في غزة.. فلسطينيون يحاربون المجاعة بأوراق الشجر

10-28-730x438
سيدة فلسطينية وطفلاها الجوعى في غزة

يحاول الشاب الفلسطيني سائد أبو عبدو (33 عاما)، إقناع طفليه مجد وسارة (8 و5 سنوات)، بتناول بعض أوراق شجرة التوت المطهوة مع قليل من الأرز لسد جوعهما مع عودة مظاهر المجاعة مجددا في مدينة غزة ومحافظة شمالي القطاع.

اضافة اعلان


ويتحايل أبو عبدو من سكان مدينة غزة، على طفليه ويخبرهم بأن هذه الأوراق هي نوع مختلف عن ورق العنب الذي يحبونه واعتادوا تناوله قبل الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، لكن هذه المحاولات تبوء بالفشل مع مرارة واختلاف نكهة الأوراق وعدم تقبل الأطفال لمذاقها.


وتبدو تأثيرات المجاعة ظاهرة على جسد أبو عبدو وطفليه من أجسادهم الهزيلة، ووجوههم الشاحبة، وملامحهم المتعبة، في ظل ندرة توفر المواد الغذائية والخضراوات وأساسيات الحياة.


ويقول أبو عبدو: “شبح المجاعة عاد مجددا إلى غزة والشمال، والوضع يتفاقم شيئا فشيئا، وأصبحنا نأكل أوراق الأشجار ونخلطها بالدقيق قبل خبزه، بعد إغلاق إسرائيل للمعابر ومنع إدخال المساعدات والبضائع إلينا”.


ويضيف: “الأمراض المعدية تنهش أجسادنا وأجساد أطفالنا، بسبب سوء التغذية وضعف المناعة وانتشار المكاره الصحية والبيئية، وعدم توفر الخدمات الصحية بالشكل المناسب، بسبب الاستهداف الإسرائيلي للمنظومة الصحية بشكل متكرر”.


ويخشى أبو عبدو على حياة أطفاله بعد تكرار إصابتهم بالأمراض المعدية كالنزلات المعوية والتهاب الكبد الوبائي وغيرها، خاصة مع عدم توفر الأغذية المناسبة والصحية.


ويعتمد أهالي شمال القطاع ومدينة غزة على الأعشاب البرية لإطعام أنفسهم وأطفالهم، وبعض المعلبات التي ادخروها في أوقات سابقة حيث لم تدخل المساعدات إلى هذه المناطق منذ نحو شهرين.


وعادت مظاهر المجاعة إلى مدينة غزة وشمال القطاع مجددا، بسبب استمرار إسرائيل في إغلاق كافة المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والمواد الغذائية والدواء، ضمن سياسة تضييق الخناق التي تتبعها في حربها المدمرة.


ندرة البضائع


يتجول الشاب محمود البواب (28 عاما)، في سوق الصحابة وسط مدينة غزة، لتوفير بعض الاحتياجات الأساسية لعائلته، لكن ندرة البضائع وعدم توفرها حرمه من شراء السواد الأعظم منها.


ويخلو هذا السوق كباقي أسواق المدينة وشمال القطاع، إلا من بعض الخضراوات والبضائع، التي يصعب على الفلسطينيين من سكان غزة والشمال شراؤها بسبب الارتفاع الكبير في أسعارها، في ظل نقص السيولة النقدية وصعوبة الأوضاع المعيشية بفعل طول أمد الحرب الإسرائيلية.


وتفتقر مناطق شمالي القطاع إلى الخضراوات والفواكه واللحوم والمواد الأساسية، ما يرفع أسعارها بشكل ملحوظ، حيث بلغ سعر كيلوغرام البندورة 100 شيكل (نحو 30 دولارا)، و200 شيكل (نحو 60 دولارا) لكيلوغرام البصل، و50 شيكل (15 دولارا) للخيار، و15 شيكلا (نحو 4 دولارات) سعر البيضة الواحدة.


ويقول البواب: “الأسعار مرتفعة بشكل جنوني والبضائع الموجود قديمة تم تخزينها وليست بالجودة المطلوبة، ولا نستطيع شراءها إلا بكميات محدودة جدا خاصة مع عدم توفر السيولة النقدية لدى الجميع”.


ويضيف الشاب الفلسطيني: “ليس هناك ما نأكله، فلا خضراوات ولا فواكه ولا لحوم ولا أي شيء، اضطررنا لأكل كل ما يمكن تخيله وما لا يمكن تخيله لسد جوعنا، كطعام الحيوانات وأوراق الأشجار ونباتات الأرض البرية وأطعمة منتهية الصلاحية”.


ويبيّن أن الكثيرين أصيبوا بأمراض وحالات تسمم بعد تناول هذه الأطعمة ونقلوا على إثرها إلى المستشفيات.


وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، ونقلا عن شركائها الذين يعملون على الأرض، فإن واحدا من بين كل ثلاثة أطفال في شمال غزة يعانون من سوء التغذية “الحاد أو الهزال”.


وفي وقت سابق؛ قال مدير مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، حسام أبو صفية، إنه “تم تسجيل أكثر من 250 طفلا فلسطينيا يعانون سوء التغذية، خلال الفترة الماضية منذ منتصف يونيو/ حزيران الحالي”.


وأضاف أبو صفية أن “شبح المجاعة يخيم على غزة في ظل عدم توفر الغذاء، وسجّلنا علامات سوء التغذية على بعض الأطفال”.


وتتصاعد التحذيرات والتخوفات من تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير في غزة والشمال، وارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع، خاصة في صفوف الأطفال وكبار السن الذين باتوا تحت التهديد المباشر لسوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي.


ونزح نحو مليونين من سكان قطاع غزة من منازلهم منذ اندلاع شرارة الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تاركين خلفهم كل شيء بحثا عن الأمان، لكنهم يعيشون ظروفا صعبة ومأساوية، ويفتقرون إلى الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والمياه.


جائعون

 

 يشتكي الصحافي محمود العوضية، مراسل قناة الميادين الفضائية من غزة، من حالة المجاعة السائدة في غزة والشمال، ويقول: “أنا الصحافي محمود العوضية من شمال غزة، أنا جائع وعائلتي بعيدة عني منذ أكثر من 8 أشهر، فقدت من وزني أكثر من 20 كيلو خلال الحرب”.


ويضيف العوضية في منشور عبر صفحته على فيسبوك: “نفسي (أتمنى تناول) أنواعا كثيرة من الطعام ولكن لا أجد شيئا (..) منذ شهور لم نتناول اللحم”.


بينما يقول الصحافي محمود العامودي، مذيع ومعد برامج في إذاعة صوت الأقصى، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “أنا لم أتناول طعام الغداء حتى الآن، لأنني أشعر بحرقة في المعدة من تناول الخبز والدقة والفلفل الأحمر المطحون”.


كما يشتكي الصحافي أسامة العشي، حالة الجوع التي يعيشها مع أفراد أسرته في مدينة غزة.


وكتب العشي عبر صفحته على موقع فيسبوك، “أنا الصحافي أسامة العشي جائع كثيراً، وعندي جنين في بطن زوجتي كمان (أيضاً) جائع كثيرا. خائف كثيرا على زوجتي لأنها جائعة. أهلي وأصحابي وجيراني جائعون أيضا”.


وفي 12 يونيو/ حزيران الجاري، توقع مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أن يواجه نصف سكان غزة الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو/ تموز المقبل، ما لم يتم السماح بحرية وصول المساعدات.-(الأناضول)