وبالتزامن مع إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال أثناء مواجهات بالقدس واستمرار استباحة المستوطنين لباحات المسجد الأقصى المبارك في ثالث أيام "الأعياد اليهودية" المزعومة؛ فقد اضطرت 6 تجمعات فلسطينية على الأقل في الضفة الغربية للرحيل من منازلهم بسبب إما هدم قوات الاحتلال لبعضها أو لاعتداءات المتطرفين الإسرائيليين المتكررة عليهم بالقوة المسلحة، سبيلا لطردهم والاستيلاء على أراضيهم.
وتستهدف عملية التهجير القسري عشرات القرى والتجمعات الفلسطينية، بينما ما تزال أحياء في القدس المحتلة، مثل حي البستان والشيخ جراح، مهددة بالهدم الكامل ضمن سياسة الاحتلال لتهويد المدينة وتغيير معالمها، وهو الأمر الذي سمته ما يسمى منظمة "بتسليم"، مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، بأنه "ترانسفير" خطير يتم تنفيذه بحق الفلسطينيين بالضفة الغربية.
وتعمل حكومة الاحتلال على إطلاق يد المستوطنين المتطرفة لإلحاق الأذى والضرر بسكان المناطق المستهدفة بالتهجير و"تنغيص حياتهم" لحملهم على مغادرة منازلهم وأراضيهم والسيطرة عليها، كما فعلت مع الفلسطينيين في المنطقة الواقعة شرق وشمال شرق رام الله، حيث تم تهجير لأربعة تجمعات فلسطينية على الأقل قسرا.
وعلى غرار رام الله؛ قامت سلطات الاحتلال بتنفيذ عملية تهجير قسري بحق الفلسطينيين في منطقة جنوب تلال الخليل، حيث تم تهجير تجمعين اثنين على الأقل، بما يجعلها، وفق منظمة "بتسليم" الإسرائيلية، "مسؤولة عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، بحسبها.
وأشارت المنظمة الإسرائيلية، عبر موقعها الإلكتروني، إلى "ممارسات يرتكبها المستوطنون يوميا وأصبحت روتينا مرعبا لعشرات التجمعات الفلسطينية"، من بينها "طرد الفلسطينين من حقولهم، والاعتداءات الجسدية على السكان واقتحام منازلهم في جوف الليل، وعمليات الحرق، والسرقات، وسد الطرق وتدمير خزانات المياه"، في الضفة الغربية.
ويمارس هذا العنف في خدمة الكيان المحتل وبتشجيع منها، حيث ما تزال عشرات التجمعات الفلسطينية على الأقل، معرضة لخطر التهجير الفوري.
وطبقا لمركز "بتسيلم" الإسرائيلي؛ فإن سياسة الترانسفير "تشمل مسارين: الأول يتحقق بفعل الأوامر العسكرية، المستشارين القانونيين وما يسمى المحكمة العليا، عبر قيام الاحتلال بطرد الفلسطينيين من أراضيهم، فيما يتمثل المسار الثاني الموازي في ممارسة المستوطنين العنف ضد الفلسطينيين بينما تسمح كل الأذرع الرسمية بذلك وتساعد عليه، لا بل تشارك فيه فعليا أيضا"، وفق المركز.
وتشجع حكومة الاحتلال على عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، فأعضاء الحكومة الإسرائيلية الحالية، الذين سبق لبعضهم أن قادوا أعمال العنف على الأرض، يشجعون العنف ويعززونه، "فهم يشيدون بالمستوطنين العنيفين ويتصرفون بطريقة تمحو حتى أي مظهر صوري لجهاز إنفاذ القانون الفعال"، وفق المنظمة الإسرائيلية.
وقال "بتسيلم": "إن هذه السياسة غير قانونية بما يجعل سلطات الاحتلال مسؤولة عن ارتكاب جريمة حرب، بموجب القانون الدولي، الذي عليها العمل بموجبه، والذي يحظر طرد سكان منطقة محتلة من منازلهم"، معتبرا أن الكيان المحتل "يخلق بيئة قسرية".
في غضون ذلك؛ أطلقت قوات الاحتلال النار على شاب فلسطيني بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن أحد الجنود عند حاجز المزمورية بين بيت لحم والقدس المحتلة، وذلك في ظل حالة التأهب القصوى لقوات الاحتلال بمناسبة "الأعياد اليهودية" المزعومة والممتدة خلال الشهر الحالي وشهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
في حين نفذ عشرات المستوطنين المتطرفين اقتحامات واسعة لباحات المسجد الأقصى المبارك، في ثالث أيام ما يسمى "الأعياد اليهودية" المزعومة، وسط أجواء التوتر والاحتقان الشديدين.
جاء ذلك في ظل انتشار قوات الاحتلال بأعداد كبيرة في المكان ومحاولتها إخراج المصلين بالقوة من داخل المسجد وباحاته وإبعادهم خارجه لتأمين اقتحامات المستوطنين، والاعتداء بالدفع والضرب على المرابطين والمرابطات في منطقة "باب السلسلة"، واعتقال عدد من الشبان الفلسطينيين وفرض القيود لمنع دخول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد.
وشهدت منطقة "باب السلسلة" حالة من التوتر مع أداء مجموعة من المستوطنين المتطرفين للطقوس التلمودية المزعومة، كالغناء والرقص، لدى خروجهم من المسجد الأقصى، وفق دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة.
من جانبه، أكد الناطـق الإعلامـي باسـم حركــة الجهــاد الإسلامــي، طـارق سلمـي، أن قوى المقاومة الفلسطينية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الاعتداءات التي تطال المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك، مؤكدا صمود الشعب الفلسطيني، وتصعيد المواجهة ضد الاحتلال.
بدورها، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن ازدواجية المعايير الدولية والحماية التي توفرها بعض الدول الكبرى لسلطات الاحتلال، تؤدي إلى تشجيعها على التمادي في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وتنفيذ المزيد من مشاريعها العنصرية، وحسم مستقبل قضايا الحل النهائي التفاوضية بقوة الاحتلال.
وأشارت "الخارجية الفلسطينية" أن جرائم الاحتلال وانتهاكات مستوطنيه تندرج ضمن مخطط إسرائيلي رسمي، لاستهداف الوجود الفلسطيني في المناطق المصنفة "ج"، وتفريغها من أصحابها، في عملية ضم تدريجي متواصلة للضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس، بما يؤدي إلى تقويض فرصة تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وتعميق حلقات نظام الفصل العنصري "الأبرتهايد" في فلسطين المحتلة.
وحملت حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن جرائم هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية، والاستيلاء على الأراضي، وتعميق الاستيطان، وجميع الإجراءات أحادية الجانب غير القانونية.