هذه المشكلة التي بدأت منذ سنوات، وتتفاقم في كل عام مع التوسع العمراني وتزايد تلك الورش، دفعت السكان للمطالبة بعمل مدن حرفية خاصة بها، بحيث تكون تلك المدن مصممة وقادرة على استيعاب كل تلك الورش على اختلاف أنواعها، من ميكانيك ونجارة وحدادة وغيرها.
في المقابل، فإن مشروع إنشاء مدينة صناعية لتجميع كافة الورش وإنهاء انتشارها العشوائي كان قد طرح قبل 20 عاما بعد أن استملكت بلدية عجلون حينها أرضا لهذه الغاية.
ويقول مهند الصمادي إن كثيرا من الورش الحرفية والصناعية تنتشر بشكل عشوائي على الطرق الرئيسة وبين الأحياء في عموم مناطق المحافظة، عازيا السبب لافتقاد مدينة عجلون وأغلب مدن المحافظة للمدن الحرفية، مؤكدا أن وجود تلك الورش، يحدث إرباكا مروريا في كثير من الأحيان، وإزعاجا للسكان، وآثارا بيئية سلبية.
ويقول عمر أبو فارق إن بلديات في المحافظة، كبلدية كفرنجة سعت إلى إيجاد مدينة حرفية تجمع تلك الورش الصناعية، إلا أن عدد الورش من نجارة وحدادة وميكانيك يفوق إمكانية تلك المدينة من حيث المساحة وعدد المخازن المتوفرة، ما يبقيها منتشرة في عدة مواقع، خصوصا طريق الأغوار.
وأكد أن وجود عشرات الورش على طريق الأغوار بكفرنجة، يتسبب بإرباك حركة المرور وإزعاج للسكان يستمر حتى ساعات الليل، ولا يرتاحون منه إلا في عطلة الجمعة، مؤكدا أن واجهة منزله على الطريق تبلغ 30 مترا، ومع ذلك لا يستطيع أن يجد لمركبته موقفا، مشيرا إلى أن ما يفاقم المشكلة كثرة التعدي على الطريق من تلك الورش.
ويؤكد علي القضاة أن مشكلة المدينة الحرفية مرتبطة أيضا بضرورة توفير الدعم لبلدية عجلون لإنشاء مدينة صناعية على قطعة أرض مستملكة لها، فهذه الخطوة ستتيح جمع عدة مصانع خياطة تتوزع في عدة مناطق في المحافظة، ويشجع المستثمرين على إيجاد مشاريع صناعية أخرى تخدم المحافظة تنمويا.
يذكر أن دراسة منفصلة، أعدتها هيئة الاستثمار على هامش إعداد الخريطة الاستثمارية للمحافظة، أكدت أن قطاع الصناعة في المحافظة ما يزال متواضعا جدا وفي مراحله الأولى ولا تتوافر فيه الصناعات الرئيسة، وما يزال يقتصر على الورش الحرفية والصناعية الصغرى.
وتشير دراسات سابقة أجريت في المحافظة إلى أن هناك 305 مؤسسات عاملة في قطاع الصناعة بمتوسط 2-3 موظفين لكل مؤسسة، مشيرة إلى أن تلك الصناعات تقتصر على المنتجات الزراعية والنسيج وبمتوسط حجم منخفض جدا، إذ يغلب على قطاع الصناعة ورش الحدادة والنجارة الصغيرة.
يذكر أن الخريطة الاستثمارية للمحافظة، كان تمت مناقشتها بحضور مجلس المحافظة ومختلف الجهات حينها، حيث اقترحت حينها عددا من المشاريع الصناعية من بين 20 فرصة استثمارية مقترحة لمختلف القطاعات، من ضمنها مصنع إنتاج وتقطير زيوت النباتات العطرية والطبية، ومشروع لتصنيع الفاكهة المجففة والزبيب، ومصنع للعصائر الطبيعية، ومصنع منتجات غذائية للمخللات والمربيات، ومشروع تصنيع الرخام، ومصنع أسمدة عضوية، وإنشاء مدينة برمجيات وإلكترونيات.
يشار إلى أن بلدية عجلون استملكت قطعة أرض لغاية إنشاء مدينة صناعية منذ أكثر من 20 عاما بمساحة بلغت191 دونما، إلا أنه ومنذ ذلك الوقت ما تزال المحافظة تنتظر تنفيذها.
ويقول المواطن عامر الزغول إن عدم توفر المدينة الصناعية يحرم المحافظة من المشاريع الصناعية التنموية، ويتسبب بعزوف العديد من المستثمرين وبحثهم عن مناطق أخرى تتوفر فيها بنية تحتية جاهزة.
وزاد أنه ورغم المطالبات العديدة من السكان منذ سنوات، ما تزال المحافظة تفتقر لمدينة صناعية، ما يجعلها، محرومة من المشاريع الصناعية الكبرى المشغلة للأيدي العاملة، والقادرة على الحد من النسب المرتفعة في البطالة بين الشباب، لافتا إلى أن نجاح تجربة إنشاء عدد من مصانع الخياطة في المحافظة، ينبغي أن تكون حافزا للإسراع بإنشاء المدينة الصناعية وجذب المستثمرين في هذا المجال.
ويقر رئيس بلدية عجلون الكبرى حمزة الزغول بأن هذا التأخير بإنشاء المدينة الصناعية، يبقي المحافظة وبالأخص قطاعها الصناعي في دائرة الحرمان من التنمية، مشيرا إلى تعذر تنفيذ 10 مشاريع صناعية تشغيلية تم اقتراحها على الخريطة التنموية منذ 6 أعوام، بسبب نفور المستثمرين لعدم توفر "المدينة" المؤهلة لكافة الخدمات والبنى التحتية اللازمة.
وأكد الزغول أهمية المدينة الصناعية والحرفية ودورها البيئي والتنموي، مؤكدا أن تطوير الصناعة في المحافظة يحتاج إلى توفير مدينة صناعية تستوعب كل المشاريع، مشيرا إلى أنه ورغم استملاك قطعة أرض تبلغ مساحتها 191 دونما في منطقة صخرة منذ زهاء عقدين، ما تزال المحافظة تفتقر للمدينة الصناعية، التي من شأنها أن تسهم في دفع عجلة التنمية بالمحافظة، والتخفيف من نسب البطالة والفقر. وأوضح رئيس مجلس المحافظة عمر المومني، أن عشرة مشاريع صناعية كبرى تم عرضها في الخريطة الاستثمارية للمحافظة أواخر العام 2017، لم ينفذ أي واحد منها حتى اللحظة، لافتا إلى أنه كان وخلال رئاسته مجلس المحافظة، عرض على مستثمرين قطع أراض لإقامة مشروعين خاصين بتجفيف الفواكه وآخر لصناعة الجفت، إلا أن الجهود ذهبت أدراج الرياح، لعدم توفر المكان المؤهل.
وشدد المومني على أن تطوير القطاع الصناعي في المحافظة يحتاج إلى توفير مدينة صناعية، وهو الأمر الذي تسعى له البلديات، لكن دون نتيجة.