"إرهاب" حوادث الطرق

حوادث مرورية، بالآلاف تشهدها مُختلف مناطق المملكة، على مدار العام، وإذا كان هُناك بعض المسؤولين يخرج للحديث عنها، فإنه يكون على استحياء، غير مُقترن بحل أو حلول لمُشكلة أو ظاهرة باتت تُسبب أرقًا لصانع القرار والمواطنين على حد سواء.

اضافة اعلان

 

  مئات الأرواح تُزهق، سنويًا، بسبب الحوادث المرورية، فضلًا عما تُخلفه من إصابات، نسبة ليست بسيطة منها تتسبب بإعاقات واعتلالات مُستديمة لأصحابها.. كُل ذلك ويُرى بأن الوزارات والمؤسسات المعنية تُلقي باللوم أو المسؤولية على الأُخرى، وكأننا أما مد وجزر.


وشهدت مناطق المملكة المُختلفة 444 حادثا مروريا، يوميًا، خلال العام 2021، في الوقت الذي ما تزال فيه بيانات رسمية تُشير إلى أن الإنسان يُعد المُسبب الرئيس لهذه الحوادث، بنسبة 96.7 بالمائة من مجموع حوادث الإصابات، في حين شكلت الطرق 2.6 بالمائة، والمركبات 0.7 بالمائة.


لا أحد يشك في أن هُناك أزمة ثقافة بين نسبة كبيرة من سائقي المركبات، بشقيها الخصوصي والعمومي، لكن هُناك تأكيدات تؤشر إلى وجود خلل واضح فيما يتعلق بموضوع البنى التحتية للطرقات بشكل عام.. وما يؤكد صوابية هذه الكلمات، ما كشف عنه تقرير المجلس الأعلى للسكان، الذي يقول «إن 44.6 بالمائة من الأسباب الرئيسة للحوادث يعود إلى: مُخالفة المسارب (25.2 بالمائة)، مُخالفة الأولويات (10.6 بالمائة)، التتابع القريب (8.8 بالمائة)».


تلك النسب تكشف عن وجود أسباب أُخرى للحوادث، نسبتها تصل إلى 55.4 بالمائة، حتمًا تهالك الطرق أو الشوارع تقف على رأسها، خصوصًا إذا ما علمنا بأن الكثير من الطرق أو الشوارع لم يجر عليها أي تطوير أو تأهيل، يُناسب الزيادة التي حصلت في حجم السكان، والتي زادت خلال العقدين الماضيين، من ستة ملايين نسمة إلى 11.4 مليون في الوقت الراهن.


وللموضوعية والأمانة المهنية، فإن المركبات، والتي بلغ عديدها 1.8 مليون مركبة مُسجلة، لها نصيب أيضًا في التسبب بالحوادث المرورية، خصوصًا تلك التي يتلكأ أصحابها في إجراء صيانة دورية لها، بغض النظر عن سبب ذلك، أهو تكاسل أم لقلة المال.


والسبب الثالث في زيادة الحوادث المرورية، هو ذلك المُتعلق بعدم تنفيذ ما يجري وضعه من إستراتيجيات للنهوض بقطاع النقل وتطوير آليات حركة عمله، على أرض الواقع، وكأن كُل الخطط التي صيغت كانت عبارة عن حبر على ورق، أو وضعت في أدراج المكاتب، تنتظر من ينفض الغُبار عنها.


في حال لم يتم إعداد العُدة بشكل حقيقي وواقعي قابل للتطبيق، بلا تراخ أو مُهادنة أو مُحاباة، فإننا أمام «إرهاب» جديد يتعلق بحوادث الطرق، وخسائر فادحة في الأرواح وإعاقات، تعود بالويل على أصحابها وأُسرهم، ومن قبلهم الوطن.


إذا ما استمرت الزيادة السكانية على ما هي عليه خلال العقدين الماضيين، فإن عدد سكان الأردن سيصل إلى نحو 20 مليون نسمة بحلول العام 2040، وستشهد المملكة ارتفاعًا بأعداد المركبات يصل إلى 3 ملايين و960 ألف مركبة في العام نفسه، فيما بقي مُعدل الزيادة السنوية لعدد المركبات 220 ألف مركبة.


ذلك أمر يعني زيادة في أعداد ونسب الحوادث، التي باتت تدق جرس الإنذار، فهل من آذان صاغية؟.. وللمُتابع أن يتخيل كيف سيكون عليه الوضع في بلادنا، في حال بقيت البنى التحتية على ما هي عليه الآن، وخطط النقل بلا رؤية صحيحة سليمة، فإذا كانت تكلفة الحوادث المرورية قد بلغت 320 مليون دينار العام 2021، فكم ستبلغ في العام 2030؟.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا