79 % يعتقدون أنهم شعب مختار

هآرتس

جدعون ليفي

14/9/2018

كنت آمل لقاء الاغلبية المطلقة هذه، الاغلبية الحاسمة المتعجرفة، وأن أسألهم: هل أنتم جديون؟ كيف وصلتم إلى هذا؟ واستنادا لماذا؟ واستنادا لمن؟ حيث أنه أيضا لمعتقدات واجابات الباحثين يجدر في كل مرة أن نجد شيئا من الاساس الواقعي. أيضا أنتم الاغلبية المطلقة الذين تثقون جدا بأننا الشعب المختار والأفضل والأبطال على كل الآخرين، كيف وصلتم إلى هذا؟ كنت أريد سؤالكم: لماذا أيتها الاغلبية العزيزة أنتم مقتنعون جدا بأننا أبناء الشعب المختار. وأننا نعرف كل شيء أفضل من كل الشعوب. وأنه يحق لنا ما لا يحق لغيرنا. وأن ما يسري علينا لا يسري على الآخرين. لأننا متفوقون.اضافة اعلان
هكذا أجاب معظم اليهود، الإسرائيليين في استطلاع "البلاد، حوار" الذي نشر عشية رأس السنة: نحن شعب مختار. الاغلبية، 56 في المائة، مقتنعون بذلك. اغلبية ساحقة، 79 في المائة، في اوساط اليمين. الدولة التي فيها 76 في المائة يؤمنون بالله أو بقوة عليا اخرى ربما يكون هذا أمر مفهوم. ولكن لأن الايمان هو أمر شخصي فإن الإيمان بالشعب المختار هو خط للحدود الهيكلية للسياسة، الذي يشرح الكثير من سلوك إسرائيل أمام كل العالم.
لنترك الدين جانبا ولنركز على المرض. اليهود الإسرائيليون الذين يعتقدون أنهم ينتمون لشعب مختار، ملزمون بمراجعة انفسهم وتقديم تقرير عن ذلك للآخرين. يمكن أن نتمتم بسهولة أنه يوجد إله أو أنه لا يوجد إله، لا أحد يتوقع تقديم أدلة. ولكن عندما تكون اغلبية الشعب مقتنعة بأنه متفوق على الآخرين عندها تكون حاجة لتقديم أدلة. في حالة إسرائيل من السهل اثبات أن الأمر يتعلق بفقدان العلاقة مع الواقع، بهذيان خطير. على كل الأحوال فإن شعب مقتنع بأنه شعب مختار هو شعب خطير على نفسه وعلى غيره.
الشعب اليهودي هو بحق شعب مميز. لديه تاريخ فاخر ودموي. أيضا لليهود والإسرائيليين هناك ما يتفاخرون به. ولكن عندما يقولون إنهم الشعب المختار من بين كل الشعوب يكشف الذهان. مشكوك فيه وجود شعب آخر يفكر بهذه الطريقة بنفسه. من السهل تخيل ماذا كان سيحدث لو أن الالمان يقولون إنهم يفكرون هكذا بأنفسهم اليوم. لا يوجد لليهود الإسرائيليين أي اساس للتفكير بهذه الطريقة. لماذا نحن شعب مميز؟ لماذا نحن أفضل؟ وماذا سيفكر السويدي والفرنسي والأميركي والبريطاني أو العربي ازاء هذا التعالي غير المحتمل؟.
عن المستوى الاخلاقي المشكوك فيه لإسرائيل كدولة احتلال لا توجد حاجة لزيادة الكلام. الإسرائيليون كان يجب عليهم التسلح بدرجة قليلة من الوعي الذاتي من اجل فهم أن شعبا محتلا لا يمكنه أن يكون شعب مختار. القليل من التواضع لم يكن ليضر حتى بالنسبة لعدد آخر من صفات شعب إسرائيل، قبل أن يتوج نفسه كمنارة. كان يجب على سبيل المثال قراءة التحليل الشامل الذي يثير القشعريرة للبروفيسور دان بن دافيد حول جهاز التعليم ("هآرتس"، 31/8)، والذي لم يثر هنا الفضيحة التي كان يجب أن يثيرها. نصف الأولاد في إسرائيل يحصلون على تعليم بمستوى دول العالم الثالث.
القليل من التواضع مطلوب أيضا من مواطنين دولتهم تحل في المكان الـ 87 في العالم على مقياس حرية الصحافة، بعد توغو وساحل العاج. المكان 32 في مقياس الفساد العالمي. أيضا هذا لا يدعو إلى الاحتفال. جهاز الصحة الإسرائيلي يقتضي أيضا تناسبا في التقدير الذاتي: المكان 28 من بين الـ 36 دولة المتقدمة في نسبة ميزانية الصحة؛ المكان 30 في عدد الأسرة للفرد. أيضا سلوك السياح الإسرائيليين في العالم ليس دائما هو سلوك شعب مختار. ربما في مقياس التسلح بالغواصات الالمانية فإن إسرائيل توجد في مكانة عالية، وربما هذا هو المفتاح لفهم شعور النور الهادي للاغيار.
هذا التبجح الذاتي والاستناد اليه تحول مؤخرا إلى احد خطوط الموضة القومية لإسرائيل. يكفي أن تتصفح كل يوم صحيفة "يسرائيل هيوم" أو الاصغاء إلى اقوال رئيس الحكومة، كل ذلك يدل على كم نحن جميلين، من الصباح حتى المساء. بشرى الكذب هذه ينشرها اليمين لاغراضه. شعبوية مستخذية كهذه تزدهر ليس فقط في إسرائيل، لكن فقط فيها الفجوة بين الحلم والواقع كبيرة جدا. شعب مختار؟ ليتنا نصبح مثل كل الشعوب.