أزمة "الأونروا".. والبحث عن حل

تلقي الأزمة المالية للأونروا بظلالها على مختلف الجوانب الخدمية للوكالة وفي مقدمتها قطاع التعليم الأكثر تضرراً من هذه الأزمة، ما سينعكس بالضرورة على مخرجات العملية التعليمية، وقد يمتد تأثيره ليشكل عامل ضغط إضافي على وزارة التربية والتعليم فيما لو أفضت المساعي الأميركية والإسرائيلية المستمرة إلى إنهاء وجود الأونروا. التقرير المفصل المنشور في "الغد" مطلع هذا الأسبوع للزميلة نادية سعد الدين، يظهر حجم التأثير الكارثي على القطاع الناجم عن تقليص الأونروا لميزانية البرامج والمتوقع أن تشهد مزيداً من الإجراءات التقشفية، في ظل عجز مقداره 150 مليون دولار لهذا العام جراء القرار الأميركي بوقف تمويل الأونروا والمقدر بنحو 360 مليون دولار سنوياً. التحديات الرئيسة وفقاً للتقرير تتمثل في إشكاليات المباني المستأجرة غير الصالحة لاستخدامها كمدرسة، والاكتظاظ الطلابي في الغرف الصفية الحائل دون توفر الوقت اللازم للأنشطة الإثرائية واللامنهجية، إضافة إلى نقص المعدات والمرافق الضرورية كالمكتبات ومختبرات العلوم والحاسوب، نقص القرطاسية، وعدم تعبئة الشواغر من المعلمين والإداريين. إضافة لذلك فقد أدى استغناء الوكالة عن خدمات العديد من العاملين لديها كأذنة للمدارس تخفيضاً للنفقات، إلى تعرض مدارس عدة للاعتداءات أو تحولها لمكب نفايات أو لأوكار ليلية لممارسات اجتماعية سيئة. وقد حاولت الحكومة الأردنية ضمن الإمكانيات المحدودة التعاون مع الأونروا لحل جزء من المشكلات من خلال توفير أراض من خزينة الدولة لتقوم الوكالة بتشييد المدارس عليها، لكن المشكلة ظلت قائمة بسبب صعوبة حصول الوكالة على التمويل اللازم لتشييد تلك المدارس. كل هذه التحديات مرشحة للاستمرار والتزايد في حال استمرار التراجع في تبرعات الدول المانحة، الأمر الذي يثير كثيراً من المخاوف بشأن مصير نحو 121 ألف طالب وطالبة من أبناء اللاجئين في المملكة سيباشرون دوامهم الأسبوع المقبل في 169 مدرسة تابعة للأونروا، بعد حصولها على دعم محدود لبدء العام الدراسي لكنه غير كاف لضمان استمراريته، وكانت الأونروا قد لوحت أكثر من مرة بتأجيل العام الدراسي بسبب الأزمة. ذلك يعني بأن هذا العدد الضخم من الطلبة أو جزء منهم قد يفقدون مدارسهم في أي لحظة ويضطرون حينها للجوء إلى المدارس الحكومية التي تعاني بالأساس كثيراً من المشكلات الجسيمة والتحديات متعددة المستويات، ومن أبرزها مشكلة الاكتظاظ الطلابي في الصفوف والبنى التحتية المتهالكة، ما يرجح عدم قدرتها على استيعاب أزمة كهذه. التفكير ببدائل للتعامل مع هذه الأزمة المحتملة وإبقائها دائما في الحسبان في أي خطة أو برنامج للحكومة ولوزارة التربية والتعليم بوجه خاص أمر في غاية الضرورة، غير أن الخيارات، وللأسف الشديد، ليست متاحة أمام متخذي القرار في ظل ما يعانيه الأردن من مشكلات اقتصادية وعجز في الموازنة ومحدودية في الموارد تحول دون قدرته على التعامل مع أزماته القائمة أصلاً. إن استمرار التراجع في حجم التبرعات للأونروا، وعدم استجابة الدول المانحة لنداءاتها المتكررة، وحملها على تقليص خدماتها بغية الوصول إلى وقف أعمالها بالكامل سيكبد الأردن مسؤولية سد النقص الحاصل وذلك أولا بسبب حرصه على استمرار وجود الأونروا لإدراكه بأن إنهاءها يرمي إلى تصفية القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين من جهة. ومن جهة أخرى لكون الأردن هو الأكثر تضرراً من استهداف الأونروا بصفته أكبر الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين من حيث عددهم البالغ مليوني لاجئ 92 % منهم مواطنون أردنيون. ولكون قطاع التعليم هو الأكثر تضرراً من إجراءات التضييق على الأونروا، فستبقى على الدوام احتمالية أن يكون الأردن في مواجهة تحد كبير بهذا الخصوص احتمالية عالية ومربكة.اضافة اعلان