الاتصالات بين الشركات والهيئة

سلامة الدرعاوي
سلامة الدرعاوي

يبدو ان حرب الأسعار بين شركات الاتصالات تحولت لخلافات كبيرة مع هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، من خلال ما نشاهده من تفاوت حاد في التصريحات التي أطلقت خلال الأيام الماضية بشكل مباشر وغير مباشر بين الجانبين.

اضافة اعلان


التصريحات والمواقف المتباينة بين هيئة تنظيم قطاع الاتصالات والشركات تُظهر الاستياء والقلق من جانب الشركات من جهة، وهناك نفي وتوضيحات من الهيئة تشير إلى وجهة نظر مختلفة تماما حول القضايا المطروحة من جهة أخرى.


هذا الخلاف يستلزم نهجاً موضوعياً وحيادياً يأخذ بعين الاعتبار مصالح كل من الشركات والهيئة، وكذلك مصالح المستهلكين، ويُركز على البحث عن حلول تعكس الرغبة المشتركة في تحقيق التقدم والازدهار في القطاع، دون المساس بالاستقرار والنمو المستدام للشركات وجودة الخدمات المقدمة للمستهلكين.


الهيئة، في بيانها الأخير، تنفي الزيادة الكبيرة في الضرائب على الشركات، وتؤكد أن هناك نمواً معقولاً في إيرادات الشركات رغم "حرب الأسعار"، ومن جهة أخرى، ترى الشركات أن الأعباء المالية والضريبية الحالية تعرقل النمو والابتكار، وتشير إلى الدور الكبير الذي يلعبونه في دعم الاقتصاد الوطني والمجتمع عبر الضرائب والمسؤولية الاجتماعية.


وفيما تقدم، نجد ان الخطورة تكمن في ظهور الخلاف إلى العلن، وهو ما يمكن أن يؤثر سلباً على القطاع ككل، هنا يصبح من الضروري إيجاد حلول توفر بيئة ملائمة للاستثمار والتطوير، دون الإخلال بالاستقرار المالي للشركات.


قطاع الاتصالات في الأردن يواجه عبئاً ضريبيا ثقيلاً، حيث يدفع 24 % ضريبة دخل، 2 % مساهمة وطنية، 1 % للمرئي والمسموع، 16 % ضريبة مبيعات،
26 % ضريبة خاصة، 6 % مشاركة بالعوائد، و10 % مشاركة بالعوائد على الجيل الخامس، هذا بالإضافة إلى 2000 دينار كتكلفة ترخيص لكل برج جديد.


هذه الأعباء الضريبية والمالية تؤثر في قدرة الشركات على الاستثمار والتطوير، إضافة إلى أسعار ترخيص الترددات المرتفعة في الأردن مقارنة بدول أخرى، وتكلفة تجديد التراخيص والتراخيص الجديدة التي تجاوزت 500 مليون دينار في الخمس سنوات الماضية، تصبح الشركات أمام تحديات كبيرة للحفاظ على النمو والربحية.


الشركات بالفعل تقدم مساهمات ضخمة إلى الخزينة، حيث يتم توجيه أكثر من 300 مليون دينار سنوياً إلى الخزينة من المسؤولية الاجتماعية والضرائب.


ومن هنا لابد من الهيئة وشركات الاتصالات العمل معا للتوصل إلى حلول متوازنة تحقق الاستقرار والنمو في القطاع، وتوفر الفرصة للشركات لتحقيق الربحية والتنمية المستدامة، في حين تحمي مصالح المستهلكين.


ولا بد من العمل على إنشاء قنوات حوار فعّالة ومفتوحة بين الطرفين لمعالجة القضايا المستجدة والعمل على تطوير سياسات واضحة وشفافة ترعى مصالح الجميع.


وينبغي أن تتمثل الغاية الأسمى في تحقيق التوازن بين الرغبة في النمو والتطوير وبين الحفاظ على جودة واستدامة الخدمات المقدمة للمستهلكين.


من الضروري إيجاد حوار بناء يتيح فحص المشكلات الحالية واستكشاف الحلول الممكنة، ويجب على الحكومة وشركات الاتصالات العمل معًا لإيجاد سبل لتحسين بيئة الاستثمار والتخفيف من العبء الضريبي على الشركات، مع الحفاظ على مصالح الدولة.


لتحقيق هذا، يمكن التفكير في إعادة النظر في بنية الضرائب والرسوم المفروضة على شركات الاتصالات، واستكشاف فرص التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطوير البنية التحتية وتقديم خدمات اتصالات أفضل وأكثر توفيرًا للمستهلكين.

 

كما يجب تشجيع الابتكار وريادة الأعمال في قطاع الاتصالات لتحفيز النمو والتنافسية. 


هناك حاجة ماسة لإعادة النظر في السياسات الحالية والبحث في إمكانية تقديم تسهيلات وتحفيزات للشركات لتشجيع الاستثمارات والابتكار، مع الحفاظ على تحقيق العائدات الضريبية المناسبة للحكومة. 


الحل يكمن في الحوار المفتوح والبناء بين الحكومة وشركات الاتصالات لتحقيق توازن مستدام بين المصالح المتعددة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا