من حسن الحظ أن الأولين نقلوا لمن بعدهم تراث التخفيف من تداعيات التغير المناخي، حيث كانوا يحرصون على تقليل استهلاك الماء والكهرباء، من خلال متابعة إطفاء الأضواء وعدم الإسراف في استهلاك المياه لأسباب إما اقتصادية حيث الفاتورة مرهقة لذوي الدخل المحدود، أو للمحافظة على المخزون المائي المنزلي الشحيح، وهي ممارسات أصبحت مفقودة في سلوكيات الأجيال الحالية، ولقد ساهمت هذه الممارسات الصحية بلا شك في تقليل وتأخير تداعيات الاحتباس الحراري في كثير من دول العالم النامي.
الموضوع ليس ترفيا، حيث تداعياته خطيرة على الأمن الغذائي وارتفاع أسعار الغذاء عالميا وتزايد حركة النازحين واللاجئين من مناطق الأزمات بسبب الجفاف والتصحر، كذلك ارتفاع معدلات الصراعات والحروب بسبب الاقتتال على الموارد إضافة إلى أن التغيرات المناخية تهدد الأمن القومي للدول، ولذلك فإن ضحايا التغيرات المناخية لا تقل عن ضحايا الحروب والصراعات العسكرية.
في الأردن سياحياً جاذبية الأردن تتركز في فترات الصيف والربيع وها نحن في أيلول وما تزال هناك موجات من الحر هنا وهناك، فإذا أصبحنا من الدول التي تعاني من الاحترار والتلوث بسبب الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، بجانب الاستهلاك المفرط للديزل دون صيانة دورية، فإن ذلك سينعكس سلبا على استقطاب السياحة الإقليمية الأوروبية.
أردنياً واستعداداً لكوب القادم في دبي، علينا الالتزام بالجدول الزمني الخاص بتنفيذ مبادرات التكيف المتعلقة بالتغير المناخي ضمن محاور الزراعة والسياحة والنقل والنفايات، ومطلوب من دول العالم ذات البصمة الكربونية العالية أن تبدأ في دفع التزاماتها لتعويض الدول المتضررة من اللاجئين من جهة، ومن بصمه الكربون التي هي أهم ملوثات المناخ من جهة أخرى.
على مستوى الشركات والجهات الحكومية فإن أفضلها، وفق الممارسات العالمية، يطلق عليها (ESG) أي المراعية للجانب البيئي والاجتماعي والحوكمي، وفي تبنينا لهذه التحولات توليد للفرص الاقتصادية ومساهمة في خدمة المجتمع وفيه تقليل للكلف، حيث أن الشركات التي تهتم بالأداء البيئي بحيث تقل مخرجاتها من ثاني أكسيد الكربون، كما تهتم بالأداء المالي أي يرتفع لديها العائد على الموجودات، بمعنى إذا زاد الأداء المالي كما الأداء البيئي وهما متلازمان ضروريان، يؤدي إلى إقبال من المستثمرين على أسهمها ومنتجاتها، وتكون موضوع احترام المستهلكين لأنها تحافظ على صحتهم وتحقق لهم مردودا ومساهمة مجتمعية جيدة.
في مجالات الطاقة هناك اهتمام بالطاقة المتجددة من شمس ورياح وإدخالها في خليط الطاقة الأردني المحلي، حيث أن إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة حاليا 27 %، والهدف وفق معلومات وزارة الطاقة الوصول إلى 50 % في العام 2030.. وللحديث بقية.
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا