2022.. تحديات وفرص

سلامة الدرعاوي العام الجديد ليس عاماً سهلاً، ففيه من التحديات التي قد تكون لها تداعيات سلبيّة على الأمن الاقتصاديّ والمعيشيّ للمواطنين، ولكنها في ذات الوقت تحمل حزمة من التفاؤل باتجاه عدد من المشاريع الكبرى التي في حال تنفيذها سيكون لها أثر بالغ على التنمية الاقتصادية في المملكة. أول التحديات يكمن في تنفيذ قانون الموازنة لسنة 2022 بالشكل الذي سيقرّه البرلمان والذي تقدمت به الحكومة، لأنه جرت العادة ان تكون هناك تجاوزات في تنفيذ القانون الماليّ للدولة من قبل الحكومة وبتواطؤ من النوّاب خاصة في مجال النفقات العام التي جرت العادة على مخالفتها للمقدّر، مما يتسبب في زيادة العجز الماليّ ومن ثم المديونية التي على الأرجح ان تصل نسبتها إلى 114.7 % مع نهاية العام 2022، او ما قيمته الإجمالية 38.819 مليار دينار، وهي أرقام مرعبة اقتصاديّا، ونسب أيضا غير آمنة على الإطلاق، وحان الوقت للوقوف عليها وتحديد سقف لها لا يتجاوز بأي حال عما هي عليها الآن. التحدي الآخر سيكون معيشيّاً على الأسر الأردنيّة التي ستواجه هذا العام حالة الجنون في الأسعار العالمية التي ستنعكس حتما على قدرته الشرائية في ظل ثبات نوعي للدخول او تراجع قوتها الشرائية، وهو ما يتطلب من الجهات الرسميّة التدخل الفوري لحماية الطبقات الاجتماعيّة التي ستكتوي بنار الأسعار من خلال تخفيض مباشر لضريبة المبيعات على الأصناف السلعية التي تشكّل جزءاً أساسياً من سلة الاستهلاك للأسر الأردنيّة. عمليات جدولة الديون التي قام بها الجهاز المصرفي طيلة العام الماضي على الشركات والأفراد ستبدأ عمليات استحقاقات الكثير منها بداية هذا العام، مما ستشكّل ضغوطات معيشية إضافية على المواطنين والشركات في بعض الأحيان، الأمر الذي يتطلب نوعاً من المرونة في التعامل مع تلك الاستحقاقات الطارئة. إصلاح الجهاز الإداري وتطويره وتنفيذ تعهد الحكومة في تحديثه والنهوض به يعتبر أبرز تحديات العام الجديد المشكوك في تنفيذها نظراً للتراكمات التاريخيّة في هذا الموضوع الذي تنصلت من تنفيذه الحكومات السابقة لا بل ان بعضها سار بعكس ما تعهدت به من إصلاح. ويبقى الوضع الاقتصاديّ العام تحت الضغط المباشر لتداعيات وباء كورونا الذي ما يزال يلقي بظلال قاتمة على النشاط الاقتصاديّ، ويساهم بتعزيز حالة عدم اليقين بالنسبة للأنشطة الاقتصاديّة المختلفة وحتى في مسألة التخطيط للمرحلة المقبلة، فحالة الضبابية على المشهد ستسود لفترات متقطعة في ظل انتشار الوباء وتطوراته الشكلية التي تشكل عبئاً إضافيا على الجهود المبذولة لاحتوائه. أما الفرص الواعدة التي باتت على أبواب هذا العام وبالإمكان ان تصبح عناوين رئيسية للإصلاح الاقتصاديّ ودافعا قويا للنهوض الاقتصاديّ والتنموي على حد سواء في حال تنفيذها. فمشروع الناقل الوطنيّ بكلفة تناهز الـ2.4 مليار دولار لتحلية مياه العقبة وتزويد المملكة بأكثر من 300 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب، حيث ستكون الأشهر القليلة المقبلة على موعد للإعلان عن الائتلاف العالمي الفائز بتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي الذي له ترابط بكل مقومات الاقتصاد والتنمية في الدولة، وهو ما يتطلب من الحكومة توفير كل ما يلزم لإنجاحه وتنفيذه بالسرعة الممكنة. مشروع التوسعة الرابعة لمصفاة البترول الأردنيّة بكلفة تزيد على الـ2.6 مليار دولار سيكون هو الآخر مطروحا هذا العام لإعلان الجهة الفائزة بالعطاء الدولي الذي طرح العام الماضي وتنافست به تسع شركات عالمية ضمن ثلاثة ائتلافات دولية كبرى، وهذا مشروع استراتيجي للدولة ولكافة القطاعات الصناعيّة ويشكّل عصب الإمداد والاستمرارية للأنشطة الاقتصاديّة المختلفة حتى الإقليمية منها، وهو ما يحتم على الحكومة توفير كل أشكال الاعفاءات والتسهيلات للخروج بهذا المشروع لحيز التنفيذ الفعلي على أرض الواقع. 2020 عام مليء بالتحديات والفرص وما هو مطلوب من الحكومة السعي الحثيث في التفكير الاقتصاديّ المنهجي المدروس الذي يمكّن المواطن والقطاع الخاص من العيش بمرونة وأن يتجاوز التحديات بأقل الخسائر والتداعيات السلبية، وتعظيم العمل نحو إنجاز الفرص الواعدة التي باتت تحت مرأى ومسمع من الحكومة ومختلف الجهات، فالتأخر في التنفيذ لا يشكل سوى عقوبة إضافية جديدة على الاقتصاد الوطنيّ.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا 

اضافة اعلان