5 ساعات.. تكفي لغرق عمان!

أن تتعرض المملكة لكوارث طبيعية كـ"غرق عمان" يوم الخميس الماضي، جراء منخفض جوي تأثرت به مختلف مناطق الأردن، يُعتبر شيئًا طبيعيًا، شريطة ألا يكون هناك تقصير أو تقاعس من قبل الجهات الخدماتية المعنية.اضافة اعلان
لكن ما هو غير طبيعي، هي تصريحات مسؤولين والتي أقل ما يُقال عنها بأنها نوع من الاستفزاز الذي تتقنه حكومة "النهضة"، أو إقدامها على رد فعل حقيقي جراء ما حدث.. فرئيسها الدكتور عمر الرزاز اكتفى بالقول أن "الوضع مؤلم، وسندرسه ونقوم باتخاذ ما يلزم من إجراءات". لكن هذه التصريحات لم تحمل أي جدية بمحاسبة المقصرين أو المسؤولين عن ذلك، رغم أن زيارته لوسط البلد في العاصمة فور عودته من العاصمة البريطانية لندن، تُحسب له.
أما وزير الدولة للشؤون القانونية مبارك أبو يامين فلم يأت بجديد أو باللغة العامية "ما يفش الغل"، فقد أكد هذا الوزير المؤكد وهو "حق التجار المتضررين اللجوء إلى القضاء".. وللأسف الشعب كله حتى "أميوه" يعلمون ذلك وهو بالنسبة لهم أمر بديهي.
أما التصريح الأكثر استفزازًا فكان من أمانة عمان الكبرى، المسؤولة أولًا وأخيرًا عن تفقد وصيانة شبكات المياه والصرف الصحي والتأكد من جاهزيتها، فقد أكد نائب مدير المدينة لشؤون المناطق والبيئة بـ"الأمانة" أن "هنالك دراسات تفيد بأن كمية الأمطار التي هطلت على عمان لو كانت في نيويورك لأغرقتها".
"نيويورك".. مرة واحدة يا أمانة عمان!، وكأنها تريد بمثل هذا التصريح التغطية على فشلها أو تقاعسها أو تقصيرها تجاه صيانة وتأهيل البنى التحتية بشكل عام وشبكات الصرف الصحي والمياه بشكل خاص.
قد تكون كمية مياه الأمطار التي هطلت على عمان أمرا "استثنائيا"، كما تدعي "الأمانة"، لكن أين هي استعداداتها بشأن ذلك، وهي تقريبًا كل أسبوع تصدر على الأقل بيانا صحفيا تؤكد فيه جاهزيتها لاستقبال فصل الشتاء بشكل عام، وخصوصًا أن الأمر لم يقتصر على وسط البلد فقط، حيث ضربت الأمطار أكثر من منطقة بالعاصمة كمناطق الدوار السابع والبيادر والمقابلين وخريبة السوق.
والأنكى من ذلك تضارب تصريحات مسؤولي أمانة عمان حول ما ترصده من أموال من دافعي الضرائب لإنشاء أو صيانة أو إعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي داخل المناطق التابعة لها.. فأحدهم يقول اننا رصدنا العام الماضي 15 مليون دينار وآخر يؤكد أن ما تم رصده يصل إلى ستة ملايين دينار.
وكما يقول المثل الشعبي "من فمك ادينك"، فأمانة عمان تقول إنها نفذت حملة تحسينات واسعة على خطوط الصرف الصحي في منطقة وسط البلد، وبنفس الوقت تؤكد أن شارع طلال "قد غرق عند الساعة العاشرة والنصف صباحًا"، أي بحسبة بسيطة أن هذا الشارع غرق بعد فقط خمس ساعات من هطل المطر.
خمس ساعات كافية لغرق شارع، تدعي أمانة عمان بأنها انفقت ملايين الدنانير على بناه التحتية!!.
والسؤال "أين الاستعداد لمثل هذه الظروف؟" فرغم أن كميات مياه الأمطار كبيرة، إلا أنها كانت متوقعة، ودليل ذلك أن أكثر من دائرة أرصاد جوية أكدت أن المملكة ستتأثر بمنخفض جوي، وستشهد معظم مناطقها هطلا مطريا غزيرا.
يُقال بأن من لا يتعلم من أخطائه أو ماضيه، فلديه مشكلة وكبيرة أيضًا، فالعاصمة شهدت مثل هذه الظروف قبل نحو أربعة أعوام فقط، لكن يبدو اننا لم نستفد من الدرس.. فالأمر جلل يحتاج إلى مراجعة وتقييم ودراسة جدية بعيدًا عن التباكي.. فالحادثة تسببت بروح فقدناها ناهيك عن ملايين الدنانير التي تكبدها مواطنون وتجار.
وفي النهاية، نخشى أن يتم الاكتفاء بـ"كبش فداء" كما في حالات سابقة شهدت استقالات مسؤولين، فقد يكون التضحية بأحدهم المراد منه كسب شعبية أو تخفيف احتقان شعبي.. رغم أن ذلك شيء صحي وديموقراطي ففي الدول التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها يُقدم المسؤول على الاستقالة في حال كان هناك تقصير يقع من مؤسسته أو دائرته.