات من العملات الأجنبيّة، وإعادة روح الإيجابيّة لقطاعات تجاريّة مهمة مثل قطاع العقارات والسيارات، وخطة الحُكومة التي أعلنتها لدمج المؤسسات وإصلاح الخدمة المدنيّة وتحفيز الإنتاجيّة لدى العاملين في القطاعات، والمفاوضات الإيجابيّة بين الحُكومة وصندوق النقد الدوليّ مع الحفاظ على شبكة علاقات دوليّة عاليّة المستوى مع المانحين والمجتمع الدوليّ لدعم الاقتصاد الأردنيّ، كُلّها مؤشرات إيجابيّة تعطي رسائل بأن الاقتصاد الوطنيّ يسير بالاتجاه الصحيح.
الاقتصاد الوطنيّ لا يملك ترف الوقت للتجريب أو إعادة النظر في خطط التحفيز، لذلك لا بد من مواصلة الدفع بكُلّ قوة للوصول إلى مؤشرات نُمُوّ اقتصاديّ إيجابي، غير ذلك يبقى كُلّ ما نتحدث عنه حبراً على ورق.