غسان الطالب*
مع التطور السريع الذي يشهده الاقتصاد العالمي وخاصة تلك التحولات الرقمية في القطاع المصرفي والأسواق المالية، تولدت لدينا الحاجة لابتكار أدوات مالية جديدة تؤدي وظائف تمويلية جديدة ومتنوعة ثم تطوير وسائل إدارتها، بهدف تحقيق الكفاءة في المنتجات المالية الإسلامية الفاعلة وتطويرها بما يتلاءم والاحتياجات المالية المتنوعة والمتجددة والفلسفة المالية الإسلامية، إذن لا بد من تحديد الأسس التي يجب توافرها لمعرفة كفاءة هذه المنتجات المالية ومدى فاعليتها واستجابتها لمتطلبات التمويل الإسلامي وانسجامها مع المعايير الشرعية. وحتى نصل إلى الهدف المرجو منها، فإننا نتوقف عند بعضها للإشارة إلى أهميتها على النحو الآتي:
- الالتزام بمبدأ الإفصاح المحاسبي، والأخذ بجميع معاييره والتي من شأنها أن تجنب المصرف العديد من المخاطر، التي قد تتسبب بها الأخطاء المحاسبية، إضافة إلى موضوع الثقة التي تتولد لدى العملاء عند التزام المصرف بمبدأ الإفصاح المحاسبي.
- توفر المصداقية في كل ما يطرحه المصرف من أدوات مالية وملتزمة بمبدأ الشفافية وفي كل تعاملاته، حيث لا تكون هناك فجوة بين العملاء والمصرف تفقدهم الثقة به، وبالتالي ستتأثر قدرة المصرف على جذب الودائع أو توظيفها وانعكاس هذا على دوره التمويلي أو مساهمته في تنمية الاقتصاد الوطني.
- الالتزام بالجانب الشرعي، ويتأتى هذا من خلال وجود هيئة الرقابة الشرعية التي تعطي رأيها في جميع عمليات المصرف ومدى انسجامها مع أحكام الشريعة الإسلامية، حيث يسعى العميل دائما للتأكد من أن وديعته أو استثماره مع المصرف ضمن المعايير الشرعية، وأن فاعلية العمليات أو الأدوات المتبعة من قبل المصرف تقيم بمدى التزام المصرف بالجانب الشرعي وتطبيق معاييره.
- مدى تحقيق المصرف للكفاءة الاقتصادية، حيث تبرز هنا قدرة المصرف على الاستجابة لاحتياجات الاقتصاد الوطني وذلك من خلال الأدوات المالية التي يطرحها لجمع المدخرات ووسائل استثمارها، وبقدر ما تكون هذه الأدوات فاعلة في جمع المدخرات وتوظيفها ستكون رسالة المصرف فاعلة وتؤكد قدرته على تأدية وظائفه الاقتصادية مثل تقديم التمويل للمشاريع الاقتصادية ذات الأهمية للمجتمع، والتي تعمل على إحداث تنمية اقتصادية تساهم في زيادة الدخل القومي للبلد.
- تحقيق المصرف للكفاءة الاجتماعية، فالمصارف الإسلامية لها رسالة اجتماعية ودور أخلاقي في المجتمعات التي تتواجد فيها، فمن خلال كفاءة الدور الاقتصادي يمكن لها توظيف أيد عاملة وتقلل من عبء البطالة على المجتمع، كما تساهم في جمع وإدارة صناديق الزكاة، كذلك مدى اهتمامها بالتمويل الإسلامي الأصغر وتمويل المشروعات الصغيرة والتي تنعكس نتائجها مباشرة على الأسرة وتساعدها على توفير قدر ولو بسيط من الدخل.
إن الأدوات المالية الإسلامية المتبعة قادرة على أن تغطي مبدئيا بعض أوجه التمويل في الاقتصاد المحلي، لذا عليها أن تبادر إلى وضع استراتيجية للابتكار وتطوير القائم لديها لكسب المزيد من السوق المصرفية العالمية، ويتطلب ذلك أن تولي أهمية أكبر للبحث العلمي المتخصص في هذا المجال للرفع من كفاءة وفاعلية الأدوات المالية الموجودة.
إننا على قناعة تامة بأن المصارف الإسلامية وحتى ترتقي في المنافسة على المستوى العالمي، لابد لها من اختيار منهج الابتكار والتجديد وطرح أدوات مالية تناسب التقدم الاقتصادي الذي يشهده العالم، قادرة أن تواجه مشاكله التمويلية مع الالتزام بأحكام وفلسفة الشريعة الإسلامية، مع إيماننا القوي بأن المصارف الإسلامية تمتلك عناصر القوة التي تؤهلها لذلك ولديها القدرة على الاستفادة من التطورات العلمية والتكنولوجية المتجددة والمتسارعة، لتأكيد الدور المستقبلي للصناعة المالية الإسلامية، وتمسك بزمام المبادرة لتوجيه بوصلة المصرفية الإسلامية باتجاه المكانة العالمية التي تستحقها.
*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا