التعليم ليس بخير

في كل يوم ازداد قناعة أن هناك من يعمل على تخريب التعليم في الأردن عن سابق تصميم وتخطيط.
ربما ليس التعليم وحده، فقد رأينا الكثير من التخريب في الإدارة العامة جميعها، واستطعنا أن نؤشر إلى فجائع كثيرة حدثت من دون أن نتمكن أن نرصد بالضبط من المسؤول عنها.اضافة اعلان
لكن التعليم أمر مختلف تماما؛ ففي بلد تنقصه الموارد الطبيعية مثّل التعليم على الدوام كنزا ونفطا لهذا البلد الذي كان قادرا دائما على تعليم أبنائه وتأهيلهم، وتصدير تلك الطاقات إلى العديد من البلدان، خصوصا دول الجوار، للمساهمة في بناء وتقدم وتنمية تلك البلدان.
اليوم لم يعد الأمر كذلك، فالتعليم الأردني لم يعد بخير!
على مؤشر دافوس لجودة التعليم ما يزال الأردن يحجز درجة متدنية، حيث يحل في المرتبة 45 عالميا، بينما استطاع العديد من الدول العربية أن تسبقه، وبعضها دول احتاجت لخبرات أبنائه من أجل نهضتها، وهي اليوم بغنى عن تلك الجهود بسبب تقدمها.. وتأخرنا.
من الجيد أن نرى دولا عربية استطاعت خلق نموذجها الخاص والتقدم في مؤشرات جودة التعليم مثل قطر والإمارات ولبنان مثلا، فهذا أمر يشعرنا بالفخر. ولكننا لا بد أن نشعر بالحزن ونحن نرى تراجع الأردن عاما فعاما، ونحن نتساءل عن الأسباب التي منعته من تطوير نموذجه الخاص في هذا السياق ليجعل من التعليم عملية دائمة التطور، وليصنع نموذجا مستداما كما فعلت فنلندا وسنغافورة، واليوم تتبعهما دول عربية عديدة؟
قلت إنني أشعر أن ثمة من يحاول تخريب التعليم عامدا. هذا أمر ليس مستهجنا بعدما رأينا التخريب في جميع مجالات الحياة الأردنية. رأينا كيف تم بيع مؤسسات الدولة باسم الخصخصة من غير أن يستفيد الوطن شيئا، ورأينا كيف أن السياسات الحكومية ظلت على الدوام قاصرة عن انتهاج طريق تستطيع فيه أن تبني دولة الإنتاج، وأصرت على ذات الريعية في الوقت الذي لم يعد بمقدورها تقديم شيء لرعاياها.
رأينا كيف أن الأقوال تسيدت المشهد جميعه، في الوقت الذي غابت فيه الأفعال تماما، فأغرقت المواطن في دوامة الفقر والبطالة والمديونية، لتتسيد السلبية المشهد برمته، وليصبح المواطن عاجزا عن النظر بأي إيجابية لأي خطوة حكومية حتى لو كانت في الاتجاه الصحيح.. ثم بعد ذلك يسألون: لماذا لا يصدقوننا!!!
اليوم.. نرى آخر القلاع الأردنية في طريقها للانهيار: التعليم، ومع ذلك فإننا لا نرى أحدا يدق جرس الإنذار، بل نراه مجرد خبر صغير ليس ذا أولوية في وسائل الإعلام. ونرى الساسة الطيبين ذاتهم يعقدون المؤتمرات الصحفية من أجل أن يخبرونا بنجاح جهودهم في الحصول على قرض جديد يزيد من أغلالنا، ويزيدنا بعدا عن التنمية الحقيقية التي يفترض أن ننطلق بها من حاجاتنا الحقيقية.
إن سمحنا بأن يستمر التعليم في هبوط جودته، فلن ينفعنا شيء بعده، ولن نستطيع أن نقدم للأجيال القادمة ما تنافس به في هذا العالم!