31 % من حالات العنف الأسري سببها غياب التفاهم بين الزوجين

نادين النمري عمان- قال مدير ادارة الأسرة والاحداث العقيد فراس الرشيد إن 31 % من قضايا العنف الأسري التي تتعامل معها الادارة تعود لأسباب تتعلق بغياب التفاهم بين الزوجين، في حين تشكل البطالة العامل الرئيس في 12 % من هذه القضايا. وأضاف الرشيد في مداخلة له خلال أعمال مؤتمر نظمه مركز القدس للدراسات السياسية بالتعاون مع السفارة النرويجية حول "علاقة الضغوط على الرجل بالعنف المنزلي" أمس، أن "24 % من القضايا لها أسباب اجتماعية كالتدخلات العائلية والجفاء العاطفي". وبين أنه خلال السنوات الأخيرة شهدت بلاغات العنف ارتفاعا بمعدل 16 % سنويا، في مقابل فقد تم رصد انخفاض في جسامة قضايا العنف الأسري. وفيما يخص قضايا الايذاء البسيط اشار الرشيد الى أن نحو 68 % من هذه القضايا يسقط بإسقاط الحق الشخصي، لافتا الى أن ذلك الامر دفع بالإدارة للعمل على تفعيل اجراءات العدالة التصالحية والتسوية اذ يوفر هذا النهج حلولا بعيدة عن اجراءات التقاضي التقليدية، وتحقق الردع والانصاف للضحية وتجبر الضرر. وفي مقابل الدلائل الاحصائية التي قدمها مدير ادارة حماية الاسرة عرض الدكتور عاطف القاسم النتائج الاولية لدراسة مركز القدس حول "العلاقة بين الضغوطات على الرجل والعنف المنزلي"، موضحا أن الدراسة والتي شملت عينه من نحو 600 مستجيب تعد الاولى من نوعها في المنطقة العربية والتي تتناول مسألة العنف الاسري من زاوية الرجل. وأوصت الدراسة بضرورة تركز الإصلاحات السياسية على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في المشاركة السياسية، بالإضافة إلى مراجعة التشريعات وفق منظور النوع الاجتماعي والتخلص من كافة الفجوات القانونية التي تؤدي إلى التمايز النوع الاجتماعي في بعض التشريعات الأردنية وخاصة في قانون الضمان الاجتماعي والخدمة المدنية. اما المقترحات المقدمة في مجال الخطاب الديني فدعت لضرورة إيجاد مساحات حوارية فاعلة لتناول القضايا الدينية، وتقديم النصوص بطريقة واضحة، وتحرير الخطاب الديني من العادات والتقاليد الاجتماعية، وطرح برامج وورش تدريبية للعاملين في هذا الوسط للحد من تفسير الخطاب الديني تفسيراً خاطئاً، وكذلك مواجهة خطابات الغلو والتطرف التي تنظر إلى المرأة والرجل بشكل متطرف، من خلال تعزيز ثقافة الحوار. اما في الجانب الاجتماعي ومن وجهة نظر الذكور، فكانت أهم الممارسات التي تمس شرف الأسرة من وجهة نظر الذكور الأردنيين، هي "العلاقات الحميمية خارج إطار الزواج من قبل الإناث، بنسبة 62 % ثم "التعاطي والاتجار بالمخدرات ثم "العلاقات الحميمية خارج إطار الزواج من قبل الذكور بنسب 59.1 % و57 % على التوالي في حين اعتبرت العينية أن أقل الممارسات التي تمس شرف الأسرة من وجهة نظر المشاركين فهي "البخل"، ثم "السرقة"، ثم "النصب والاحتيال"، بنسب بلغت على التوالي 31.3 %، 42.7 %، 46.4 %. من جانبه، قال مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي إن المؤتمر يتناول مفهوم الذكورة والظروف التي يتعرض لها الرجال بصفتهم رجالاً، وما يولده ذلك من انعكاسات على العنف المنزلي. وأكد أنه يُخطئ من يعطي لهذا العنوان معنى تبريرياً للسلوك العنيف الذي قد يصدر عن الرجال والفتيان في الأسرة. وأضاف ان المؤتمر والدراسة يهدفان الى توفير فهم أدق للعنف المنزلي، لأنه لا يمكن فهمه وإظهار أبعاده المختلفة بدون فهم النوع الاجتماعي، فالرجال من حيث هم رجال يُلقى على عاتقهم مسؤوليات بحكم كونهم أرباب أسر، ومعنيين بتوفير مستلزمات أسرهم بغض النظر عن ظروفهم المعيشية من حيث البطالة والفقر ومجمل المصاعب الاقتصادية والاجتماعية والتربوية. وقالت، الوزير المستشار نائب رئيس بعثة مملكة النرويج في عمّان ريتا ساندبيرج إن الدراسة مهمة للباحثين ولصناع السياسات لمناقشة كيف تؤثر الأدوار الجندرية على العنف المنزلي. واشارت ساندبيرج الى التبعات التي خلفتها جائحة كورونا على الجوانب الاجتماعية تحديدا العنف الاسري، مبينة ان التغيير لا يمكن ان يتحقق دون ان يتم تسليط الضوء على الاشكاليات والاعتراف بها. ولفتت الى ما قامت به النرويج من جهود خلال السنوات لتسليط الضوء على قضايا النوع الاجتماعي وصولاً إلى تغيير العقلية للرجال والنساء، وإلى إقرار إجازة أبوّة للرجال بمقدار 15 يوماً. الى ذلك اظهرت نتائج الدراسة كذلك ان التيار الجارف للعشيرة أقوى بكثير من الفرد، فالولاء لدى الذكور لقيم العشيرة مقدم على الولاء لقيم الأسرة النووية الصغيرة، وحتى لقيم الفرد الذاتية أو الذاتوية. كما أن القضايا الاجتماعية التي تشكل ضغوطاً نفسية لدى الرجال، قد تمثلت في "أسعار وإيجارات المنزل"، ثم "الزواج"، و"دفع المهور. واعتبرت نتائج الدراسة أن هناك علاقة قوية بين القيم والأدوار الجندرية الذكورية، والعنف الأسري والعنف المبني على النوع الاجتماعي، وهذه الظاهرة هي نتاج الصراعات الموجودة في المجتمع، والذي خلقها عدم وجود أسس وقيم عدالة اجتماعية. وفي الجانب الاقتصادي اعتبرت الدراسة أن هناك مشكلة حقيقية لدى الرجل الأردني تتمثل بنسبة عالية من البطالة، إذ إن الحالة العملية لأكثرية المشاركين بالدراسة كانت ممن يعملون بأجر. ويعاني الذكور الأردنيون ممن خسروا عملهم من عدة ضغوطات تمثّلت في "القلق والانطواء"، و"اللجوء للاقتراض"، ثم "خلافات أسرية مع الزوجة أو الأبناء. وبينت الدراسة ان أكثر من 70 % من الرجال الأردنيين يعانون من عدم كفاية الدخل الشهري لتغطية نفقات الأسرة، وهذه نسبة مرتفعة ولها انعكاساتها على كافة شؤون الحياة. كما أن أكثر الضغوطات المترتبة على ذلك تمثلت بالقلق والانطواء واضطراب العلاقة في الأسرة والأصدقاء، ثم "الغضب والميل للعنف". كما أشار 96.1 % من المشاركين بالدراسة إلى أن عدم كفاية الدخل جعلهم أيضاً يتعلمون الصبر والبحث عن حلول. وفي الجانب الصحي يعاني الرجل الأردني من الضغوط النفسية والقلق والتوتر الانفعالي، حيث أن المعاناة بصمت من الأمراض تقود إلى الاحباط النفسي.اضافة اعلان