96 انتهاكا لحرية الصحافة والإعلام!

على بعد أقل من شهر واحد عن التجلّي الأوضح للديمقراطية والمشاركة السياسية، يوثّق لنا مرصد الإعلام الأردني في مركز القدس للدراسات السياسية، 96 انتهاكا واقعا على حرية الإعلام؛ فهل يمكن للديمقراطية أن تتجزأ؟!اضافة اعلان
إن الرقم الكبير للانتهاكات الواقعة على الإعلام والإعلاميين، يؤشر بشكل واضح إلى أن الحكومات المتعاقبة ما تزال تنظر إلى الإعلام على أنه "أداة" يمكن احتواؤها، وأن عمله ينبغي أن يكون "وظيفيا" بما يخدم أجندات الحكومات، لا أن يكون مراقبا ومسائلا وكاشفا عن الحقائق أمام الجمهور.
وانطلاقا من الفهم الرسمي لهذا الدور المشوّه للإعلام، ترى الدولة، بما تمثله من أجهزة وأذرع مختلفة، أن مكان الإعلام هو إلى جانب الدولة وسياساتها، ووظيفته ينبغي لها أن تكون في "جهد الجوقة" التي تحاول الترويج لسياسات حكومية، حتى لو كانت سياسات عقيمة لا تمتلك أي رؤية.
السخرية في الأمر أن هذه المقاربة لفهم مهمة الإعلام، تلتقي إلى حد التماهي مع "رؤية" الأنظمة الشمولية التي ترى في الإعلام ذراعا أخرى لتطويع الشعوب، وإخضاعها لسيرورة سياسية واحدة محتمة لا ثاني لها.
إن ما حدث من تعديات جسيمة على عمل الإعلام والإعلاميين خلال العام الحالي، يكشف بوضوح عن مدى الرغبة الرسمية في أن يكون الإعلام المحلي خارج مدى "الرؤية"، وغير متفاعل مع الحدث اليومي الذي فرضته الأحداث على مدار اثني عشر شهرا ماضية.
لقد عاش الصحفيون عاما صعبا خلال تغطيتهم للحراكات الشعبية التي عمّت جميع المحافظات الأردنية، فالكمّ الكبير من الحقائق المتوفرة لم يكن له دائما حظّ من الظهور.
إن الضغوطات العديدة التي تعرّض لها الإعلام في الأردن، تتطلب تدخلا من أعلى المستويات من أجل كفّ يدّ الجميع عن عمل السلطة الرابعة، هذه السلطة التي يمكن لها أن  تكشف الفساد والفاسدين إن أعطيت الفرصة، كما يمكن لها أن تفرز الحراك الشعبي الحقيقي، والمعارضة البنّاءة المطالبة بإصلاحات جذرية، عن تلك التي تسعى إلى فرض حالة من الاستغلاق السياسي، أو تلك الفئة التي تبغي التخريب.
النهج المتعمد في استهداف الحريات الإعلامية لا يمكن أن يقود إلى حالة الاستتباب التي ينظّر لها متبنو "نظرية" التدخل في الإعلام، بل يمكن لها أن تفرز حالة خطيرة من علوّ السقف، بتنا نراها اليوم واضحة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي المواقع التي لا يمكن فرض رقابة شمولية عليها.
اليوم، عدد الانتهاكات في حق الصحافة والإعلام يسجّل ارتفاعا عما كان عليه في العام الماضي، فهل سنتنبه إلى هذا الأمر ونحن نتبجّح بالذهاب إلى "العرس الديمقراطي" في الثالث والعشرين من الشهر المقبل.